جريمة تبديد المنقولات الزوجية
بقلم عاطف سيد المحامى بالنقض والإدارية العليا
جريمة تبديد منقولات الزوجية.
تتمثل فى قيام الزوج بسلب المنقولات التى فى حيازته والمسلمة إليه من قبل الزوجة على سبيل الأمانة، على نحو تفقد به الزوجة إستردادها أو يضعف الأمل فى إستردادها.
ويتضمن ذلك الفعل بالضرورة فعل الإختلاس، وهو مباشرة الزوج سلطاته على تلك المنقولات، أو إستعمالها إستعمال المالك، وبما يكشف بصورة قاطعة عن تغير نيته فى الحيازة، أى تغير حيازته إلى حيازة مالك-وفقا لـ«الزهيرى»-.
124094-124094- العلاقة- الزوجية
وتقوم تلك الجريمة مستندة لنص المادة 341 من قانون العقوبات.
والتى تنص على أن:- « كل من إختلس أو بدد مبالغ أو أمتعة أو بضائع أو نقود أو تذاكر أو كتابات أخرى مشتملة على تمسك أو مخالصة أو غير ذلك إضراراً بمالكيها أو أصحابها أو واضعى اليد عليها وكانت الأشياء المذكورة لم تسلم له إلا على وجه الوديعة أو الإجارة أو على سبيل عارية الإستعمال أو الرهن أو كانت سلمت له بصفة كونة وكيلاً بأجرة أو مجاناً بقصد عرضها للبيع أو إستعمالها فى أمر معين لمنفعة المالك لها أو غيره يحكم عليه بالحبس ويجوز أن يزيد عليه غرامة لا تتجاوز مائة جنيه مصرى».
أركان الجريمة :-
ركن مادى ويتمثل: فى أن يكون محل قائمة المنقولات أعيان منقوله فلا يصح أن يكون محل أو موضوع قائمة المنقولات أى شىء خلاف منقولات الزوجية.
و أن تكون المنقولات مملوكة للزوجة وأن تكون فى حوزة الزوج، فجوهر جريمة تبديد المنقولات.
هى ملكية هذه المنقولات للزوجة، ويعد الزوج أميناً عليها بناء على عقد من عقود الأمانة، وهنا تثار مشكلة ملكية الزوج لبعض المنقولات ضمن القائمة التى تدعى الزوجة ملكيتها لها، بحيث يلقى عليه عبء إثبات هذه الملكية.
وأن يكون تسلم الزوج منقولات الزوجية بموجب أحد عقود الأمانة.
فلا تقوم الجريمة إلا إذا سلمت المنقولات للزوج بموجب عقد من عقود الأمانة وعقود الأمانة التى يستلم الزوج بموجبها قائمة المنقولات.
تكون إما على سبيل الوديعة أو على سبيل عارية الإستعمال وغالباً ما يستلم الزوج المنقولات على سبيل عارية الإستعمال، وللمحكمة سلطة تقديرية فى تكييف العقد أو المستند المقدم أمامها، على أنه لا يجوز للزوجة المطالبة بمنقولات الزوجية إذا ورد بالقائمة إلتزام الزوج بردها فى أقرب الأجلين.
وهما الوفاة أو الطلاق إلا بحلول أحد هذين الأجلين وإلا قضى بعدم قبول الدعوى لرفعها قبل الآوان.
وأن تصاب الزوجة بضرر من تبديد المنقولات الزوجية، ولم تشترط نص المادة 341 عقوبات نوع معين من الضرر فيتساوى الضرر المادى أوالأدبى، وأيضاً يستوى الضرر الحال مع المحتمل، كما لا يشترط جسامة معينة للضرر، ويبقى أنه لا بد ألا ينتفى الضرر، أما جسامة الضرر أوبساطته فمحله تقدير العقوبة وما يحكم به فى الدعوى المدنية – طبقا لـ«الزهيرى»-.
الركن المعنوى للجريمة:-
جريمة تبديد منقولات الزوجية هى أحد الجرائم العمدية فينبغى أن يعلم الزوج المتهم بالتبديد أن المنقولات غير مملوكة له، وأنها بحوزته حيازة ناقصة لصالح زوجته، ويلزم بردها حال طلبها، فتعمد المتهم التصرف فى المنقولات مع علمه بعدم ملكيته لها يُعد إضراراً بالزوجة المالكة لتلك المنقولات.
