إتفاقات التخدير للشعوب

69

بقلم طه الظاهري
في مثل هذا اليوم 13/سبتمبر/1993
وقعت السلطة الفلسطينية مع الكيان الصهيوني الغاصب ما يُسمى بإتفاق أوسلو.
كان عنوان هذا الاتفاق وشعاره هو مبدأ الأرض مقابل السلام.
لكن الحقيقة أنه لم يتحقق السلام وضاعت الأرض.
فمختصر ما حدث بعد توقيع رئيس السلطة الفلسطينية ياسر عرفات للإتفاق ، هو تنصل مبرمج للكيان الصهيوني الغاصب من جميع إلتزاماته، حيث بدأ بتقويض وتحجيم نفوذ السلطة الفلسطينية والزحف على أراضيها بزراعة عشرات المستوطنات وزرع الخلاف بين الفلسطينين انفسهم حتى انفصل قطاع غزة بسلطة قائمة لا تتبع السلطة الفلسطينية في رام الله.
تضاءلت أراضي السلطة الفلسطينية وتضاعف عدد المستوطنات التي التهمت أجزاء كبيرة من الضفة الغربية، حوصرت غزة مرارا وقصفت وضاعت أحلام إقامة الدولة الفلسطينية تحت وقع هرولة دول التطبيع.
اليوم منذ عامين الوسيط العماني جاء بنفس الصفة التي جاء بها وسيط أوسلو.
إتفاق الهدنة مع سلطة المجلس السياسي الأعلى في صنعاء كان عنوانها الهدنة مقابل الملف الإنساني (فتح المطار والميناء والطرق وصرف المرتبات إطلاق سراح الأسرى)
عامان من الهدنة انقضيا وانتصف الثالث، ومازال تأثير المخدر العماني سارياً، صفقة تبادل أسرى يتيمة واحدة بائسة أفرج فيها عن بضع مئات من اليمنيين من الطرفين وكان الأهم هو إطلاق الأسرى السعوديين والأجانب، وبعدها صمت الجميع عن الحديث عن هذا الملف، كما صمتت لغة الأرض مقابل السلام.
الرحلات من المطار أصبحت ثلاثا في الاسبوع بدلا عن ست رحلات قبل الهدنة والتخدير.
الميناء يعمل وفق تبادل المصالح بين رؤوس التجارة والإستثمار الكبرى في البلد ولا فائدة مرجوة للشعب منه.
اما مسألة حصر الموارد وتوحيدها وتسليم المرتبات فقد خفتت الضوضاء التي صاحبت انطلاقة الهدنة حولها حتى ساد الصمت المطبق والمخزي ليخرج رئيس المجلس السياسي في صنعاء قبل أشهر ليعلن أن المباحثات حول المرتبات عادت إلى درجة الصفر قبل ستة أشهر من تصريحه ذاك.
أما الطرف الآخر فقد أحسن وأبدع وتفنن في إستثمار الهدنة
فقد أستغلت الدول الخليجية الهدنة والتزام صنعاء بسلامة خطوط انتاج وتصدير النفط لتقوم الامارات والسعودية باستثمار الحرب الأوكرانية واتباع سياسة نفطية رفعت أسعار النفط الى حدود خمسة وثمانين دولار للبرميل محققة ارباح قياسية وتلوح بعصا خفض الانتاج كلما تعرضت للضغوط الأميركية.
كذلك انتعشت البيئة الاستثمارية في هذه الدول وحققت قفزات اقتصادية كبيرة بينما صنعاء تقف كحارس مجبرة على حماية هذه الانجازات بينما يعيش الشعب اليمني حالة الحرمان والفقر والبطالة.
وداخل اليمن خلال الهدنة استمرت دول التحالف السعوإماراتي بتنفيذ مخططاتها في. المناطق التي يسيطر عليها الموالون لها وتحت نفوذها، مقدمة الدعم العسكري والتسليحي والمالي وإنشاء المجاميع والكيانات التابعة لهما.
هكذا ستمر سنوات التخدير على الشعب اليمني ، وكما خرج مسؤول في صنعاء ليرد على المطالبات بضرورة حل مشكلة المرتبات ويقول أن العدو أبدى استعداده لمناقشة موضوع المرتبات معتبرا هذا إنجازا ونصرا للسلطة في صنعاء.
فأرة أنه لن يكون مفاجئا إذا خرج غدا يخاطب الشعب مدافعا عن إتفاق الهدنة المجانية باعتباره إنجازا أيضا، وسيدعوا الشعب. إلى المحافظة على الهدنة واستمراريتها.
فهل تقوم السعودية بتطبيق طريقة إتفاق أوسلو على الشعب اليمني مكررة نفس التجربة التي يعيشها الشعب الفلسطيني مع الإحتلال.
وهل يظن القادة أن الشعوب بلغ بها الجهل والتسطيح والحمق والغباء انها لا تدرك ما يدور حولها وما تدبر من مهازل ومؤامرات.
وهل الشعب حقا في درجة من السذاجة حتى لا يدرك أنه تحت تأثير المخدر العماني المشؤوم.