في كل مولد نبوي شريف، تتحول شوارع الإسكندرية لكرنفال من البهجة والروحانية. مش بس أنوار وزينة، لكن كمان كرم أصيل بيجري في عروق الناس. هناك، في عروس البحر المتوسط، تلاقي أهاليها طالعين بصواني مليانة أكواب شربات أحمر بارد، وعليه قطع موز طرية، يوزّعوه بابتسامة ولسان حالهم يقول: “صلّوا على النبي”
المشهد مبهج: أطفال بيتسابقوا ياخدوا الكوباية، شباب واقفين يخدموا ويقدموا للمارّة من غير ما يعرفوهم، وستات كبار بيفرحوا إن العادة دي لسه مستمرة من جيل لجيل. حتى على الشواطئ، بين صوت الموج وضحكة المصطافين، تلاقي الخير ماشي على رجلين، والكرم الإسكندراني في أبهى صورة.
الأجمل إن الشربات بالموز مش بيتوزع للمسلمين بس، لكنه عادة مصرية أصيلة بتجمع الكل. المسلم والمسيحي بيشربوا من نفس الكوباية، يتبادلوا الدعوات والضحكات، وكأن الفرحة رسالة حب سماوي نازل على المدينة كلها.
العادة دي بقالها سنين طويلة، موروثة من أهل بحري والمنشية لحد سيدي بشر ومحطة الرمل، ومع كل جيل بتثبت إن المصريين يعرفوا إزاي يفرحوا ببساطة، ويفرحوا اللي حواليهم معاهم.
الإسكندرية في المولد النبوي بتدي درس للعالم كله: إن الفرح مش بس طقوس، لكنه كرم، ولمّة، وروح بتتشارك. مشهد الكوباية الحمراء وعليها شريحة موز صغيرة يمكن يبان بسيط، لكن جواه رسالة كبيرة: الحب يجمعنا في حضرة الحبيب المصطفى ﷺ.
جمال العادة: شربات بالموز في شوارع الإسكندرية
الطقوس والبهجة
في كل مولد نبوي، يخرج الأهالي إلى الشوارع بعد صلاة المغرب، حاملين صواني مليانة أكواب شربات أحمر مضاف إليها قطع موز، ويوزعوها بابتسامة وعبارة “صلي على الحبيب” أو “كل سنة وأنت طيب” .
العادة مش محصورة في يوم أو منطقتين بس — بتنتشر في كل نواحي الإسكندرية، من الأحياء الشعبية لراقية الشواطئ .
وحدة وطنية ومحبة بلا حدود
الموز والشربات يتوزعوا على كل الناس، مسلمين ومسيحيين، من دون تمييز. بيقول أهالي المنشية: “الكل شرب منه… المسيحيين نفسهم تعودوا وينتظروه كل عام” .
كيرلس أحد المسيحيين شارك بنفسه في التوزيع، منطلقًا من حب المصريين لبعضهم ومتحدين في الفرح .
أصل العادة وتاريخها في الكوزموبوليتانية الإسكندرانية
ترجع بداية الاحتفال بالمولد النبوي إلى العصر الفاطمي، لكن توزيع الشربات بالموز — كطقس مميز — بدأ مع الكوزموبوليتانية التي كانت تسمي الإسكندرية “بيت العالم”، حيث الجاليات الأجنبية كانت تحتفل بطرق مختلفة. لذا أراد السكندريين يوصلوا تميزهم بطقوس مصرية أصيلة .
بعض الروايات حتى تربط العادة بعودة سعد زغلول من المنفى، وأن الجيران في منطقة الجمرك احتفلوا فابتدعت هذه الطقوس كجزء من الفرح الجماعي .
الطابع الشعبي الموروث عبر الأجيال
السكان في المنشية وصفوا أنهم شاهدوا هذا التقليد منذ طفولتهم، ومن زمان — يعني العادة استمرت من جيل لجيل .
وفي تقارير أخرى، ذُكر أن توزيع الشربات بالموز والأرز باللبن مستمر حتى لشهر كامل في ربيع الأول، مما يدل على عمق وانتشار هذه الفرحة .
في كلمات بتلمس القلب…
“زبائن الشربات الساقع بالموز غير محدد فالكل يشرب منه مسلمين ومسيحيين… الكل مصريين.”
“بدأ شباب الإسكندرية في توزيع الشربات بعد صلاة المغرب طوال الأيام الثلاثة … يخرج مجموعات من كل منطقة شعبية لتوزيع الشربات بالموز … فالكل يشرب في حضرة المصطفى صلى الله عليه وسلم.” — من منطقة المنشيه كل مسيحى “قرر خوض التجربة… مشاركة جيرانه من المسلمين فرحتهم بالمولد النبوي الشريف… تجسيدًا لكون المصريين مسلمين ومسيحيين شعب واحد…”
خلاصة الحكاية
عادة توزيع الشربات بالموز في الإسكندرية مش مجرد تقليد؛ إنها رسالة سلام ووحدة ومحبة تتجسد في لحظة سمو روحي. مشهد شباب وأهالي يوزعون مشروب بارد عليه قطع موز، وسط الشوارع المضيئة بالزينة والأنوار، ويقولون لك “صلي على النبي” — كان ولا يزال أبلغ تعبير عن الفرح الجماعي وتآخي القلوب.