الكنانة نافذتك القانونية هل يجوز التأمين ضد خطر الإنتحار
بقلم .البراء مهدى
هل يجوز التأمين ضد خطر الإنتحار؟
يصطدم تأمين خطر الإنتحار بأحد أهم أركان عقد التأمين وهو ركن الخطر، فمن شروط ركن الخطر هو عدم توقف وقوعة علي محض إرادة احد الطرفين، وألا يكون الخطر قد تحقق بسبب الخطأ العمدي من المستأمن، فإذا كان الخطر المؤمن منة متوقف علي محض ارادة احد أطراف التعاقد، اصبح عقد التأمين باطلاً بطلاناً مطلقاً، لإنتفاء ركن الخطر، فالخطر يفترض في وقوعة ان يقع نتيجة الصدفة او السبب الأجنبي كالسرقة او الحريق او القوة القاهرة، وليس راجعاً لمحض إرادة احد الأطراف أو راجعاً لخطأ عمدي من المستأمن
فضلاً عن أنه اذا توقف وقوع الخطر علي محض إرادة احد الطرفين او كان بسبب خطأ عمدي من المستأمن فإن ذلك ينفي صفة الإحتمالية عن الخطر ليصبح بذلك الخطر محقق الوقوع بالفعل الأمر الذي يؤدي أيضاً الي بطلان عقد التأمين
ولن يكون هناك أية جدوي او أية قيمة حقيقية للعملية التأمينية، فليس من المعقول ان يؤمن شخص علي حياته وبعد ذلك يقوم متعمداً بإنهاء حياته، او يقوم بالتأمين علي سيارته ومن ثم يقوم متعمداً بحرق هذه السيارة الذي أمن عليها
ويكون الجزاء المترتب فيه مثل هذه الأحوال، هو انتفاء مسؤولية المؤمن بدفع مبلغ التأمين، او بعبارة أخري ان المؤمن لن يكون ملزماً بدفع مبلغ التأمين للمؤمن عليه
وهذا يحدث أحياناً في الواقع العملي وهو ان يقوم المستأمن -لسبب أو لآخر- بإهلاك الشئ المؤمن علية عمداً لكي يحصل علي مبلغ التأمين، وسواء أكان فعلها بنفسة او بالغش والتواطؤ مع الغير فقرر المشرع معاملته علي نقيض مبتغاه، وقرر في هذه الحالة عدم جواز استحقاقه لمبلغ التأمين
حيث نص علي أن “الخسائر والأضرار التى يحدثها المؤمن له عمدا أو غشا، فلا يكون المؤمن مسئولاً عنها ولو أتفق على غير ذلك”
ولكي يزيد المشرع من صرامة هذه القاعدة بما يتفق ورغبتة في عدم الإستهتار بالعملية التأمينية، ولكي لا يكون ذلك دافعاً للأفراد ليحققوا الأخطار بأنفسهم فجعلها قاعدة آمرة، لكي لا يتفق الأفراد علي مخالفتها، وذلك مستفاد بداهة من نصه “ولو أتفق علي غير ذلك”
ونص أيضا علي أنه تبرأ ذمة المؤمن من التزامة بدفع مبلغ التأمين اذا انتحر الشخص المؤمن علي حياته
ولكن بشرط وحيد وهو ان يكون الإنتحار صادراً عن إرادة حرة وإدراك من المؤمن عليه، اما اذا كان المنتحر شخصاً فاقد الإرادة والإدارك فإن التزام المؤمن -بدفع مبلغ التأمين- يبقي قائماً بأكملة، لأن المنتحر يكون فاقد الإرادة، وفاقد الإرادة لا يمكن أن تنسب إليه أية مسؤولية عن أفعالة
وبهذا يتضح لنا أن الأصل هو عدم جواز التأمين ضد الانتحار، ومع ذلك فعاد المشرع في الفقرة الأخيرة من نفس المادة ووضع حكم يفيد بجواز التأمين من الإنتحار كإستثناء، وبشرطين
الشرط الأول: هو اشتمال وثيقة التأمين علي شرط صريح يغطي فعل الانتحار حتي ولو صدر عن إرادة حرة وإدراك
والشرط الثاني: هو وقوع الانتحار بعد سنتين علي الأقل من تاريخ العقد
ويجد الفقه تبرير ذلك في أن المشرع كان قاصداً مراعاة مصلحة ورثة المستأمن المنتحر، لكي يجدوا إيراد يعولهم -وهو مبلغ التأمين- بعد وفاة مورثهم
نفهم من ذلك أنه بحسب الأصل لا يجوز التأمين ضد خطر الإنتحار (لتعارضة مع القواعد العامة لعقد التأمين) وإستثناءً عليه يجوز التأمين من الإنتحار بشروط.
أنظر المواد 768 و 756 مدني.