التطبيع يغزو الدراما الخليجية: أم هارون هل كانت سقطة لحياة الفهد أم رؤية جديدة للواقع
بقلم د. أمل درويش.
شهدت الدراما الخليجية انفتاحاً وتطوراً ملحوظاً في السنوات الأخيرة بعد أن سادت الدراما المصرية والسورية لحقبة طويلة دون منافس..
وأصبح الكثير منا يتابع الأعمال الخليجية خاصةً في شهر رمضان المبارك.
وقد استطاع بعض الفنانيين حفر أسمائهم بعد أن تصدروا بطولة العديد من الأعمال الناجحة في السنوات الأخيرة ومنهم الفنانة الكويتية حياة الفهد التي أطلق عليها لقب سيدة الشاشة الخليجية لما قامت به من أعمال مؤثرة تركت بصمة في الدراما الخليجية، وأيضًا الفنان السعودي ناصر القصبي؛ فبعد العديد من المواسم لمسلسل “طاش ما طاش” تصدر القصبي النجومية من باب الكوميديا التي تناقش القضايا الاجتماعية بطريقة سلسة.
ومع بداية شهر رمضان تجمعت الأسر الخليجية لمتابعة وجبة الأعمال الدرامية الشهية التي ينتظرونها من العام للعام، ولكن هذا العام اختلف كثيرًا فقد تركت جائحة كورونا لمساتها على كل شيء في حياتنا؛ ولا ننسى أثرها على الكثير من الأعمال الفنية التي لم تكتمل، وربما أكمل بعض المخرجين أعمالهم في عجالة فلم ينتبهوا للكثير من الأخطاء.
ونبدأ بالمسلسل الكويتي “محمد علي رود” وهو مسلسل ضخم تكلف انتاجه حوالي ٣.٥ مليون دولار ويضم نخبة من كبار فنانين الكويت ومنهم سعد الفرج ومحمد المنصور وهيفاء عادل وجاسم النبهان والفناة الإماراتية فاطمة الحوسني.
والمسلسل يناقش موضوع تهريب الذهب بين الكويت والهند في فترة أربعينيات القرن الماضي “حين كانت الكويت تحت الحماية البريطانية”، وبدأت أولى الانتقادات الموجهة للمسلسل مع بداية حلقاته حين ذهبت إحدى الكويتيات من جزيرة فيلكا ” إحدى الجزر الكويتية” للعمل كخادمة، وهو أمر استهجنه الكويتيون رافضين أن تظهر شخصية امرأة كويتية في دور خادمة فهذا الأمر لم يحدث في تاريخهم، وكان رد طاقم العمل أن ذلك حدث لهدف سوف يتم توضيحه في سياق الحلقات القادمة.
ولكن ما إن استمر المشاهدون في المتابعة حتى ظهرت النجمة “فاطمة الحوسني” على سجادة الصلاة تدعو الله وتذكر في دعواتها “يا من نجيت يوسف من بطن الحوت”!!
فكانت هذه الجملة مثار السخرية والاستهجان؛ إذ كيف يحدث مثل هذا الخطأ في كتابة العمل ويمر على كل طاقم العمل والممثلة والمخرج دون أن ينتبه أحد لهذا الخطأ الفادح.
وخرج مخرج العمل للاعتذار وأعلن عن تعديل المشهد في باقي النسخ التي تعرض على باقي القنوات.
وخرجت الفنانة فاطمة الحوسني لتعتذر وتذكر أنه سهو وخطأ و”جل من لا يسهو وجميعنا معرضون للخطأ”.
أما مسلسل “مَخرج ٧ ” بطولة الفنان ناصر القصبي فقد اكتفى طاقم العمل بتصوير ٢٠ حلقة فقط بعدما كان مقررًا تصوير ٣٠ حلقة بسبب جائحة كورونا، ولم ينتهِ الأمر عند ذلك؛ بل تعرض المسلسل من خلال إحدى حلقاته لموضوع التطبيع مع إسرائيل، وجعله مثار نقاش بعد موقف حدث في المسلسل حين اعترضت إحدى الشخصيات على شعار نجمة داوود مطبوعة على قطعة ملابس منتشرة بين الشباب ورغبته في الإبلاغ عنها وحظرها من الأسواق، في حين يجد البطل ناصر القصبي ابنه يلاعب طفل إسرائيلي في إحدى الألعاب الإلكترونية، مما يدفعه لمناقشة بقية الأبطال في فكرة التطبيع مع إسرائيل وتفاوتت آراءهم ما بين موافق ورافض وغير مهتم، وهذا ما أثار استياء وحفيظة العديد من المثقفين الذين رؤوا أن موضوع التطبيع غير قابل للنقاش وأنه من المسلمات.
والغريب أن التليفزيون الإسرائيلي ترجم هذه الحلقة للغة العبرية وعرضها على شاشته.
وأما المسلسل الذي نال نصيب الأسد من الهجوم لدرجة وصلت للمطالبة بوقفه فكان مسلسل “أم هارون” للفنانة حياة الفهد وهو من إنتاج قناة MBC
ويحكي قصة اليهود في الخليج في فترة الأربعينيات والاضطهاد الذي عانوه في الدول العربية عمومًا وكيف كانوا مستضعفين!!!!
تعرض المسلسل للكثير من النقد؛ فالبعض رآه دعوة للتطبيع مع إسرائيل والتعاطف مع اليهود وإظهارهم في صورة شعب مسالم من خلال شخصية أم هارون وأسرتها، مما أثار استياء الجمهور من الفنانة حياة الفهد خاصة بعد تعليقاتها التي وصفها البعض بالعنصرية على موضوع مخالفي الإقامات بدولة الكويت عبر مداخلة هاتفية لأحد البرامج قبل رمضان مباشرة دعت فيها المسؤولين بإلقاء المخالفين أو المنتهية إقامتهم في الصحراء أو إرسالهم لبلدانهم وقت أزمة كورونا.
بالإضافة إلى الأخطاء التاريخية بالعمل مثل إعلان رفع الحماية البريطانية عن فلسطين فقد ظهر البيان في أحداث المسلسل يذكر “رفع الحماية البريطانية عن أرض إسرائيل” وذلك في ٤٨ والحقيقة أن الحماية رفعت عن فلسطين، ولم تسقط القدس الشرقية تحت يد إسرائيل إلا في ٦٧.
إضافة إلى ظهور البيئة الكويتية والمنازل في ذلك الوقت بشكل مخالف للواقع ويعود ذلك للمخرج المصري الذي أخرج العمل وهو المخرج “محمد العدل” الذي تعرض للكثير من الانتقادات واتهم بعدم معرفته لطبيعة الحياة في تلك الفترة.
وقد صرح مسؤول كبير على لسان وزير الإعلام الكويتي برفض عرض المسلسل في الكويت ورفضهم لما جاء فيه جملةً وتفصيلا؛ فالشعب الكويتي شعب مسالم ولم يضطهد أحد من الأقليات التي عاشت فيه على مر التاريخ إضافة إلى رفض الكويت “أميرًا وحكومةً وشعبًا” للتطبيع مع إسرائيل بكافة أشكاله، ودعمهم للشعب الفلسطيني حتى تعود إليه أرضه المغتصبة.