أنفاس الحروف

بقلم…. هدى عبده
حين خطوتِ إلى صمتِ الرفوف
ارتجفت المدادُ كأنه يعترفُ
شهقت الكتبُ، وتفتّحت أبوابها
كأنّها منذ الدهر تنتظرُ من يُشرِفُ
تسيرين… والنسيم ينحني خجلاً
ويفرشُ خطاكِ بالندى ويكتنفُ
في عينيكِ سرٌّ ليس يشبه ضوءنا
بل نورُ كونٍ في الخفاء يتلهّفُ
مددتِ يديكِ إلى غلافٍ عتيق
فأفاقَ فيه الحرفُ والبوحُ يقترفُ
وتناثر التاريخ بين أصابعكِ
كأنّه طفلٌ بحضنِ أمٍ يعترفُ
جلستِ… فأصغت كل روحٍ خاشعاً
كأنّكِ قرآنُ الجمال يُرتجَفُ
تقرؤكِ الأبصارُ قبل حروفها
وتُصغي القلوبُ لنبضكِ فتكتشفُ
تتهادى الصفحاتُ مثل أغنية
يُعانقها الصدى وتُترجمها الصحُفُ
ومن حولكِ الأرواح صارت شاعراً
تكتبُكِ، في كل سطرٍ تنعطفُ
رآكِ الغريبُ كمعجزةٍ عابرة
وظنّكِ العارفُ لوحَ ضياءٍ يُحتَفُ
ومنذ خطوكِ غدوتِ مفتاحَ الهدى
وفي مداكِ الأدبُ يسمو ويختلفُ
إن غابت الأيامُ… ظلّت سيرتكِ
نوراً يُضيءُ إذا الزمانُ ينحرفُ
تمضينَ، لكن في القلوبِ حكايةٌ
تورِقُ، ما دام الوجودُ ويزدهفُ
يا من أتيتِ كدعوةٍ للكون كي
يرقى إلى سرّ السماوات ويشغَفُ
فلتشهد الصفحاتُ أنّكِ شعلةٌ
تُبقي الحياةَ، وإن ترابٌ يلتفُك
أنفاس الحروف



