التربية الربانية في المدرسة الرمضاانية(( الجزء الثالث)) من الدعاء
اسلام محمد الحفيضي
الدعاء من اعظم العبادات في رمضان ؛ وهي من احب العبادات لله تعالى؛ وهناك بعض الاداب التي يتادب بها المسلم عندما يدعو الله تعالى ومن هذه الاداب
(1) استحباب الوضوء:
عَنْ أَبِي بُرْدَةَ، عَنْ أَبِي مُوسَى: دَعَا النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بِمَاءٍ فَتَوَضَّأَ بِهِ، ثُمَّ رَفَعَ يَدَيْهِ، فَقَالَ: «اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِعُبَيْدٍ أَبِي عَامِرٍ»-وَرَأَيْتُ بَيَاضَ إِبْطَيْهِ- ، فَقَالَ: «اللَّهُمَّ اجْعَلْهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَوْقَ كَثِيرٍ مِنْ خَلْقِكَ مِنْ النَّاسِ» (البخاري
(2) استحباب استقبال القبلة:
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: جَاءَ الطُّفَيْلُ بن عَمْرٍو الدَّوْسِيُّ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ: “يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ دَوْسًا قَدْ عَصَتْ، وَأَبَتْ، فَادْعُ اللَّهَ عَلَيْهَا”، فَاسْتَقْبَلَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم الْقِبْلَةَ، وَرَفَعَ يَدَيْهِ، فَقَالَ النَّاسُ: “هَلَكَتْ دَوْسٌ”، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «اللَّهُمَّ اهْدِ دَوْسًا، وَائْتِ بِهِمْ» (البخاري
(3) استحباب رفع اليدين وصفته:
عَنْ سَلْمَانَ الْفَارِسِيِّ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «إِنَّ اللَّهَ حَيِيٌّ كَرِيمٌ، يَسْتَحْيِي إِذَا رَفَعَ الرَّجُلُ إِلَيْهِ يَدَيْهِ، أَنْ يَرُدَّهُمَا صِفْرًا ، وأخرج مسلم في صحيحه، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ رضي الله عنهما: أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم تَلاَ قَوْلَ اللهِ عز وجل فِي إِبْرَاهِيمَ: {رَبِّ إِنَهُنَّ أَضْلَلْنَ كَثِيراً مِنَ النَّاسِ فَمَنْ تَبِعَنِي فَإِنَّهُ مِنِّي}، وَقَالَ عِيْسَى عليه السلام: {إِنْ تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَ وَإِنْ تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ}، فَرَفَعَ يَدَيْهِ وَقَالَ: «اللَّهُمَّ: أُمَّتِي أُمَّتِي» الحديث (مسلم
صفة رفع اليدين:
عن أبي بكرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «سَلُوْا اللهَ بِبُطُوْنِ أَكُفِّكُمْ، وَلاَ تَسْأَلُوهُ بِظُهُوْرِهَا» (صحيح: أخرجه الطبراني في الكبير ، عن أبي بكرة، انظر صحيح الجامع
وعن ابن عباس رضي الله عنهما، قال: “كان النبي صلى الله عليه وسلم إِذَا دَعا جَعَلَ بَاطنَ كَفِّهِ إِلَى وَجْهِهِ” (صحيح: رواه الطبراني في الكبير، انظر صحيح الجامع [4721])، وتقليب الكفين عند الدعاء ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم في صلاة الاستسقاء خاصة ولعل الحكمة في الإشارة بظهر الكفين في الاستسقاء دون غيره التفاؤل بتقليب الحال كما قيل في تحويل الرداء (نيل الأوطارللشوكاني [4/10])، وعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: “الْمَسْأَلَةُ أَنْ تَرْفَعَ يَدَيْكَ حَذْوَ مَنْكِبَيْكَ أَوْ نَحْوَهُمَا، وَالاِسْتِغْفَارُ أَنْ تُشِيرَ بِأُصْبُعٍ وَاحِدَةٍ، وَالاِبْتِهَالُ أَنْ تَمُدَّ يَدَيْكَ جَمِيعًا (أخرجه الضياء [ وأبو داود وصححه الألباني).
