تواصل النيابة العامة تحقيقات موسعة مع المحامي “نصر الدين.ال”، المعروف بـ “سفاح المعمورة” والمتهم بقتل 3 أشخاص “سيدتان ورجل” ودفن جثثهم في شقتين بمنطقتي المعمورة والعصافرة.
و تواصل نيابة المنتزه ثان، بإشراف المستشار خالد جلال، المحامي العام الأول لنيابات المنتزه بالإسكندرية، التحقيق في واقعة المحامي المتهم بقتل 3 أشخاص «سيدتين ورجل» وإخفاء جثثهم بأرضية شقتين، والمعروفة إعلاميًا بـ«سفاح المعمورة».
ورجحت المعاينة الأولية أن الجثة التي عثر عليها مدفونة بأرضية شقة كان يستأجرها المتهم بالطابق الأرضي بمنزل بشارع 7 متفرع من شارع 45 بمنطقة العصافرة ترجع للمهندس محمد إبراهيم، 60 سنة، مبلغ بتغيبه من 3 سنوات.
وفجرت تحريات إدارة البحث الجنائي مفاجأة، إذ تبين أن المتوفى يدعى محمد إبراهيم مهندس، مبلغ بتغيبه عن المنزل، ومحرر بلاغ بذلك بقسم شرطة الرمل ثان، فيما تلقت الأجهزة الأمنية بلاغا من مالك العقار بشارع 7 متفرع من شارع 45 بدائرة أول المنتزه، قرر فيه أن المحامي المتهم «ن. أ» كان مستأجرًا إحدى الشقق بالطابق الأرضي، في العقار ملكه، وتركها منذ فترة، وعندما علم بالقبض عليه دخل إلى الشقة وفوجئ بخلع بعض بلاط الأرضية، فقرر إبلاغ الشرطة.
وتكثف إدارة البحث الجنائي بمديرية أمن الإسكندرية جهودها لكشف غموض وملابسات جرائم المحامي المعروف بـ«سفاح المعمورة»، وذلك بعد ارتفاع عدد ضحاياه لـ3 جثث حتى الآن.
كانت سارة محمد، ابنة المهندس المذكور نشرت استغاثة على مواقع التواصل الاجتماعي في مارس 2022 كتبت فيها :”بالله عليكم تشيروا في كل الجروبات ممكن ربنا يجعلكم سبب في رجوع والدى عشان قلبي وجعني أوى.. والدي متغيب بقاله أكثر من 22 يوم”.
وتابعت: “ذهب للمحامي لبيع بيت ومرجعش من ساعتها حاولنا نتصل بيه رد بعد يومين وكان صوته مش طبيعي وكان جانبه المحامي وكلامه غريب وبيقول سلمولى على ناس قريبنا ماتوا كأنه بيوصلنا رسالة أن في حاجة غلط وبعد كدا تليفونه اتقفل”.
وأضافت ابنة المجني عليه: “حاولنا نتواصل مع المحامي قالنا هو باع البيت والعربية واجوز وسافر أزاي بابا يبيع ويمشى وشنطة ملابسه مخدهاش حتى طيب مين الناس اللي اشتروا ميعرفش ولا معاه نسخة من العقد حتى روحنا للقسم تاني الرمل قالنا لازم تروحوا عند القسم اللي تابع للبيت اللي والدكم باعوا رحنا لقسم منتزة تانى قالوا أزاي لازم تعملوا المحضر مكان الإقامة”.
وأشارت سارة، في استغاثتها: “دوخنا لمدة 10 أيام لحد ما جبنا محامي عملنا مذكرة غياب وطبعا معملناش بها حاجة توجهنا للنيابة العامة وأخدنا منهم تأشيرة العمل محضرة في قسم رمل تانى يوم 17/3 يعنى بعد غياب 17 يوم ولسه مش عارفين نوصل لوالدي أرجو منكم الدعاء لرجوعه بالسلامة”.
ونجحت قوات الشرطة في استخراج الجثمان في حالة تعفن داخل كيسين بعد أعمال حفر استغرقت ساعات، وتبين من الفحص وجود بعض المتعلقات التي تدل على هوية المجني عليه.
وتوصلت التحريات إلى أن الجثة لرجل مبلغ بتغيبه عن المنزل ومحرر بذلك بلاغ بقسم شرطة الرمل ثان، وجاري تكثيف البحث لمعرفته علاقته بالمتهم والأسباب وراء مقتله.
وأمرت النيابة العامة بنقل الجثمان إلى المشرحة وندب الطبيب الشرعي لإجراء التشريح اللازم وبيان سبب الوفاة وتاريخ حدوثها.
وكان قاضي التجديد الوقتي بمحكمة جنح المنتزه الجزئية في الإسكندرية، قرر تجديد حبس المحامي لمدة 15 يومًا على ذمة التحقيقات في واقعة العثور على جثتي سيدتين مدفونتين بأرضية شقة يستأجرها في منطقة المعمورة البلد.
كان قسم شرطة المنتزه ثان قد تلقى بلاغًا من إدارة شرطة النجدة يفيد بعثور الأهالي على جثة مدفونة في شقة مستأجرة في شارع مدرسة مي زيادة بمنطقة المعمورة.
عند وصول ضباط المباحث إلى موقع البلاغ، تبين وجود جثتين، إحداهما ملفوفة في بطانية، مدفونتين بأرضية الشقة المستأجرة من قبل المحامي المتهم. وُجد أن الجثتين تعودان لزوجته بعقد عرفي وموكلته.
