أدب وثقافه

ا لــشيــطــانُ  أخــيــراً نر ا هُ  في رواية  الشيطانُ يسكن بيتي 

كتب سيد جمعه : 

في القرأن المجيد :

• قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ (1) مَلِكِ النَّاسِ (2) إِلَهِ النَّاسِ (3) مِنْ شَرِّ الْوَسْوَاسِ الْخَنَّاسِ (4) الَّذِي يُوَسْوِسُ فِي صُدُورِ النَّاسِ (5) مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ (6) ]سورة الناس[.

• وَأَنَّهُ كَانَ رِجَالٌ مِنَ الْإِنْسِ يَعُوذُونَ بِرِجَالٍ مِنَ الْجِنِّ فَزَادُوهُمْ رَهَقًا [ سورة الجن [

  صدق الله العليّ العظيم 

وفي الأحاديث الصحاح : 

• ” في حديث البخارى و مسلم ” إن الشيطان يجرى من ابن ادم مَجرى الدم “

• وفي الإنجيل المقدس :

” أصحوا وأسهروا لأن إبليس خصمكم كأسد زائر يجول ملتمسا من يبتلعه هو فقاوموه راسخين فى الإيمان عالمين أن نفس هذه الآلام تجرى على أخوتكم الذين فى العالم” .                                           

                       رسالة بطرس الأولى أصحاح ٥ أية ٨

و نأتي إلى الأدب وفي كتاب (الغرابة .. المفهوم و تجلياته في الأدب ) للدكتور شاكر عبد الحميد ( ناقد اكاديمي مصري ادبي وفني موسوعي) انقل منه هذه الفقرة :

” و وفقا لما يقولهً فرويد ” يمتلك سارد القصص ، تلك الحرية الإبداعية التي لا يمتلكها كثيرون في الحياة العادية ؛ إنه يمتلك حرية الخيال ؛ كما يمتلك بعضا من الطاقة الإيحائية ؛ أي تلك الطاقة التي تجعله يُضفي الحياة على بعضٍ من الأشياء و الكائناتِ التي تفتقر إلي الحياة ؛ هنا يكون القارئ مضطراً إلى ان يُعلق حكمهِ المنطقي على الأشياءِ ، اويُوقفهُ ” .

 بهذه الفقرات الثلاث من آيات من القرأن الكريم ، والأحاديث النبوية والإنجيل ، والدرسات البحثية الدينية والأدبية والعلمية المختلفة التي تتناول العلاقة بين الأنسان والخصم اللدود ” الشيطان ” وتأثيراته القوية علي سلوكيات الإنسان ومحاولة ذلك – الملعون – من الله والمُحذر منهِ مِن الأنبياءِ والرُسل و علماءِ النفسِ والموجهين للسلوك السوي لبناء المجتمع و تقويمهُ ؛ لإعمار الأرض بالخير سنرى أنها كانت تجربة غير عادية من الكاتب ؛ أشبه بمخاطرة من يُحاول الإقتراب من ” مُثلث برمودا ” لتصوير ما يحدث وربما ما زال يحدث فيه ويكتنفُه من غموضٍ يُحير !

إن الربط وتصوير هذا الرابط الغير مرئي رغم تأثيرهُ الواضح والقوي من هذا ” الغريب ” و ما يُمثلهُ من “غرابة ” ميتافيزيقية تحدثت عنها الكتب المقدسة والعلماء والأدباء والفنانون الذين بتقتيات العصر جعلوها مرئية في الأفلام بأنواعها و اللوحات بتقنياتِها المختلفة ؛ يضعُ القارئ والمتلقي في حالة دهشة تؤدي كما قال فرويد إلي أن “يُعلق أو يوقف حكمهُ المنطقي ” ؛ اسوةٍ بمن سَمِع أو قرأ عن هذا المثلث العجيب ! 

الرواية ؛ رواية ” الشيطانُ يَسْكُن بيتي ” للكاتب هي مخاطرة ومحاولة تبدو فعلاً مُخاطرة ” سردية ” لتجسيد هذا الرابط وتلك العلاقة بين بطلي العمل الرئيسيين ( الحارث ، ورءووف ) الذان يتملكهما قرين ملكية ” السيد” لعبدهِ يأمرهُ يوجههُ ويُلزمه و يُخضعهُ خضوعاً تاماً بل ويُنفي أي حرية وقدرة على التصرف له حتى لو كان مُصيبأ فهو يَذعنُ إذعاناً تاماً لِما يُمليهِ عليهِ ” سيدهُ ” ولأن غريزة ( الجنس ) من أقوي الغرائز الإنسانية التي تُمثل وسيلة الشيطانُ الأولى و الأقوى – وسنتبين ذلك لاحقاً في سياق الرواية – للسيطرة على الإنسان ودفعهِ إلى الفجور والفساد والإنحلال و الإبتعاد عن السلوك الفطري السليم والمألوف والمُتفق عليه للتقرب للربِ للمتدينيين بهِ؛ أولغيرهم لإقامة مجتمع حضاري يُعلي القيم الأخلاقية .

ولأن الغرابة نفسها ، بكل ما تشتمل عليه من رصد و تمثيل و تجسيد للشك و الإزدواج و الألتباس ؛ جوهر الأدب ومال إليه باحثون ونقاد أمثال نيل هيرتز ، وهارولد بلوم فإن الكاتب بقدراته التخيلية و ادواتهِ السردية كانت الإزدواجية المُتمثلة في الشخصية بين الذات والقرين أو الغريب أو الشيطانُ اللذان معاً يُمثلان شكلاً من الأشكال الأدبية السردية التي أشار إليها فرويد في الفقرة عاليهِ .. 

( ان السارد يمتلك حرية الخيال ؛ كما يمتلك بعضاً من الطاقة الإيحايية الي تجعلهُ يُضفي الحياة على بعضٍ من الأشياء و الكائناتِ التي تفتقر إلي الحياة ) . 

ومن هذه الطاقة إستطاع كاتبنا أن يقيم دعائم الرواية الأساسية كالشخصيات الأساسية والثانوية ، والأحداث والعلاقات المُتشابكة و المُتتمة للحدث كا الزمان والمكان والافعال وردود هذه الأفعال والتأثيرات المتبادلة بينهم بل كانت ملامح الشخصيات البدنية وسلوكياتها الغير سوية والمُتسقة معها ؛ كان ذلك له تأثيره الدرامي في ديناميكية الرواية و إيجاد عناصر للتشويق ومحاولة إدراك الحدث وما وراءه تم ذلك في براعة لغوية وسردية وحوارية مُتميزة . ولعل أبرز ما في الرواية هو التكثيف الحاد للعلاقات نفّسِها أو تكثيف الوصف لكثير من المشاهد ؛ والذي تكادُ اهميتهُ يُختلف عليها لدي البعض ؛ لكن أرى أن هذا التكثيف كان ضرورة أساسية لبيان قوة وحجم التأثير من هذا القرين علي الشخصية وإبراز نوعية و درجة المقاومة و كيفيتها والسلبية والإذعان المُتمكن لدى الشخصية وهذا القهر الوسواسي من القرين وهذا الشيطان العجيب الذي ليس لهُ سلطانٌ إلا الدعوة كما ورد بالقرأن الكريم . 

هذه ملامح أهم الشخصيات الأساسية وبعضاً من سلوكياتِها :

 الحـا ر ث عبد الجبار :

” يسير في طريقه مشتت الفكر زائغ العينين. 

يسمع طنينا في أذنيه. يصيخ السمع ويتساءل منصتا لأصوات تتضارب داخله. هل ماتت أمه أم لا؟ لا لم تمت بعد. إنها ستموت وبالأحرى بعد ساعات. هكذا أبلغه شيطانه. ماتت أم لم تمت كلها ساعات وسينتهي الأمر. شعر بالارتباك وأسرع في خطواته.

يحس بالارتباك بصورة أكبر بعد أن برقت بذهنه صورة الفتاة الجامعية ذات العشرين عاما التي ضاجعها منذ ساعات. بكت وركعت على ركبتيها ليسترها بالزواج بعد أن قبَّلت يديه وكادت أن تقبِّل حذاءه.

هرب من تفكيره بالفتاة, وتذكَّر حديث شيطانه له بأن أمه ستموت. هكذا حدثه شيطانه الذي يسكنه دوما. لم يكذبه شيطانه إلا قليلا. إنها صداقة عمر وخبرة حياة وتجربة صادقة مع شيطان يزامله, وفي بعض الأحيان يعرف بواطن الأمور ولا يغفل عن شيء أبدا مهما كبر أو صغر. دوما يوسوس له فيستجيب لندائه. يغويه فيلتزم أمره. يأمره فينفِّذ وينهاه فيستجيب.

” تمر به امرأة كانت ترمقه وتتبعه. سار خلفها بعد أن اشتم منها رائحة اللهو وعبق الشهوة الذي يتطاير من جسدها. لقد التقطها رادار شيطانه مما جعله يدور حولها في البداية, ثم دار هو أيضا معه, ولكنه تراجع عنها. أخبره أنها عاهرة. ابتعد عنها لا لشئ سوى أنه يريد أن يلحق بأمه قبل أن تفارق الحياة. لو كان الأمر غير ذلك لراوغها وأمسك بها ولم يفلتها قط. لمَ لا والنساء لعبته؟ هن مهنته. يتاجر فيهن وبهن ولهن. لمَ لا وشيطانه يزين له كل امرأة بأنها ملكة للجمال وربة للحسن وإلهة للإغواء وعاشقة لفن الإغراء؟ سيتواصل معها فيما بعد. العملية سهلة والأمور بسيطة جدا, ولكن عليه الآن أن يرجع إلى بيته ليمكث مع أمه تلك الساعات القليلة المتبقية لها على قيد الحياة. ” .

رؤوف عاطف الغلبان :

” يريد أن يدفعها بعنف لتبتعد عنه، ولكنها تزداد منه قربا. يدفعها لتبتعد, وتسحبه ليقترب. يفلح في أن يهرب منها ويعطيها ظهره. تتغلب عليه وتشده بعنف في رغبة وتنجح في أن تجعله في مواجهتها. تنقض على شفتيه وكأنها لم ترتوِ بعد. تتغنج في رحابه متدللة محتضنة إياه في عنف. تقبِّل طابع الحسن أسفل ذقنه. تعتصر كل رجولته. لم تنته منه بعد. انتظر قليلا ثم تأفف ووقف بعد أن نزل من سريره وستر نفسه بملاءته. بادرها غاضبا:

• حرام عليك. كلها نصف ساعة ويؤذن لصلاة الفجر. لقد انتهي وقتك.

• أتحسب الوقت على بالدقيقة يا أوفا؟! كنت أعتقد أنك تحبني. كنت أعتقد أن ما بيننا ليس عملا وفقط. لقد أحزنتني.

• أستغفر الله العظيم. كفانا ياسهير هانم.

• أعرف ما يعدل مزاجك جيدا. سأزيدك. هل يكفيك عشرة آلاف جنيه لك وحدك زيادة على اتفاقي مع صافيناز؟

• لقد اقترب موعد الآذان.

• يا تقِي. يا وَرِع. بارك الله فيك. 

• أرجوك يا سهير هانم. كفانا الليلة.

• سأدفع أكثر في المرة القادمة وسأحضر مبكرة في التاسعة.

• لا. في العاشرة. بعد أن أنتهي من صلاة العشاء.

• ألم أقل لك إنك سيد المتقين وإمام الصالحين. نفسي أمتلكك

  تبدو عليه علامات الضيق. تجره من رقبته إلى السرير من جديد ثم تلتصق بأحضانه . تداعب شعر صدره الكثيف فيزيح يدها بقوة. يتململ ويبدي رغبته في القيام من جوارها, إلا أنها تنجح في أن تضمه أكثر إلى صدرها العامر المكتنز بنهدين صلبين مكتنزين مشتاقين إلى لمسات فارس ماهر يعتصرهما فتجتلب لذة ما جربتها منذ أن تزوجت خنزيرها التافه العنين الحقير حازم لطفي. هذا الاسم الكبير والعَلَم الشامخ في الوزارة. لقد سقط من نظرها في أول أسبوع من زواجهما. لماذا تزوجها إذا؟ يبدو أنه أراد أن يكمل الشكل الاجتماعي بامرأة جميلة فاتنة حتى لا تلتصق به الشائعات بأنه ليس رجلا. لن يشك أحد فيه عندما يتزوج بمثلها. لما سألته قهقه وهو يدفع بكل ما في كأسه دفعة واحدة في كرشه الضخم وأجاب في غير خجل: “عندما تعلم امرأة واحدة بخيبتك أفضل من أن يعرف الناس كلهم. أنا أثق فيك يا سوسو. لقد قربتك مني وأعطيتك منصبا لم يكن لك أن تحلمي به”.