(4) حمد الله تعالى وتمجيده والثناء عليه والصلاة على رسوله صلى الله عليه وسلم:
عن فَضَالَةَ بنِ عُبَيْدٍ رضي الله عنه قال: سَمِعَ رسول الله صلى الله عليه وسلم رَجُلاً يَدْعُو في صَلاَتِهِ لَمْ يُمَجِّدِ الله تعالى، وَلَمْ يُصَلِّ عَلَى النبي صلى الله عليه وسلم فَقَالَ رسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: «عَجِلَ هَذَا» ثُمَّ دَعَاهُ فَقَالَ لَهُ أَوْ لِغَيْرِهِ: «إِذَا صَلَّى أَحَدُكُمْ فَلْيَبْدَأْ بِتَحْمِيدِ رَبِّهِ سبحانه، وَالثَّنَاءِ عَلَيْهِ، ثُمَّ يُصَلِّي عَلَى النبي صلى الله عليه وسلم ثُمَّ يَدْعُو بَعْدُ بِمَا شَاءَ» (صحيح: أخرجه أحمد في مسنده
(5) علو الهمة في الدعاء: عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «إِذَا دَعَا أَحَدُكُمْ فَلاَ يَقُلِ: اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي إِنْ نز شِئْتَ، وَلَكِنْ لِيَعْزِمِ الْمَسْأَلَةَ وَلْيُعَظِّمِ الرَّغْبَةَ، فَإِنَّ اللَّهَ لاَ يَتَعَاظَمُهُ شَيْءٌ أَعْطَاهُ» (البخاري [6339]، ومسلم [2679]واللفظ له، وأحمد في المسند[9968]، وابن حبان في صحيحه[977])، وعَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ: قَالَ رَسُوْلُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «إِذَا سَأَلَ أَحَدُكُمْ فَلْيُكْثِر، فَإِنَّمَا يَسْأَلُ رَبَّهُ» (صحيح: أخرجه ابن حبان في صحيحه [889] قال شعيب الأرنؤوط: إسناده صحيح على شرط الشيخين، و انظر صحيح الجامع [591]، وبنحوه عن الطبراني في الأوسط برقم [437])، وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، رضي الله عنه، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «مَنْ آمَنَ بِاللهِ وَبِرَسُولِهِ وَأَقَامَ الصَّلاَةَ وَصَامَ رَمَضَانَ، كَانَ حَقًّا عَلَى اللهِ أَنْ يُدْخِلَهُ الْجَنَّةَ جَاهَدَ فِي سَبِيلِ اللهِ، أَوْ جَلَسَ فِي أَرْضِهِ الَّتِي وُلِدَ فِيهَا»، فَقَالُوا: “يَا رَسُولَ اللهِ أَفَلاَ نُبَشِّرُ النَّاسَ”، قَالَ: «إِنَّ فِي الْجَنَّةِ مِائَةَ دَرَجَةٍ أَعَدَّهَا اللَّهُ لِلْمُجَاهِدِينَ فِي سَبِيلِ اللهِ، مَا بَيْنَ الدَّرَجَتَيْنِ كَمَا بَيْنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ، فَإِذَا سَأَلْتُمُ اللَّهَ فَاسْأَلُوهُ الْفِرْدَوْسَ، فَإِنَّهُ أَوْسَطُ الْجَنَّةِ وَأَعْلَى الْجَنَّةِ، أُرَاهُ فَوْقَهُ عَرْشُ الرَّحْمَنِ، وَمِنْهُ تَفَجَّرُ أَنْهَارُ الْجَنَّةِ» (البخاري[2790] وأحمد في المسند[8400]، والترمذي[2529]مختصرًا، وابن حبان في صحيحه[4611]، والترمذي[2530]عن معاذ بن جبل)، وعَنْ عَبْد اللهِ، قَالَ: قَالَت أمُّ حَبيبَةَ زَوْجُ النًّبِيَّ صلى الله عليه وسلم: اللهُمَّ أمْتِعْنِي بِزَوْجِي رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، وَبِأبِي أبِى سُفْيَانَ، وَبِأخِي مُعَاوِيَةَ. قَالَ: فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: «قَدْ سَألتِ اللهَ لآجَالٍ مَضْرُوبَة، وَأيَّامٍ مَعْدُودَة، وَأرْزَاق مَقْسُومَة، لَنْ يُعَجِّلَ شَيْئًا قَبْلَ حِلِّهِ، أوْ يُؤخِّرَ شَيْئًا عَنْ حِلِّه، وَلَوْ كُنْت سَألتِ اللهَ أنْ يعيذَك مِنْ عَذَاب فِي النَّار، أو عَذَابٍ فِي القَبْرِ، كَانَ خَيْرًا وَأَفْضَلَ» (مسلم [2663]، وأحمد في المسند[3700]) قال الإمام النووي رحمه الله: “فإن قيل: ما الحكمة في نهيها عن الدعاء بالزيادة في الأجل لأنه مفروغ منه، وندبه إلى الدعاء بالاستعاذة من العذاب، مع أنه مفروغ منه أيضاً كالأجل؟ فالجواب: أن الجميع مفروغ منه، لكن الدعاء بالنجاة من عذاب النار ومن عذاب القبر ونحوهما عبادة، وقد أمر الشرع بالعبادات، فقيل: أفلا نتكل على كتابنا وما سبق لنا من القدر؟ فقال: «اعملوا فكل ميسر لما خُلق له»، وأما الدعاء بطول العمر فليس عبادة، وكما لا يحسن ترك الصلاة والصوم والذكر اتكالاً على القدر فكذا الدعاء بالنجاة من النار ونحوه. والله أعلم” (النووي شرح صحيح مسلم).
.