الأم هى العطاء والتضحية

163

كتبت/إكرام بركات
الأم هي قوة يقودها شغف الحب ، يولدها منبهات الحنان ، وتزودها بالاستمرارية في مواقف العطاء والتضحية من أجل سعادة أطفالها ونجاحهم – لا نستطيع مقارنتها بالآخرين – ، فالحنان شعور لا يقاس ، ولكن إذا أردنا أن نقيسه ، فستكون الأم هي ذلك المقياس ؛ لأنه لا يوجد إنسان تفوق حنانه حنانها.
الأم – وحدها – هي التي تقبلك كما أنت ، وتحب كل ما فيك ، وتدعو لك بالخير وللخير ، وتأمل أن تكون أسعد الناس وأغناهم وأعزهم ، ولا تريد ثوابًا أو امتنانًا منك ، ولا تتوقع منك هدايا أو تضحيات، فقط رؤية السعادة معك، ورؤية الابتسامة على وجهك والنجاح حليفك.
الأم هي كلمة واسعة تحمل في طياتها – بين ألف وميم – مرادفات مختلفة ، تكاد تكون محاطة بأفخم القواميس وأكثرها بلاغة ، بما في ذلك المعاناة ، وهي رحلة تبدأ بها الأم من لحظة وجودك عندما تحمل بك لمدة تسعة أشهر – ساعة بعد ساعة – تلك الوظيفة التي خصها الله لها ولم يعطها لأي شخص آخر، هل تعرف معنى إنسان يحمل بداخله إنسان؟ إنها تضحية عظيمة وعلامة عظيمة على الحب النقي.
الأم في حضورها تفرح الأسرة وتبتسم أسارير كل الحاضرين، هناك سعادة – عزيزي القارئ – وحدها الأم يمكنها أن تصنعها، السعادة التي نتذوقها في أطباقها اللذيذة والأطعمة ذات المذاق الفريد، السعادة التي ننشدها في ملابسنا النظيفة بعد أن أضافت لها لمسة جميلة ​​، سعادة تغزل ملابسنا الممزقة وتجعلها جديدة مرة أخرى ، سعادة حقيقية يجلبها المال الذي لا يأتي منه شيء ، لأن الأم وحدها هي القادرة على ابتلاع الألم وتحويله إلى فرح وسعادة.
الأمومة جدار قوي يرتكز عليه ويتحمل بل ويقوي ويصلح ، فهل أقول لك شيئًا؟ اليوم الذي تسقط فيه وتفشل وتعتقد أنه لا يوجد أحد خلفك يحميك ويساعدك على النجاح، ستجد جيشًا لا يمكن أن يهزمه شيء ، جيش يهتم بك فقط ويضحك من أجلك فقط ، الأم هي جيشك، الأم درعك الذي لا يخون وسيفك الذي لا يصدأ، الأم هي ذلك المحفز الذي يتكيف مع جميع ظروف المواد المتفاعلة التي لم تستطع الكيمياء القيام بها ، ليؤهلك لنتائج النجاح والتقدم.
أما الذين فقدوا أمهاتهم – صبرهم الله وربط علي قلوبهم – وهم الذين أغلقوا الستار على أجمل فصل في حياتهم ؛ كما فقدوا ما كان أعز ما يفقدون ، أولئك الذين أُخذت من أرواحهم أجمل ما فيها، يشعرون بالوحدة دائمًا على الرغم من كثرة من حولهم، استمرت الحياة على هذا النحو ، فمن فقد أمه خسر كل شيء ، ومن ربحها يربح كل شيء ، ولكن بينها وبينهم الحسنات والدعاء وأنهار الأعمال الصالحة.
وأما الذين ضلت قلوبهم عن دروب هديها ، وتجاهلت عقولهم مشوراتها ، فقد ضبابت بصيرهم ، وسقطوا في ظلام العصيان والضياع، لن ينجحوا في هذه الدنيا ، ولن ينالوا في الآخرة إلا العذاب والدمار – عافانا الله -.
الأم لا تأكل إلا إذا أكلت ، ولا تشرب إلا إذا شربت ، ولا تنام إلا إذا نمت ، ولا ترتاح إلا إذا ارتاحت ، وتمرض بمرضك ، وتصح بصحتك ، وتحزن على حزنك وتفرح بفرحك ، فهل يوجد في الكون أي شخص بهذه الطبيعة الشغوفة والنبيلة إلا هي ، وهل تستحق منك البُعد والإهمال ؟!

فلنحتضن أمهاتنا ونقبل أيديهن صباحاً ومساءً ، ونجلس تحت أقدامهن، والله لا أصعب من أن تفتقد والدتك تلك الملكة التي لم تبخل علينا بشيء ، ولأننا لا نعلم متى تغادر النفوس أجسادنا ، ولأن الأم هي ملجأ ومتكأ.