دقائق ورن هاتفها. 

بدا عليه القلق. تمني لو استطاع أن يختفي تحت الغطاء. ابتسمت واقتنصت شفتيه من جديد وتدللت عليه في صوت هامس لتطمئنه:

• لا تخافي يا قطتي. يا أوفة. إنه في الإسكندرية في اجتماع وزاري مهم. 

• أخشي أن يعرف أين أنت؟

• لا تخف وأنت مع سوسو هانم. أنت معي في يد أمينة.

• إنه رجل مهم في الوزارة وأخاف على نفسي أن…

• لا تكمل يا حبيبي. غدا تفتح لك سوسو كل الأبواب المغلقة. أنت معي. 

• كيف؟

• هذا شغلي. ” . 

*********

هذان النموذجان من شخصيات الرواية التي يُشار إليهما من سلوكياتهما أنهما يتبلسهما أو بالقول الدراج – يركبهما – ” الشيطان ” أو القرين ؛ وبالضرورة يدور في فلكِهما الشخصيات الثانوية التي تتسق معهما و بدرجاتٍ من التشابه ؛ وجميعهم في صراعٍ وإحتكاكٍ وتلامس و تقارب واحياناً في نفور للطبيعة الغير مستوية لديهم في حين تمثلُ (خديجة) النقطة المضيئة الخافتة والقابعة بعيداً في أعماق سحيقة داخل ” الحارث و ايضاً رؤوف ” وكلاهما لا يستطيع أن يهرب منها بل ويتمنى ان يُمسك بها بقبضةٍ من حديد ولكنه عاجزٌ عن ذلك لرعونة وضعف وإذعان وقهرٍ لا يتحملاه ولا يريدا أحياناً ان مُقاومهُ أو التخلص منهُ جراء المهانة رغم اللذة التي يستشعرُاها من ضعف وقذار ونفور ومن الإستكانة واليأس واللأمل في الإستقامة أشياءُ عديدة تؤدي بأحدهما إلي مصيرهُ الحتمي المُفصل في القرأن الكريم (كَمَثَلِ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ قَرِيبًا ۖ ذَاقُوا وَبَالَ أَمْرِهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ 15 كَمَثَلِ الشَّيْطَانِ إِذْ قَالَ لِلْإِنْسَانِ اكْفُرْ فَلَمَّا كَفَرَ قَالَ إِنِّي بَرِيءٌ مِنْكَ إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ 16 فَكَانَ عَاقِبَتَهُمَا أَنَّهُمَا فِي النَّارِ خَالِدَيْنِ فِيهَا ۚ وَذَٰلِكَ جَزَاءُ الظَّالِمِينَ 17 سورة الحشر .. صدق الله العظيم  

  لكن (رؤوف ) يلتقي بحبيبتهِ الأولى والأخيرة ” خديجة ” حين يقبلُ الله توبتهُ فَيُعينهُ عليها بتخلصهِ من مالهِ الحرام وعلاقاتهِ السيئة التي سببت مع اطماعهِ هدفاً مادياً أبعده عن الإستواء الفطري الإنساني والديني ؛ فحق عليه قول الله سبحانه وتعالي ” وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا (68) يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَانًا (69) إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا (70) سورة الفرقان 

الرواية كما ذكرت اشبه بمخاطرة محسوبة من الكاتب تشبه إلى حد ما الإقتراب من مثلث ” برمودة ” تستوجب الحذر من الإنزلاق في تركيب و تفتييت ورصد علاقة غير مرئية بين ذاتٍ شخصية وقرينٌ غير مرئي يجري في الدم ؛ نراهُ و نستشعرهُ فقط من خلال سلوكياتٍ مُحرمة عقائدياً ومُجرمة قانونياً ، إجتاز كاتبنا المخاطرة بإدواته وقدراتهِ السردية وبناء الشخصيات وإدارة الصراعات بين ذات الشخصية وهذا القرين الطاغي واللامرئي وعلاقاته مع الأخرين مع التكثيف الحاد للأحداث وتفاصيلها والتوظيف الماهر والإحترافي لكل عناصر الرواية .   

