السيدة سكينة بنت الامام الحسين

95

إعداد/ محمد أحمد محمود غالي

السيدة سكينة بنت الامام الحسين هي: “سكينة بنت الامام الحسين بن علي بن أبي طالب، وأمها الرباب بنت امرؤ القيس”. إشتهرت السيدة سكينة رضي الله عنها بهذا الاسم الذي لقبته بها امها الرباب لسكونها وهدوئها اما اسمها الحقيقي فمنهم من قال آمنه ومنهم من قال أمينة أو أميمة. لم يعرف تاريخ مولدها على وجه الدقة وان كانت اكثر الروايات ارجعت مولدها في العام السابع والاربعين من الهجرة الشريفة وعلى هذا القول يكون عمرها عند استشهاد أبيها أربعة عشر عاما. أمها الرباب بنت امرئ القيس بن عدى، كان أبوها مسيحياً وأسلم على يد عمر وخطب ابنته للحسين، وولدت له سكينة وعبد الله. أطلقت عليها أمها الرباب اسم سكينة فاسمها بضم السين يعنى الفتاة المرحة خفيفة الروح، وبفتحها تعنى الوداعة والطمأنينة. إشتهرت بجمالها، فكانت خليطًا من اللطف الطبيعى، والعقل الانتقادى، والفصاحة اللاذعة. شهدت معركة كربلاء وروت أحداثها، وكانت من جملة النساء اللاتي أخذن إلى عبيد الله بن زياد في الكوفة، ومن بعدها إلى يزيد بن معاوية في الشام؛ وذلك بعد إستشهاد الإمام الحسين وأهل بيته عليهم الرضوان. بعد استشهاد أبيها الإمام الحسين رضي الله عنه، عادت السيدة سكينة الى الحجاز حيث أقامت مع أمها الرباب في المدينة المنورة، ولم يمض وقت طويل حتى توفيت أمها وعاشت سكينة بعدها في كنف أخيها الإمام علي زين العابدين بن الإمام الحسين رضي الله عنهم، وكانت قد خطبت من قبل بن عمها عبد الله بن الحسن بن علي فلما قتل بحادثة الطف قبل ان يبني بها كانت ترفض الزواج بعد هذه الاحداث ولما جاء مصعب بن الزبير أمير العراق يريد الزواج منها تزوجته ولكن سرعان ما قتل مصعب، ثم تزوجت بغير واحد. وكانت بديعة الجمال. وكانت شهمة مهيبة. نشأت السيدة سكينة وتربت في البيت النبوي في أحضان والدتها الرباب وأبيها الامام الحسين فتشربت مبادئ وأخلاقيات الداعيات من بيت النبوة محتذية بقدوة النساء جدتها السيدة فاطمة الزهراء وعمتها السيدة زينب عقيلة بني هاشم. مماجاء في فضلها ان أباها الامام الحسين كان يحبها ويسر لرؤيتها ولما رأى بعض أهله يلاحظون عليه ذلك أنشدهم:
لعمرك انني لأحب دارا
تحل بها سكينة والرباب***
أحبهما وابذل جل مالي
وليس لعاتب عندي عتاب***
ولست وان عتبوا لهم مطيعا
حياتي اويغيبني التراب***
كانت السيدة سكينة العفيفة الطاهرة الشريفة المطهرة رضي الله عنها سيدة نساء عصرها، احسنهن اخلاقا واكثرهن عبادة ذات فصاحة وبيان ودراية بنقد الشعر، ولها السيرة الحسنة والكرم الوافر والعقل الراجح تتصف بنبل الخصال وطيب الشمائل، وكانت أيضا حسناء في وقار وهيبة كأجمل ماتكون النساء الهاشميات من الفصاحة الكلامية تروى الشعر وتنقده عفيفة محضة في خدرها.
كما كانت ناقدة وراعية للشعر والادب وكانت من الادب والفصاحة بمنزلة عظيمة مع ما هي عليه من التقوى والورع والعبادة وكان منزلها مألف الأدباء والشعراء فهي بذلك أول من أنشأ الصالون الادبي بمفهمونا المعاصر وكان الشعر له دور كبير في نشر مظلومية أهل البيت والتوعية السياسية في ذلك العصر. كما كانت تكتب الشعر أيضا وصلنا بعض الأبيات التي كتبتها في رثاء أبيها رضي الله عنه مثل:
يا عين فاحتفلى طول الحياة دمًا
لا تبك ولدًا ولا أهلاً ولا رفقة***
لكن على ابن رسول الله فانسكبى دمًا وقيحًا وفى أثريهما العلقة***
وبيتين اثنين في رثاء زوجها مصعب بن الزبير:
فإن تقتلوه تقتلوا الماجد الذى يرى الموت إلا بالسيوف حراما***
وقبلك ما خاض الحسين منية إلى القوم حتى أوردوه جمًامًا***.
توفيت رضي الله عنها عام ١٢٦ه‍، ست وعشرين ومائة من الهجرة، عن عمر ناهز ٧١ عاما، في إمارة خالد بن عبد الملك والي المدينة المنورة وصلى الناس عليها جماعات وفرادى ما بين باك يومها ومنتحب حول نعشها وقد امر خالد بتاخير دفنها حتى يشيعها بنفسه وقد حضر الامير في اليوم الثاني وظل الناس يطلقون حول جثمانها الطاهر بخور العود والصندل حتى غلبهم النعاس والسيدة سكينة المدفونة بمصر هي سكينة الصغرى بنت الإمام علي زين العابدين بن الإمام الحسين رضي الله عنهم. رضي الله عنها وعن أبائها وصلى اللهم وسلم وبارك على جدها أشرف الخلق سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين