مستشارك القانونى

الاعتداء والتنمر على الأطفال بقلم أحمد الشبيتي

يُعدّ الاعتداء والتنمر على الأطفال من أخطر الجرائم التي تهدد أمن المجتمع واستقراره، نظراً لما يخلفه من آثار نفسية وجسدية عميقة قد تلازم الضحية طوال حياته. وقد أدركت التشريعات الحديثة خطورة هذه الأفعال، فسعت إلى وضع إطار قانوني يحمي الأطفال ويوفّر لهم بيئة آمنة وسليمة للنمو والتطور.
يُعرف الاعتداء على الأطفال بأنه أي فعل يتضمن إيذاءً بدنياً، نفسياً، جنسياً أو إهمالاً مقصوداً بحق الطفل، بينما يُعرف التنمر بأنه سلوك عدواني متكرر يستهدف الطفل بالتهديد أو الإهانة أو العنف أو الإقصاء الاجتماعي.
أولاً: الحماية الجنائية للأطفال
نصّت أغلب القوانين الوطنية، ومنها القانون المصري وقانون حماية الطفل رقم 12 لسنة 1996 والمعدل بالقانون رقم 126 لسنة 2008، على حماية الأطفال من جميع أشكال العنف والإساءة والاستغلال. وقد جرّم المشرع كل من يعتدي على طفل بالعقوبة التي تصل إلى السجن المشدد، خاصة إذا نتج عن الاعتداء عاهة مستديمة أو وفاة.
ثانياً: مسؤولية المؤسسات التعليمية
فرض القانون التزامات صارمة على المدارس والمؤسسات التعليمية بضرورة توفير بيئة خالية من العنف، كما أوجب اتخاذ الإجراءات التأديبية ضد مرتكبي التنمر، سواء كانوا طلاباً أو معلمين. وألزمت اللوائح بضرورة الإبلاغ عن أي حالات اعتداء أو تنمر للجهات المختصة فور وقوعها.
ثالثاً: آليات الوقاية والحماية
تكمن الوقاية الحقيقية في نشر ثقافة احترام الآخر، وتعزيز الوعي لدى الأطفال بحقوقهم وطرق الدفاع عن أنفسهم. كما يجب تفعيل دور الأسرة في مراقبة سلوك الأبناء، إلى جانب تمكين المؤسسات المختصة من التدخل المبكر عند ظهور علامات الخطر.
رابعاً: العقوبات القانونية
وفقاً للقانون المصري، يُعاقب كل من يرتكب جريمة اعتداء أو تنمر على طفل بعقوبات تتدرج بحسب جسامة الفعل، وقد تشمل الحبس والغرامة والمنع من ممارسة أي عمل يتعلق بتربية الأطفال أو التعامل معهم. وفي حال كان المعتدي من الأشخاص المسؤولين عن رعاية الطفل، تشدد العقوبة.
خامساً: دور المجتمع المدني
تلعب الجمعيات الحقوقية ومنظمات المجتمع المدني دوراً محورياً في رصد حالات الاعتداء والتنمر، وتقديم الدعم القانوني والنفسي للضحايا، والمشاركة في حملات التوعية المجتمعية لمناهضة هذه الجرائم.

خاتمة

إن الاعتداء والتنمر على الأطفال لا يؤثران فقط على الضحايا بشكل فردي، بل يهددان مستقبل المجتمع بأكمله. ولذا، فإن مكافحة هذه الظواهر تستلزم تضافر الجهود بين الأسرة، والمدرسة، والمؤسسات التشريعية والتنفيذية والمجتمع المدني. فحقوق الطفل ليست شعاراً، بل التزام قانوني وأخلاقي تفرضه القوانين والأديان السماوية، وتدعمه ضمائر الأفراد الحية.

مقالات ذات صلة