تتمثل قدرة المُبدع في تصوير وتتحقيق غرابة أو عجائبية غير مألوفة في مثل هذه الأعمال التي تقْرنُ وتمزج بين شخصية وقرين لها له تأثر طاغٍ عليها ، ومنها :

• أن يجبر النص قارئهِ على أن يضع في حِسبانهِ عالم الشخصيات – الموجود داخل النص – بوصفه عالما من الأشخاص الأحياء ، و أن يتردد هذا القارئ و يتأرجح بين التفسيرت الطبيعية والتفسيرات الخارقة أو ما وراء الطبيعة تلك الملموسة والمعتادة في الحياة العملية ، وهكذا فإن الغرابة وهذه الإزدواجية المُتفاعلة بين الشخصية و القرين ” الشيطان ” والتفسير الغير منطقي يولد إحساس بالتردد الإلتباس و التأرجح والشك يقوم بين الشخصية الموجودة في النص و القارئ المُستكشف له ، وهذا يُشكل غموضاً وعنصر جَذبٍ للقارئ ؛ وهذا يُحسبُ لِمُبدعنا .

• قد نتبين شيئأ من الإزدواجية الأدبية في النص حيثُ تعني كلمة إزدواجية وجود حالتين اثنين من شيء ما ؛ كما أنها تعنيان أن يدرك شئ واحد علي وجهين ؛ أو يتجلى مرتين أو يُدرك مزدوجاً ؛ وقد يكون هذا الإدراك مُتوهماً ، وهذا الأخير ما يُصادفنا في النص وهو أن تكون حالة الإزدواج حالة يكون فيه الجانبان او الوجهان أو الحالتان أو الشخصان المكونان لحالة الإزدواج إما في حالة تكامل أحدهما مع الآخر، علي الرغم من إختلافهما ، أو في حالة تناقض و تنافر وعداء احدهما مع الآخر علي الرغم من تماثلهما . 

……

* يطالعنا الغلاف بعنوان الرواية باخلفيتهِ السوداء ولونهِ الأحمر وحجمه المُتسق مع مساحته بأشباه الكائنات الإنسانية وبريقاً في عينين شخصية شريرة يَشعُ منهما دلالات المكر والدهاء ؛ وإثنين من النساء إحداحما باللون الأحمر و ما يُشير إليه من الإثارة النسائية للجنس والأُخرى باللون الأبيض وما لهُ من دلالات البراءة والشفافية .

* وفي الصفحة الأُولى نصاً لأيةٍ كريمة من القرآن الكريم يُتمم ويُشير إلي تحذير إلهيّ من مغبة إتباع وسوسة الشيطان الذي سنراهُ رؤية العين طوال الرواية .

* الرواية تُركز وترتكنُ علي الشخصيتين الرئيسيتين ( الحارث و رؤوف ) وكل من يدور في فليكهما والافعال وردود الأفعال بينهم ، كما ترتكز على براعة وقدرات المبدع السردية في تحقيق التوازن وتجسيد الخالفي لكل مشهدأ وحدثٍ في الرواية التي إستحدث الكاتب فيها التبويب الخطوات وعددها ثلاث ، وكل خطوةٍ فصلاً هو مشهد مُتكامل للأبطال الرئيسيين والثانويين يخضعُ و يتسق مع عناصر الجذب والتشويق ورسم ملامح وقوة الوسوسة وضعف ورعونة مقاومة البطلين الأساسيين أمام قهر الشيطان مع إستمراء التسليم للرغبة والمذلة والمهانة اللتين يتمرغان فيها بنشوة وإلتذاذ .     

• وأخيرا لأن الرواية بها من الزخم الفكري والسردي ؛ وفيها الحاِرص من الكاتب أن لا يسقط في هوة التوجيه المباشر في النص فقد نجح في إتخاذهِ سبيل الإيحاء بمقت السلوك الغير سوي ذا النهاية المؤكدة دينيا وعقائدياً و أخلاقياً من خلال هذا التكثيف المُتعمد والحِرفيّ لهذه السلوكيات ومظاهرها السلبية ، والرواية في مُجملها تحمل أيضا تأويلاتٍ مُتعددة منها … 

   كيف نرى هذا الشيطانُ الذي يَسكُننا … !

                               ســيــد جــمــعــه

                               ناقد تشكيلي واديب 

                                  16 / 3 / 2022 م

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى