” يعد فن النحت من الفنون القديمة قدم الإنسان فهو أقدم من فن التصوير مثلا . فالإنسان أقدر على التعبير النحتي عنه عن التعبير بالرسم . وفن النحت يتعامل مع المجسمات الثلاثية الأبعاد على العكس من الرسم والتصوير الذي يتعامل مع الأبعاد الثنائية.
لذا فالنحت هو فن تجسيدي يرتكز على إنشاء مجسمات ثلاثية الأبعاد لإنسان ، حيوان ، أو أشكال تجريدية ” .
……… في ضوء هذا التعريف عن النحت بإعتباره اقدم وسائل التعبير الإنسانى ؛ فإنه يحمل صعوبات لتعدد المواد و الخامات المُستعملة ؛ وكذلك تعدد التقنيات المُتعلقة بكلِ خامة ؛ فضلا عن وسائل عرض المنحوتة لأن وسيلة العرض جزء مُكمل للمنحوتة نفسِها ؛ ويضعُ المبدعُ دائما لها حساباتٍ دقيقة أثناء عملهِ ، وغير خافٍ حجم ؛ و وزن المنحوتة وطريقة نقلِها ، وتوفير سبلَ عرضٍ مناسبة و آمنة كما قلنا ؛ ذلك كُلِهِ نضعهُ في حساباتنا ونحن نُشاهد و نتأمل بعضاً من إبداعات الفنانة دكتورة / لــمــيــا ء صــا فــي كــرم .
الذى تستخدم فيهِ الأسلوب التجريدي والهندسي و أحياناً الأكاديمي و مِن خلال إستخدام مواد وخامات مُتعددة ما بين الجرانيت ؛ والخشب ؛ و الحجر و الزجاج وفق ما جاء في السيرة الذاتية او المعارض التى شاركت فيها .
وكما قلنا يهتمُ المُبدع كجزءٍ هام من التكوين والتصميم بوسيلة العرض ومدى ما توفرهُ مِن عناصر مًضافة لقراءة العمل ؛ أو الإستمتاعُ بهِ بصريا ؛ سنلمس هذا واضحا في المنحوتات المُتاحة لنا من خلال صورِ العرضِ مِن اكثر من جهةٍ للمنحوتة نفسها ؛ لتبرز طبيعة الإستفادة من المادة الخام ومعطياتِها من جهة خشونة أونعومة الملمسِ للسطحِ علي سبيلِ ، وبالتالي الإنعكاسات الضوئية مِن و إلى المنحوتة و أثر ذلك على المُتلقي لإدراك الكامن ؛ إما لِقراءة فكرية أو تحقيق قدرٌ اكبر من المتعة البصرية ؛ التي تتنوع وفق المُدركات والمخزون الفكرى والبصرى لديهِ .
إن الرائع في مُجمل الأعمال التي بين يدينا أن الفنانة د . / لمياء صافي … ومِن خلال التجريب والتدريب الدائم ؛ مع التنوع في الخامات والتقنيات التي تجيد توظيفها بِصورة حِرفية عاكسةٍ رؤى فكرية / بصرية ؛ واضحة وقوية من مُحصلة معايشتها وهضمها و إدراكِها لمواطن الجمال مِن هذا الكم الوافرٍ من المشاهدات علي الطبيعة أو المعارض التي تحضرها أو تُشارك فيها فضلاً عن التخصص الأكاديمى و وظِيفتها العملية ؛ فكانت الأعمال تحملُ كُلِ الدلالات التي تؤكد تطابق التقنياتِ مع هذه الرؤى .
نحن في الحيزُ المُتاح لنا قد لا يكون لدينا مساحة كافية بعد التأمل ومشاهدة كلِ منحوتةٍ علي حدة ومحاولة تلمس مفاتيح القراءة الفكرية بعد الرؤية البصرية ؛ يقينا نحتاج لِما هو مُتاحٌ لنا ؛ ذلك أن التجريدية فضلا عن الحرفية المُتقنة يُؤلُ منهما معاً و بعد إزاحة الدهشة قليلا ؛ سنجدُ بعضاً من الدلالاتِ التي تقودنا إلي آفاقٍ بها غرائبية قد لا تلامس المألوف أو غيرِ المألوفِ مِن مُدركات البعض ؛ كما أن عناصر التشخيص بِسمتها الإنساني أو غير الإنساني هي ايضاً تُولد آلياتٍ تسعي إليها المُبدعة كسرا لحاجزِ الصمتِ بين المادة غيرِ الناطقة وبين مُتلقٍ لديه مفاتيح حوارٍ مُتعددة زودتهُ بها !
في النهاية مُبدعتنا .. اغلقت علينا الباب في معرضِها مع جمادٍ إن لم يحاورنا فقد أمتعنا .
ســيــد جــمــعــه
ناقد تشكيلي واديب
تابعنا على