غير أن مجرد إمتناع الزوج عن رد المنقولات لا تتحقق به جريمة تبديد المنقولات الزوجية وذلك إذا كان عدم الرد راجعاً إلى منازعة فى ملكية الزوج لبعض تلك المنقولات، كما لا يكفى فى تلك الجريمة مجرد التأخير فى الوفاء بل يجب أن يقترن بإنصراف نية الجانى إلى إضافة المال إلى ملكه وإختلاسه لنفسه إضراراً بالزوجه، وينتفى القصد الجنائى بقيام الزوج بإنذار الزوجة على يد محضر بعرض المنقولات الزوجية.
عقوبة جريمة تبديد المنقولات الزوجية :-
قرر المشرع عقوبة الحبس لمن يرتكب جريمة تبديد منقولات الزوجية، كصورة خاصة لجريمة خيانة لأمانة الواردة بالمادة 341 عقوبات.
مشكلة الإثبات فى جريمة تبديد المنقولات الزوجية
يخضع عقد الأمانة الذى بموجبه تسلم الزوج منقولات الزوجية لقواعد الإثبات المدنى، فعقد الأمانة أو قائمة المنقولات هى أولى خطوات إثبات وقوع الجريمة.
- الإثبات بالكتابة:
الأصل فى إثبات قائمة منقولات الزوجية أن يتم بالكتابة مع مراعاة الآتى:
أ- العبرة فى تحديد قيمة المنقولات هى بوقت تحديد قائمة المنقولات أى وقت إستلام الزوج لهذه القائمة فلا يؤثر تغير قيمة المنقولات بالزيادة أو النقص على قواعد الإثبات.
ب- مبدأ عدم جواز إثبات التصرف الذى تزيد قيمته على خمسمائة جنيه إلا بالكتابة غير متعلق بالنظام العام فيجوز الإتفاق على خلافه.
ج- إذا ثبت كتابةً أن الزوج تسلم المنقولات فلا يجوز إثبات العكس إلا بالكتابة.
د- محكمة الموضوع يحق لها تفسير بنود القائمة بإعتبارها عقداً يخضع لسلطة المحكمة التقديرية فى التفسير.
- الإثبات بشهادة الشهود
يمكن إثبات قائمة المنقولات الزوجية بشهادة الشهود وذلك فى ثلاث حالات:
الحالة الأولى: إذا كانت قيمة المنقولات أقل من خمسمائة جنيه.
الحالة الثانية: إذا وجد مبدأ الثبوت بالكتابة ويعنى كل كتابة تصدر من الزوج ويكون من شأنها أن تجعل وجود قائمة المنقولات محتملة وذلك مثل كتابة الزوج لقائمة المنقولات بخط يده مع عدم التوقيع عليها، أو وجود خطابات من الزوج تفيد تسلمه لقائمة المنقولات، أو إقرار الزوج بمحضر الشرطة بإستلامه المنقولات، أو توقيع الزوج على عقد شراء منقولات من أحد محال بيع المنقولات.
الحالة الثالثة: إذا وجد مانع أدبى يحول دون حصول الزوجة على قائمة بمنقولاتها، وصلة الزوجية لا تعتبر بذاتها مانعاً أدبياً يحول دون الحصول على سند كتابى، وكذلك إذا فقدت القائمة بسبب لا يد للزوجة فيه.
وفى حالة إثبات الزوجة لقائمة المنقوت بشهادة الشهود يكون للزوج الحق فى النفى بذات الطريق أى بشهادة الشهود، كما يجب أن يطلب الدفاع الإحالة للتحقيق للإثبات أو لنفى قائمة المنقولات.
- الإثبات بالإقرار
يمكن إثبات قائمة المنقولات بالإقرار ويكون بإعتراف الزوج بحق الزوجة فى المنقولات وذلك إثناء سير الدعوى أو أمام أحد الجهات الإدارية كمحاضر الشرطة وتحقيقات النيابة أو إذا طلب أجلاً لعرض المنقولات وكذلك إذا وجه إنذاراً قانونياً بعرض المنقولات على يد محضر وهذه الإقرارات الرسمية القضائية لا يجوز تجزئتها، أما الإقرار العرفى غير القضائى فيجوز تجزئته، فإذا أقر الزوج أمام المحكمة بإستلامة المنقولات وردها لزوجته فلا يجوز للمحكمة أن تعتد بالإستلام ولاتعتد بالرد.
- إثبات وجود القائمة باليمين
لايجوز تكليف المتهم فى المسائل الجنائية بحلف اليمين حتى لا يعد نكول المتهم عن اليمين دليلاً على إرتكاب الجريمة ولا يوجد ما يمنع المدعى بالحق المدنى فى جنحة تبديد المنقولات من أن يطلب توجيه اليمين الحاسمة للنزاع بشأن وجود عقد الأمانة وشروطة الجوهرية ويجوز للمحكمة أن تسمع المجنى عليه بعد حلف اليمين وهذه اليمين يمين متممة لإستكمال الأدلة.
