الحرب التجاريـــــة فى ظل الـ”كورونـــــــا”
محمود ابراهيم
عاد إتفاق بريكست الذي يطل على الاقتصاد العالمي، بعد محاولات عالمية للتعايش مع فيروس كورونا، الذي ما زال ينخر في الأعمدة الرئيسية للاقتصاد في كل دولة على حدة، تختلف درجة تأثيره فيه حسب قوة ومؤهلات البنية التحتية المالية لها.
وحذر السيد هايكو ماس وزير الخارجية الألماني من تزايد مخاطر خروج صعب لبريطانيا من الاتحاد الأوروبي “بريكست”، في خضم أزمة وباء فيروس كورونا (كوفيد – 19).
كما دعا ماس الولايات المتحدة إلى التعاون مع الاتحاد الأوروبي من أجل التغلب على التداعيات الاقتصادية لأزمة كورونا، وقال: “يتعين علينا التعاون الآن لدفع الاقتصاد العالمي والتجارة العالمية إلى الأمام مجددا رغم كورونا”.
وذكر ماس أنه سيكون لدى الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة معا تأثير استثنائي يتعين الاستفادة منه على المسرح العالمي، وقال: ” نحن نرتكز على أساس مشترك من القيم، ولدينا مصالح مشتركة أكثر بكثير من المصالح المتضاربة”.
ويقول العقل الذكي إن الاقتصاد العالمي الان اصبح تشاركيًا في هذه المرحلة، للخروج بأقل الخسائر، فإن مسؤولي القرار في معظم الدول حسبوه مجرد ذكاء صناعي، للترويج فقط وليس للتنفيذ.
تأثر الاقتصاد العالمي بتراجع حركة التجارة العالمية قبل انتشار الفيروس التاجي( كوفيدا – 19 )، مع تذبذب أسعار النفط نتيجة انخفاض الطلب بعد وضع رسوم جمركية متبادلة بين الولايات المتحدة والصين، أكبر اقتصاديين في العالم.
ضربت الحرب التجارية الاقتصاد العالمي، في وقت كانت ضربة قاضية أخرى سبقته، تمثلت في تداعيات الخروج البريطاني من الاتحاد الأوروبي (بريكست).
حيث اصبحت الحالة العامة للاقتصاد العالمي سيئة جدًا، الذي كان يحتاج إلى شهور بل سنوات للخروج من هذه الوعكة المالية، غير أن الـ”كورونا” جاء لينهي ما بقي منه من تنفس، كان بالكاد يتم عبر أجهزة صناعية.
جاء فيروس كورونا التاجي، ليجد أن السياسة النقدية (تخفيض أسعار الفائدة وتسهيلات ائتمانية) في معظم الدول، استنفدت جميعها.
وأشارت مديرة صندوق النقد الدولي كريستالينا غورغيفا، الجمعة الماضية، إلى تعديل محتمل بالخفض لتوقعات الاقتصاد العالمي، وحذرت الولايات المتحدة والصين من إشعال حرب تجارية مرة اخري، حتي تقوض التعافي من جائحة فيروس كورونا.
وقالت مديرة الصندوق الدولي، في مناسبة نظمها معهد الجامعة الأوروبية عبر الإنترنت إن أحدث البيانات الاقتصادية لكثير من الدول تأتي دون توقعات الصندوق المتشائمة بالفعل لانكماش بنسبة ثلاثة في المائة في 2020.
توقع المقرض العالمي في أبريل “نيسان” الماضي، أن ينكمش الاقتصاد العالمي بنسبة 3 في المائة، ليسجل أكبر تراجع منذ الكساد الكبير في ثلاثينات القرن الماضي، على أن يعقبه تعاف جزئي في 2021، لكنه حذر من أن النتائج قد تكون أكثر سوءًا، وهو ما يعتمد على مسار الجائحة التي اصيب بها العالم.
حذرت غورغيفا عن ضروري لضمان تعاف اقتصادي عالمي، “وإلا فسترتفع التكاليف وستنخفض الدخول وسنكون في عالم أقل أمانا” بحسب قولها.
واضافة من أن تراجع إلى السياسات الحمائية قد يضعف آفاق التعافي العالمي في مرحلة حرجة، وإعادة إنعاش التجارة العالمية.
وقدم صندوق النقد الدولي بالفعل تمويلا طارئا إلى خمسين من أصل 103 دول طلبت المساعدة. ولا تزال الدول الفقيرة تواجه خطرا كبيرا في ظل انخفاض التحويلات بشكل حاد وتهاوي أسعار السلع الأساسية، حتى مع انخفاض معدلات الوفيات جراء الفيروس، منها في بعض الدول الأكثر ثراء.
