أدب وثقافه

النِّداء الأخير

النِّداء الأخير | سمر بودقّة

ضاقَتْ بِها الدُّنيا، وغَلَّقتِ الأبواب في وَجهِها، فَذهبت تلملمُ الأوراق المُتناثرة في كل زاوية، واحدةً تلو الأُخرى، تستجمع ماتبقى منها، من هويِّتها، من جذورها،

لتضعها سويًّا في ملفِّ ذاكِرَةٍ مُتعبَةٍ، وتنتظر!

تنتظرُ النِّداء الأخيرَ، ذاك النِّداء الذي سيغيِّر حياتها، تنتظر رنّة هاتفٍ ظنَّتهُ لِوَهلَةٍ بأنَّهُ فقد صوتَهُ منذُ زمن…

تنتظرُ أن تُفتح لها الأبواب، وأن تعبر، لا تدري إلى أين تاخذُها قدَماها بعد اليوم؟!

تسير نحو مستقبلها المجهول، كمَن عَصَبَ عَينَيهِ، وقرر السَّير وراء إحساسِهِ، إحساسِهِ فقط…
تنتظرُ النِّداء الأخيرَ لتنتزع قلبها وتطيرَ.. تحلِّقُ كما أجنحة الطائرة… ثُمَّ تلوِّحُ بِيَدِها مِنَ الشُّباكِ كما كانت تفعلُ عندما كات صغيرة عِندَما تركبُ الحافلة وتلوِّحُ بِيَدِها لِلمارّة… 
والآن كبرتُ.. وأردتُ أن ألوِّحَ لك، لربَّما تراني من جديد

لربما!

في داخلي ما زلتُ طفلةً صغيرة.. إن غاب عني عزيزٌ، التجئ للبكاء…

لم أعرف حتّى الآن كيف أنضجُ؟! وأصبح شابة تنجز أشيائها بنفسها!…

فقط كنت أحتاج للنداء الأخير، الذي يخلصني مما كنت عليه وأردت خُسرانه.. 
أقلعت الطائرة وبقيت ذكرياتي حبيسةً داخل عقلي، فقط 

أقلعت الطائرة وحان موعد الرحيل، كان ذلك النداء الأخير الذي كنت أنتظره.. وحدث!!!

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى