المقالات والسياسه والادب

الإحتواء بقلم مستشار محمود السنكري 

 

الإحتواء ليس أن تُطيل البقاء ، بل أن تُجيد الحضور, الإحتواء ليس مجرد وجود جسدي في مكان معين، بل هو فن يتطلب القدرة على الحضور الذهني والعاطفي بشكل كامل ومُتفهم في العلاقات الإنسانية. إذا كنت تعتقد أن الإحتواء يعني فقط أن تكون متواجداً في حياة الآخرين، فقد تكون تجهل حقيقة هذا الفن الرائع.

أن تكون مُحتوياً للآخر يعني أن تكون متاحاً لهم بشكل تام في اللحظة الحالية. إنها القدرة على أن تكون مرئياً ومسموعاً ومهتماً بشكل متواصل.

يجب أن يشعر الآخرون بأنهم يمكنهم التحدث إليك دون قلق أو خوف من الحكم أو الانتقاد.

عندما تكون قادراً على الإحتواء للآخرين، فإنك تمنحهم الشعور بالأمان والراحة. إنهم يعرفون أنهم ليسوا وحدهم وأن هناك شخصاً مستعداً للاستماع وفهم مشاكلهم ويحاول مساعدتهم بأفضل ما يستطيع.

يعطيهم ذلك الثقة في أنفسهم ويعزز من حالة عافيتهم العقلية والعاطفية.

واحدة من أهم الجوانب في الإحتواء هي الإدراك الملتزم للعاطفات والمشاعر للآخر. إن الاهتمام الصادق والقدرة على الاستماع بفعالية تساعد الشخص الآخر على التعبير عن نفسه بحرية وبثقة. يجب أن تعطي الآخرين الفرصة للتحدث دون انقطاع ولا تتدخل بأفكارك وآرائك المسبقة. عندها سيشعرون بأنهم يتلقون الدعم والتفهم اللازمين.

لكي تجيد الإحتواء، يجب أن تكون حاضراً بشكل كامل ومركزاً في اللحظة. يجب أن تبتعد عن التشتت والتفكير في الأمور الأخرى أثناء الحديث مع الآخرين. تحتاج إلى ترك جميع المشاكل والتحديات الشخصية خلفك وتركز الطاقة والتركيز على الشخص الذي أمامك.

كما يجب أن تكون قادراً على قبول الآخرين بما هم عليه، بدون محاولة تغييرهم أو توجيههم بطرق خاطئة. عليك أن تحترم هويتهم ومعتقداتهم وتكون متفهماً لمختلف وجهات نظرهم. إن الإحتواء لا يعني قبول كل شيء بلا تحفظ، ولكنه يعني أن تكون مرناً ومفكراً مفتوحاً للتعلم من وجهات نظر الآخرين.

في النهاية، يجب أن نتذكر أن الإحتواء ليس مهارة تأتي تلقائياً، بل هو مهارة يجب علينا أن نتعلمها وننميها. إنها تستلزم التعبير عن الاهتمام والتواصل بفعالية والتفهم والمرواغة. عندما نجيد الإحتواء، نكون قد أتقنا فن الوجود بشكل حقيقي ومُدروس ونشعر الآخرين بأنهم أكثر أهمية وقيمة في حياتنا.

 

مقالات ذات صلة