أخبارالسياسة والمقالات

اغنى رجل عرفته البشرية في العالم

كتب-ياسرصحصاح
حينما ابادرك بالسؤال : من أغنى رجل بالعالم ؟ على الفور سيتبادر إلى ذهنك بل جيتس مثلا ، أو حتى الوليد بن طلال أو غيرهما من رجال الأعمال ، ولكن الإجابة قد تكون غير صحيحة ، لان العلماء صنعوا شخصا اخرا على أنه اغنى رجل في العالم على مدار التاريخ كله ، فهو حكم إمبراطورية بالصدفة ، كانت تحت يده عدد من الدول يحكمها ويتحكم فيها ، كان يمتلك جبالا من الذهب الخالص والملح ، وعاصمة مملكته أطلق عليها عاصمة الذهب ، فجهزت الجيوش لغزو مملكته ، كما أنه جهز هو أيضا الجيوش لاستكشاف العالم ، ويقال إنه أو ل من اكتشف امريكا ، وكانت بعثاته قبل كريستوفر كولومبس بسنوات طويلة، جهز رحلة الحج اعتبرها العلماء انها اغرب رحلة حج في التاريخ .
انه المنسا/ ابوبكر الثاني ، الذي حكم إمبراطورية مالي ( المنسا .. لقب معناه : ملك الملوك ، وليس اسما ) ، حيث أن إمبراطورية مالي في القرن الأربعة عشر كانت تضم مالي وموريتانيا ، ونيجيريا ، والسنغال ، وجامبيا ،و غينيا ، وبوركينا فاسو،و النيجر ، وتشاد. كما قرر المنسا ابو بكر الثاني أن يخرج في رحلة إلى المحيط الاطلسي على رأس مائتين من السفن والفين من الزوارق لاستكشاف اي بلدان أخرى لا يعرفها ليستوطنها وينشر الإسلام فيها ، كان ذلك في عام 1311م ، قبل رحلة كريستوفر كولومبس بمئتي سنة تقريبا ، حيث أكد كريستوفر في مخطوطة كتبها بيده أن الأفارقة سبقوه في اكتشاف قارة امريكا، بدليل أن سكان أمريكا الاول تعلموا كيف يصهرون الذهب ويخلطونه مع معادن أخرى ، كما يقال إنه المكتشف الحقيقي الاول لامريكا، ولعل امتهان مهارة تشكيل الذهب هذه صناعة أفريقية خالصة ، وليس من المعقول أن يكون سكان أمريكا الأصليين قد عرفوا واتقنوها بهذه الطريقة ، والغريب أن رحلة امبراطور مالي لم يعد منها سوى سفينة واحدة فقط ، حيث قال قائدها : لقد ابحرنا الى أن وصلنا الى منتصف المحيط ، فدخلنا إلى مكان أشبه بالنهر وفيه قوة المياه تجرفنا بشدة ، فاختفت السفن تدريجيا ولم استطع رؤية أحد لاحقا ، وعندئذ أثرت العودة من حيث ذهبت لأعود سالما . وكان الامبراطور قد أناب عنه قبل خروجه في حملته الاستكشافية المنسا موسى ، ورغم أن الامبراطور سوندينت هو مؤسس إمبراطورية مالي ، إلا أن المنسا موسى هو الأشهر والانجح ، حيث استطاع أن يصل بها إلى مكانة عظيمة بين دول وامبراطوريات العالم ، وأقام من العلاقات الدبلوماسية المتينة مع دول العالم استطاع من خلالها تقوية نفوذ ومكانة امبراطوريته، مثل المملكة البرتغالية، والدورة المملوكية والدولى الحفصية ، والمملكة المريانية وغيرها الكثير ، حتى سميت فترة حكمه لامبراطورية مالي بالعصر الذهبي لمالي ، (رغم أنها الان تعتبر من الدول الفقيرة على مستوى العالم ) ، مالي التي كانت تعيش على جبال وبحار من الذهب والملح ، حيث استطاع المنسا موسى استخراج الذهب وإنعاش تجارة الملح مع جيرانه، ولذا فقد كانت مالي من أغنى الممالك في وقتها، إلا أن الرياح قد تأتي بما لا تشتهي السفن . مرضت ام المنسا موسى وماتت بخطأ غير مقصود من