50

بقلم صفاء علي سليمان
اخذني معه إلى مدينة بعيدة، مدينة غريبة،
في الأصدقاء، في الأهل، في العادات والتقاليد،في الملابس، غريبة عني، ليست مني..
كنت أظنه سيأخذ بيدي، لنسير معاعلي درب الغد والاحلام الوردية،
لكني خضت حروب كثيرة، دارت بداخلي معارك شتي، احيانا كنت انتصر فيها، واحيانااخري كنت اتجرع مرارة الهزيمة سخرية الايام، تحطمت بقلبي مدن، وسقطت مآذن، وانهارت مشاعر، رممت بعضها، والبعض الآخر مازال يرقد مستسلما تحت الركام،
دخلت معه احمل هويتي وحريتي وبداخلي المسافات والايام، احمل معي أوراق ربيعي، وجواز سفر أحلامي،ترتفع بي إلى أعالي السماء، احلق حول النور مع الفراشات، ثم انزل علي الأرض الصلبةتلهبني حرارة الرمال الساخنة..
تدور بي الايام يمينا ويسارا مثل بوصلة حائرة، اتخبط على جدران الواقع المغلقة، فلا أجد ابواب أو نوافذ لاتنفس منها هواءالعمرونسيم الحياة، لا أجد الا ثقباصغيرا يدخل منه خيط الشمس الرفيع، فاتمسك به ربما يأخذني إلى النور، وأصنع منه عقدا من اللؤلؤ، فاجده يلتف حول عنقي يخنقني ثم يتلاشي..
بنيت تلالا من الورود، وجبالا من الياسمين، جففها الحزن..
كنت امسك كل خيوط البدايات وانسج منها ثوب الحب والحرية، فتحاصرني مرارة النهايات وخيبات الأمل فيضيق الثوب على جسدي المنهك النحيل..
بحثت من حولي على الشخص الذي أتى بي إلى هذة المدينة الغريبة.. فلم أجده.. لقد اختفى وسط الظلام، كلما مددت يدي لاستغيث به يبتعد أكثر وأكثر.. حتي تلاشى ظله تماما.. وأصبحت وحيدة..
ابكي حتى تجف الدموع، افرح حتي حد الطيران، أحزن حتي اغرق،
أحلم حتى الهذيان، اتمنى واتمنى حتى تنفذ الامنيات، اضحك حتى الجنون، اصرخ حتى الضياع، امرض حتى الموت…
.. تمت..