ألقت قوات الشرطة القبض على المحامي المتهم، وأمرت النيابة العامة بحبسه على ذمة التحقيقات، وطلبت تحريات المباحث حول الواقعة واستخراج الجثتين لتشريحهما ومعرفة سبب الوفاة وسؤال شهود العيان.
شقة الموت.. بداية كشف الحقيقة
بدأت القصة تتكشف عندما استأجر المحامي شقة بالطابق الأرضي في منطقة المعمورة البلد، بحجة استخدامها كمكتب لمقابلة موكليه. لكن الحقيقة كانت غير ذلك، فقد جعل من الشقة وكرًا لعلاقاته النسائية، ومن ثم مسرحًا لجرائمه البشعة. أولى ضحاياه كانت سيدة تعرف عليها، وتزوجها بعقد عرفي. بعد مرور فترة، نشبت بينهما خلافات حادة، انتهت بقرار مروع من المتهم، حيث قرر قتلها وإخفاء جثتها.
لم يكتف القاتل بارتكاب جريمة واحدة، فمع مرور الوقت، استدرج ضحية أخرى، وهي موكلته، إلى ذات المصير. كان الدافع هذه المرة خلافًا ماليًا، انتهى بمقتلها على يديه. وكما فعل مع الضحية الأولى، قام بلف جثتها في أكياس بلاستيكية مشمعة، مستخدمًا مادة لاصقة لمنع انتشار الروائح، ودفنها بجانب الزوجة العرفية.
الصرخة التي كشفت المستور
مرت الشهور والقاتل لا يزال واثقًا أن جرائمه ستبقى طي الكتمان، حتى جاءت اللحظة التي قلبت الأمور رأسًا على عقب. فتاة متزوجة من المحامي بعقد عرفي، دخلت إلى غرفة في الشقة كان يمنعها من دخولها، لتتفاجأ بمشهد مرعب.. جثث ملفوفة ومدفونة داخل الغرفة.
لم تستطع السيطرة على صدمتها وأطلقت صرخة مدوية، وصلت إلى آذان الجيران الذين هرعوا إلى المكان وأبلغوا الشرطة فورًا. خلال دقائق، انتقلت الأجهزة الأمنية إلى الموقع، وبدأت التحقيقات في واحدة من أغرب القضايا التي عرفتها الإسكندرية.
المفاجأة الثالثة.. جثة أخرى في العصافرة
بعد الكشف عن الجثتين، توالت التحقيقات، لكن المفاجأة لم تتوقف هنا، إذ توصلت التحريات إلى وجود شقة أخرى كان المتهم قد استأجرها في منطقة العصافرة، وهي أيضًا مسرح لجريمة أخرى. توجهت الشرطة إلى المكان، وهناك تم العثور على جثة ثالثة لرجل مدفونة في أرضية الشقة، لترتفع حصيلة الضحايا إلى ثلاثة قتلى، وتزداد القضية تعقيدًا ورعبًا.
الضحية الثالثة كان رجلًا تم الإبلاغ عن تغيبه في وقت سابق، وبعد تحليل علاقته بالمتهم، تبيّن أنه كان ضحية جديدة لمخطط القتل الممنهج الذي اتبعه المحامي السفاح
تحقيقات وتحريات تكشف المستور
باشرت النيابة العامة تحقيقاتها الموسعة، وأمرت باستخراج الجثث الثلاث لتشريحها ومعرفة أسباب الوفاة، فيما تواصلت التحريات حول تاريخ المتهم وسجله الإجرامي. كشفت المعلومات أن المحامي كان متعدد العلاقات النسائية، ويتنقل بين عدة شقق مستأجرة، مما دفع الجهات الأمنية إلى توسيع نطاق البحث، لاحتمال وجود ضحايا آخرين.
كما أوضحت التحقيقات أن المتهم استخدم أساليب دقيقة في إخفاء الجثث، محاولًا منع اكتشاف جرائمه لأطول فترة ممكنة. كانت طريقة الدفن مدروسة بعناية، حيث قام بحفر أرضيات الغرف، ووضع الجثث داخلها، ثم أغلق الفتحات بمواد عازلة حتى لا تنبعث أي روائح. ومع ذلك، لم يكن هذا كافيًا لإخفاء الجريمة إلى الأبد، إذ كانت صرخة واحدة كافية لكشف المستور.
إعادة تمثيل الجريمة وحبس المتهم
في مشهد مثير للجدل، اصطحبت الجهات الأمنية المتهم إلى مسرح الجريمة، حيث أعاد تمثيل وقائع القتل، وسط إجراءات أمنية مشددة. بدا عليه الارتباك، لكنه لم ينكر أفعاله، بل أعاد شرح كيفية قتل ضحاياه وإخفاء جثثهم داخل الشقق. قرر قاضي التحقيقات تجديد حبس المتهم لمدة 15 يومًا على ذمة التحقيقات، فيما لا تزال النيابة تواصل جمع الأدلة وتحليل علاقات المتهم لمعرفة ما إذا كانت هناك جرائم أخرى لم تُكشف بعد.
هل التاريخ يعيد نفسه؟
ما إن انتشرت تفاصيل القضية في وسائل الإعلام، حتى قارنها البعض بجرائم «ريا وسكينة» التي هزت مصر في بدايات القرن العشرين. تشابهت الأساليب إلى حد كبير، خاصة في طريقة استدراج الضحايا ودفنهم داخل المنازل، ما جعل البعض يتساءل: هل يعيد التاريخ نفسه ولكن بوجوه جديدة؟