ابنها موسى حسب ماقاله العلماء والمؤرخون ، فيدخل الابن الامبراطور في حالة نفسية صعبة تؤثر عليه وعلى امبراطوريه ، وفشل العلماء والأطباء ورجال الدين في علاجه ، فطلب منهم النصح ، فنصحوه بالحج والانفاق على الفقراء والمحتاجين بصدقات كثيرة ليكفر عما فعله وتسبب في وفاة أمه ، ففي 1324م جهز الامبراطور اكبر رحلة الحج في التاريخ 60 الف حاج ، منهم 12 ألفا من الخدم يرتدون الحرير ويمسكون عصيا من الذهب لرعاية الخيول فقط ، ويتحمل جميع النفقات امبراطور مالي ،وفي هذه القافلة ثمانين جملا ، كل جمل يحمل من 50: 300 رطل من الذهب لتوزيعها على الفقراء والمحتاجين ، حتى الأمراء والأعيان وعامة الناس ، فكان كلما مر على مدينة وزع فيها من الذهب على كل من لقيه في طريقه ، والمدينة التي يمر فيها يوم جمعة يبني فيها مسجد للصلاة ، لدرجة أن كل مدينة مر بها كالقاهرة أو المدينة المنورة مثلا اختل فيها الميزان الاقتصادي الذي استمر مايقرب من العشر سنوات بسبب ماوزعه من الذهب فيها فاير ذلك على الاقتصاد وخفض من قيمة الذهب فيها ، وارتفعت أسعار السلع في البلاد التي مر فيها ، كما حدث تضخما اقتصاديا شديدا بسبب كثرة ماوزعه من الذهب ، وحينما وصل للقاهرة اقترض جميع مافي سوق الذهب من قطع ذهبية سعر فائدة عال جدا ، الأمر الذي جعل رجلا واحدا يتحكم في سوق الذهب لأول مرة في التاريخ ، حتى أنه رفض مقابلة السلطان الناصر محمد بن قلاوون بحجة أنه جاء للحج فقط ، ولكن السبب الحقيقي لرفضه مقابلة السلطان أن أي احد يقابل السلطان عليه أن يقبل الأرض التي تحت قدمه ويقبل يديه ، إلا أن امبراطور مالي قرر أن يتراجع عن قراره فذهب لمقابلة السلطان وأبى أن يقبل الأرض أو يديه لأنه رأى في ذلك تقليل من مكانته وهيبته، وقال: إنه لا يسجد الا لله فقط ، إلا أن ابن الورد قال : أنه تم اجبار الامبراطور على تقبيل الأرض ويد السلطان ، إلا أن ابن العمري قال أن الامبراطور سجد بالفعل في حضرة السلطان ولكن لله فقط ، أما المقريزي وابن كثير فقالا أنه لم يسجد قط ، وجلس المنسا موسى بجوار السلطان الناصر قلاوون وتبادلا الأحاديث ، حيث اكرم السلطان نزل الامبراطور واعطاه الخيول المسرجة والذهب ومواد كثيرة تعينه في سفره للحج له ولمن معه بالقافلة ، وبالمثل عند عودته أيضا ، إلا أن رحلة العودة الامبراطور كانت كارثة كبيرة ، حيث مات كثير من ركبه ومن الجمال بسبب البرد القارس ، حتى أنه لم يصل معه للقاهرة سوى ثلث من كان معه بالرحلة ، ومات المنسا موسى بعد عودته من رحلة الحج ، وورث حكمه من بعده ابنه مقام الاول ، الذي بدأت معه مالي في الضعف والانهيار والاضمحلال. مات المنسا موسى الذي كان اغني من عرفته البشرية بعد أن وزع كل ثروته وثروة بلاده على المحتاجين والفقراء ، ليكفر عن ذنبه تجاه وفاة أمه ، وتم تخليد اسمه بالتاريخ بسبب مافعله، وفي العيد الخمسين لمالي 2010م تم اصدار عملة تخليدا لذكراه، وفي بعض الالعاب يخلد اسمع ويظهر كرجل اول للاستراتيجية المالية في العالم .

لا يتوفر وصف للصورة.
قد تكون صورة لـ ‏شخص واحد‏

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى