أدب وثقافه

جدوى الإبداع

كتب سمير لوبه

سؤالَنا الذي يطرحُ نفسَه هنا ما جدوى الإبداعِ ؟ 

عرف العربُ قديماً الأسواقَ مثل سوقِ “عكاظ ” يلتقي الشاعرُ مع الناسِ ؛ يسمعُهم شعرَه ، يتنافسُ ويتبارى مع أقرانِه المبدعين ، ووصل الأمرُ أن فضلت العربُ أشعاراً بذائقتِها الفطريةِ ، فعلقوها فعرفت بالمعلقاتِ ومن هذا المنطلقِ أبدأ بقولِ شاعرِنا الفلسطيني “محمود درویش” :

قصائدُنا بلا لونٍ بلا طعمٍ بلا صوتٍ ** 

        إذا لم تحملْ المصباحَ من بيتٍ إلى بيتِ 

وإن لم يفهمْ (البسطا) معانيه فأولى ** 

                   أن نذريها ونخلدَ نحن للصمتِ . 

في هذين البيتين الإجابةُ ، إنَّ جدوى الإبداعِ أن ينيرَ الطريقَ بإرشادِه للعقلِ الجمعي الإنساني إلى قيمِ الحقِ والخيرِ والجمالِ متخذاً سبيلِه إلى عقلِ ووجدانِ البسطاءِ ، فينيرُ ويرشدُ ويعلمُ ، وهنا تقعُ المسئوليةِ على كاهلِ كلِ مبدعٍ فيما يقدمُ من طاقتِه الإبداعيةِ ؛ ليضعَ نُصبَ عينيه جدوى ما يقدمُ أو يخلدُ للصمتِ كما جاء في بيتي الشاعرِ ” محمود درويش ” . إنَّ قضيةَ الإبداعِ لابدَّ أن تحتلَّ قائمةَ توجيهِ العقلِ الجمعي الإنساني لما فيه من الخيرِ والجمالِ ، ويحملُ القيمَ الراقيةَ ، كذا كان على القائمين على الإبداعِ انتقاءِ المبدعين وتقديمِ إبداعاتِهم للمجتمعِ ، فتتحققُ الجدوى التي ننشدُها ، وقد ظهرت محاولاتٌ جادةٌ الآن خرجت من قاعاتِ التقييمِ المغلقةِ إلى العالمِ الافتراضي وعبرَ وسائلِ التواصلِ لنشرِ الإبداعِ وتقديمِ المبدعين المستحقين للدعمِ لما تحويه إبداعاتِهم من قيمٍ وخيرٍ وجمالٍ محققةً الماتعةَ الإبداعيةَ فتحملُ المصباحَ من بيتٍ لبيتٍ يفهمُ ( البسطا ) معانيها وأعني بمعانيها كلَ المعاني الإنسانيةَ ، إنَّ المبدعَ وإن كان قد خصَّه الله تعالى بملكةِ الإبداعِ فصارت له الرؤيةُ المتفحصةُ الناقدةُ كان لزاماً عليه أيضاً من خلالِ ما يقدمُه طرحُ الحلولِ ، عليه ألَّا ينزوي في برجٍ عالٍ فلا هو يرى الناسَ وبالتالي لا تراه الناسُ أو حتى تسمعَه ، إنَّ ملكةَ الإبداعِ لابدَّ أن يتخذَها المبدعُ وسيلةً للنهوضِ بمجتمعِه فينقلُ له وينقلُ عنه ، يعيشُ بين الناسِ ، يقدمُ لهم الحلولَ في طرحِه الإبداعي سواء في إبداعِ الكلمةِ أو إبداعِ الصورةِ ؛ إرساءً للمعاني الإنسانيةِ .

بقلم سمير لوبه

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى