المقالات والسياسه والادب

العنف والاضطهاد في الشارع المصري.. أزمة أخلاق أم غياب الردع



✍️ أحمد الشبيتي

أصبح العنف والاضطهاد ظاهرة متزايدة في الشارع المصري، حيث لم تعد حوادث التنمر، المشاجرات، والتعدي على الآخرين مجرد وقائع فردية، بل باتت تمثل أزمة حقيقية تهدد النسيج المجتمعي. في ظل هذه التغيرات، يبرز التساؤل: هل السبب هو غياب القيم والأخلاق أم ضعف تطبيق القانون؟

العنف في القانون المصري

لم يغفل المشرع المصري عن مواجهة جرائم العنف، حيث يعاقب قانون العقوبات المصري كل من يرتكب أعمال تعدٍ بدني أو لفظي على الآخرين. على سبيل المثال:

المادة 240 إلى 244 تجرم الضرب وإحداث الإصابات، وتصل العقوبة إلى السجن المشدد إذا تسبب الفعل في عاهة مستديمة.

المادة 375 مكرر تعاقب على أعمال البلطجة والإرهاب المجتمعي، والتي تشمل استعراض القوة والتخويف، وتصل العقوبة إلى السجن مدة لا تقل عن خمس سنوات.

المادة 98 من قانون العقوبات تعاقب أي تحريض على الكراهية أو التمييز بين المواطنين، وذلك لمواجهة أشكال الاضطهاد والعنف القائم على التفرقة.

ورغم ذلك، لا تزال حوادث العنف تتكرر في الشارع المصري، مما يعكس أزمة تتجاوز مجرد العقوبات القانونية إلى أسباب اجتماعية وثقافية أعمق.

الأسباب وراء تصاعد العنف والاضطهاد

1. ضعف الوازع الأخلاقي: مع غياب الوعي والتربية على احترام الآخر، تتزايد مظاهر العنف اللفظي والجسدي.

2. تراجع دور الأسرة والمدرسة: لم تعد المؤسسات التربوية تؤدي دورها بفاعلية في غرس القيم، مما يجعل الشباب أكثر عرضة للتأثر بالسلوكيات العدوانية.

3. غياب الردع السريع: رغم وجود القوانين، إلا أن بطء تنفيذ العدالة في بعض القضايا يقلل من فاعلية الردع، ويجعل البعض يتجرأ على ارتكاب الجرائم.

4. التأثير الإعلامي والسوشيال ميديا: انتشار المحتوى العنيف في الأفلام والمواقع الإلكترونية يساهم في تطبيع العنف لدى الأجيال الصغيرة.

كيف نواجه هذه الظاهرة؟

تفعيل القوانين بصرامة: يجب تسريع المحاكمات في قضايا العنف والبلطجة، مع تغليظ العقوبات في الجرائم المتكررة.

تعزيز الوعي المجتمعي: الإعلام والمدارس والمؤسسات الدينية يجب أن تؤدي دورًا أكبر في نشر قيم التسامح والاحترام.

تشديد الرقابة على المحتوى الإعلامي: يجب الحد من المشاهد التي تروج للعنف على الشاشات ووسائل التواصل الاجتماعي.

تحفيز المواطنين على الإبلاغ: توفير خطوط ساخنة لحماية المبلغين عن العنف والبلطجة يساهم في كشف المعتدين بسرعة.

خاتمة

إن إصلاح المجتمع يبدأ بإعادة الاعتبار للقيم والأخلاق جنبًا إلى جنب مع تنفيذ القانون، لأن الردع القانوني وحده لا يكفي ما لم يكن هناك وعي مجتمعي بأهمية التعايش السلمي. فالشوارع التي كانت يومًا تعكس روح التكافل والمودة بين المصريين، يجب ألا تتحول إلى ساحات للصراع والعنف.

ويبقى السؤال: هل آن الأوان لوقفة مجتمعية حقيقية ضد هذه الظواهر؟ 

مقالات ذات صلة