ناشدت غرفة التجارة الأميركية بكين، الجمعة الماضية، زيادة مشترياتها من البضائع الأميركية بشكل كبير في الوقت الذي يتعافى فيه الاقتصاد الصيني من تفشي فيروس كورونا المستجد، قائلة إن زيادة المشتريات سيدعم كلا البلدين والاقتصاد العالمي.
وقال مايرون بريليانت مدير الشؤون الدولية بأكبر مجموعة عمل في الولايات المتحدة “في ظل اقتراب اقتصاد الصين من العودة لوضعه الطبيعي، نأمل بأن ترفع الصين بشكل كبير مشترياتها من المنتجات الأميركية بما يتماشى مع اتفاق المرحلة 1، وأن تواصل اتخاذ خطوات لزيادة انفتاح اقتصادها”.
وإصرار اللهجة الأميركية، التركيز على الرؤية نفسها، قبل وبعد أزمة كورونا، رغم الاختلاف الكبير في الرؤى، والظاهر بوضوح في النتائج المالية والأرقام الاقتصادية في كلا البلدين، بل في العالم أجمع.
وبموجب الاتفاق الذي أبرمته الولايات المتحدة والصين في يناير “كانون الثاني” ووضع حداً لحرب تجارية دامت سنتين بين البلدين.
حيث تعهدت بكين بزيادة مشترياتها من المنتجات الأميركية بمقدار 200 مليار دولار لمدة عامين، وخفض عدد من حواجز التجارة الزراعية التي تقول واشنطن إنها كانت تحد من إمكانية الدخول إلى السوق الصينية المجزية.
لكن الشلل الذي أصاب الاقتصاد العالمي بسبب تفشي فيروس كورونا والخلاف المستفحل بين واشنطن وبكين حول أصل هذا الوباء أثارا شكوكاً حول ما إذا كان هذا الاتفاق سينفذ فعلاً.
أعلنت وزارة التجارة الصينية أن المفاوضين الصينيين والأميركيين تعهدوا بـ”توفير الظروف الملائمة” لتنفيذ المرحلة الأولى من الاتفاق التجاري الذي توصل إليه البلدان مطلع العام، وذلك رغم التوترات التي تسبب بها خلافهما حول فيروس كورونا المستجد والتداعيات الاقتصادية الكارثية لهذا الوباء.
وهدد الرئيس الأميركي دونالد ترمب، الأسبوع الماضي، بفرض عقوبات تجارية على الصين، محملاً إياها المسؤولية عن تفشي الوباء الفتاك في العالم وما تسبب به من تداعيات اقتصادية كارثية.
ويشير إلى مرحلة ما قبل التوصل إلى اتفاق تجاري بين البلدين، إذ إن الفريق الصيني يماطل كثيرا والأميركي يصر أكثر على تنفيذ الأتفاق.
سجلت الصين عجزًا في الحساب الجاري خلال الربع الأول من هذا العام بسبب تصاعد الضغوط جراء تفشي وباء كورونا.
وأظهرت بيانات من مصلحة الدولة للنقد الأجنبي أوردتها وكالة أنباء الصين الجديدة “شينخوا”، السبت، أن العجز في الحساب الجاري للعملاق الآسيوي وصل إلى 29.7 مليار دولار خلال الأشهر الثلاثة الأولى من عام 2020.
وسجلت التجارة الصينية فائضا قدره 4.26 مليار دولار، في حين شهدت تجارة الخدمات عجزا بقيمة 47 مليار دولار، في تراجع بنسبة 26 في المائة على أساس سنوي.
هذا الأمر الذي يرجع أساسا إلى الطلب الهزيل في قطاعي السفر والنقل بسبب وباء «كوفيد – 19». وبلغ صافي تدفق الاستثمار المباشر خلال هذه الفترة 9.14 مليار دولار.
وأشارت المتحدثة باسم المصلحة، وانغ تشيون يينغ، إلى أن ميزان المدفوعات الدولي للصين حافظ على توازن أساسي في الربع الأخير، مع تدفقات مستقرة لرأس المال عبر الحدود.
واستشهدت المتحدثة بالأسس الاقتصادية السليمة وتحركات الانفتاح للبلاد، وقالت إنه مع عودة الأنشطة التجارية والإنتاجية إلى مسارها تدريجيا، سيكون ميزان المدفوعات مستقرا مستقبلا.