أخبارالسياسة والمقالات
أولئك آبائي فجئني بمثلهم صفحات مشرقة من حياة التابعين
بقلم د/ محمد بركات
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين وبعد:
سطرت كتب التاريخ والسير صفحات مشرقة من حياة التابعين ، والتابعين خير القرون قال الحبيب المصطفى -صلى الله عليه وسلم-: “خَيْرُ أُمَّتي قَرْنِي، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ”،[رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عمران بن الحصين، الرقم: 3650، صحيح. ]
فهم بحق من خير العصور والأزمان وهم أفضلها ، فإنك تجد نفسك إلي ما قدموا من أمور عظيمة لا تملك نفسك أمامها إلا مذهولًا مشدوهًا من عظمة أصحابها ونُبل أخلاقهم وعظيم صفاتهم وأدبهم ، ولا عجب في ذلك فهم الجيل الذي تربى على يد أصحاب محمد -صلى الله عليه وسلم-.
ومن هذه الصفحات المشرقة والعبرات الصادقة:
قدم التابعي الجليل عروة بن الزبير إلى الشام وفي طريقه إليها أصابه مرض في رجله أدى إلى تأكلها، فاستدعى له عبد الملك بن مروان أفضل الأطباء لمعالجته وتخليصه مما أصابه.. يا الله
إلا أنهم قد أجمعوا على ضرورة بتر الرجل كي لا ينتشر المرض إلى باقي أعضاء الجسم، وعزموا أن يسقوه شرابًا يُذهب العقل كي لا يشعر بالألم عند القطع ولكنه -رضي الله عنه- رفض ذلك وأشار عليهم بأن يقطعوها وهو يصلي وكان ذلك، فلم يرتجف عروة ولم يختلج وإنما بقي صابرًا قويًا يتلقى قدر الله بقلب واثق ونفسٍ صابرة.
و دخل رجل على عبد الله بن المبارك -رحمه الله- فوجد في وجهه أثر الضر، وعندما خرج أرسل له ابن المبارك أربعة آلاف درهم، وفي هذا دلالة كبير على سماحة نفسه وسعة عطائه ورأفته بالناس واهتمامه بهم.
وقد ذكر العلماء رحمهم الله أن ناسًا في المدينة كانوا لا يعلمون من أين يأتيهم قوتهم، فلما مات علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب -رحمه الله- فقدوا ما كانوا يجدون، فهذا طرف يسير جدًا في مواقف من حياة التابعين وآثارهم، فالكتب مليئة بالكثير الكثير من مثل هذه المواقف والدروس المعبرة عن فضل التابعين وعظيم أخلاقهم -رضي الله عنهم أجمعين.
انتبه لنفسك..لحياتك..لأعمالك بعدنا وبعدت المسافات عن ذكر هؤلاء الصادقين.
اللهم اغفر لنا ذنوبنا وكفر عنا سيئاتنا وتوفنا مع الأبرار.