المقالات والسياسه والادب

الخذلان حين يسقط القناع وتتعرّى الحقيقة بقلم الدكتور تامر عبد القادر عمار

الخذلان… تلك الكلمة التي تنغرس كشوكة في الروح، لا ترى أثرها في الجسد، لكنك تشعر بها تنزفك من الداخل. ليس الألم في الحدث نفسه، بل في الشخص الذي ظننت أنه آخر من يؤذيك.
عندما نُخذَل، لا نخسر أشخاصًا فقط، بل نخسر جزءًا من ثقتنا، من براءتنا، من ذلك النقاء الذي صدّق أن “النية الطيبة تُكافأ دومًا”. نكتشف أن ليس كل من ابتسم لنا كان نقيًا، وأن الطعنات لا تأتي فقط من سكاكين الأعداء، بل من ظهور الأحباب أيضًا.
ولكن، هل الخذلان نهاية؟بالقطع لا ، فهو المدرسة القاسية التي تُعلّمنا الفرق بين من كان بجوارنا حقًا، ومن كان مجرد ظلٍ يظهر حين تشرق شمسنا ويختفي حين تغيب. هو الغربال الذي يُنقّي قلوبنا من الأوهام، ويصقلنا كما تُصقل السيوف في النار.
في لحظات الانكسار… يولد وعي جديد وتصبح تلك اللحظة التي تجلس فيها على حافة خيبتك، وتسمع صمت الكون، وتبكي دون صوت، هي اللحظة التي يُعاد فيها تشكيلك. كل خذلان تتجاوزه، يبني في داخلك جدارًا من الصلابة، ونافذة من الفهم، وسقفًا من التقدير لنفسك.
وهذا لا يعني أنك كنت غبيًا… بل أنك كنت نقيًا في زمن مُتلوّن ، فلا تندم على طيبتك، ولا على وفائك، ولا على حسن ظنك. فالحياة لا تكافئ دائمًا في التوقيت الذي نريده، لكنها تُعطي في النهاية لكل قلب ما يستحق. فقط، تعلّم أن تحب بوعي، أن تُعطي بحكمة، وأن لا تجعل من أحدٍ مركزًا لحياتك إلا الله.
فرصة لأن تكتشف نفسك من جديد. لأن تبني علاقات أصدق. لأن تضع حدودًا أوضح. لأن تكون أقوى، لا قاسيًا… أنضج، لا متشككًا.
فما بعد الخذلان، ليس موتًا… بل ولادة جديدة لنسخة منك، أكثر وعيًا، وأكثر جمالًا.
لذا إذا خذلك أحدهم، لا تجعل خذلانه مرآةً لقيمتك، بل اجعله دليلًا على أنك تستحق من يُقدّرك حقًا.
وكلما سقط قناع… اقتربت من الحقيقة، وكلما تجرعت ألمًا… اقتربت من الحكمة.
وتذكّر دومًا:
القلوب الصافية لا تُهزم، بل تزداد صفاءً بعد كل خذلان
د.تامر عبد القادر عمار
خبير التسويق والتخطيط الاستراتيجي
استشاري اسري وتربوي
لايف كوتش السعادة

مقالات ذات صلة