إثبات إرتكاب الزوج للجريمة :-
يجوز إثبات واقعة الإختلاس أو التبديد أو الإستعمال بكافة طرق الإثبات بإعتبارها واقعة مادية كما يجوز إثبات حصول الضرر للزوجة بكافة طرق الإثبات.
تطبيقات عملية لجريمة تبديد منقولات الزوجية :-
- صورية القائمة: العبرة بحقيقة الواقع فى القائمة وليس بناء على اعتراف الزوج بالكتابة لو كان مخالفاً للحقيقة ويمكن للزوج إثبات صورية القائمة ومخالفتها لحقيقة الواقع بكافة طرق الإثبات.
- مصاغ الزوجة: مصاغ الزوجة هو الحلى الذى ترتدية وهو لصيق بها وجرى العرف على أن مصاغ الزوجة لصيق بها ويجوز إثبات الزوج خروج الزوجة من منزل الزوجية متحلية بمصاغها بكافة طرق الإثبات.
- تقادم الدعوى الجنائية: لايبدأ ميعاد إنقضاء الدعوى الجنائية لجريمة تبديد قائمة المنقولات الزوجية إلا من تاريخ طلب الزوجة لتلك المنقولات أو تاريخ إمتناع الزوج عن ردها.
- الزوجة غير المدخول بها: فى حالة عقد القران وكتابة وثيقة الزواج دون الدخول بالزوجة جرى العرف على كتابة قائمة المنقولات الزوجية دون تسليم الزوجة للزوج لتلك المنقولات فالزوجة غير المدخول بها قرينة على عدم تسلم الزوج لمنقولات الزوجية ويمكن تكملة تلك القرينة بكافة طرق الإثبات لإثبات عدم إستلام الزوج للمنقولات.
- الصلح فى جريمة تبديد المنقولات الزوجية: تنقضى الدعوى الجنائية فى أية حالة كانت عليها إذا تصالح المدعى بالحق المدنى أو المجنى عليه مع المتهم قضاء المحكمة بترك الدعويين المدنية والجنائية.
- المنقولات غير المتطابقة مع القائمة المكتوبة: قد يلجأ الزوج إلى شراء منقولات وأثاث مخالف للموجود بقائمة منقولات الزوجية، أو قد يختلف الزوج والزوجة حول قائمة المنقولات المعروضة على الزوجة فإما تقبل الزوجة للمنقولات المعروضة وتنقضى الدعوى، أو تعترض الزوجة على المنقولات المعروضة وترفض إستلامها فتحيل المحكمة الدعوى لمكتب خبراء وزارة العدل لندب خبير يقوم بمعاينة المنقولات وبمقارنتها مع المنقولات المعروضة.
أحكام نقض فى قائمة المنقولات الزوجية :
الدعوى التى ترفعها المطلقة بمطالبة مطلقها برد جهاز الزوجية أو بدفع ثمنه عند تعذر رده هى دعوى مدنية بحتة من إختصاص المحاكم الأهلية، و ليس فيها ما يصح أن يدخل فى إختصاص القضاء الشرعى أو ما يصح أن ينطبق عليه أحكام الشريعة .
وإذن فلا تتقيد المحاكم المدنية فى مثل هذه الدعوى بالأحكام الشرعية المتبعة أمام القضاء الشرعى فى تعيين طرق الإثبات و فى تحميل عبئه و فى إجراء التحقيق، بل ذلك كله يكون على وفق قواعد القانون المدنى و قانون المرافعات فى المواد المدنية و التجارية .
( الطعن رقم 0106 لسنة 14 مجموعة عمر 4ع صفحة رقم 632 بتاريخ 19-04-1945)
إذا بنت المحكمة قضاءها بمسئولية الزوج المطلق عن فقد الأشياء التى تدعيها الزوجة المطلقة على أن هذه الأشياء كانت فى ذمته و أنه منعها من إستردادها و أهمل إهمالاً غير يسير فى المحافظة عليها فلا تثريب على المحكمة فى ذلك، لأن مسئولية الوديع ناشئة عن إلتزامه قانوناً برد الوديعة للمودع متى طلب منه ذلك، و عن إلتزامة بالمحافظة عليها بغير تقص
و ما دامت المحكمة قد أثبتت فى حدود سلطتها الموضوعية حصول المطالبة برد الوديعة و حصول التقصير الجسيم فى المحافظة عليها و لم تخرج فيما أثبتته من ذلك عما تبينته بحق من أوراق الدعوى و ظروفها فلا رقابة عليها لمحكمة النقض .
و ليس صحيحاً أن مسئولية الوديع لا تنشأ إلا بعد تكليفه رسمياً برد الوديعة، ذلك لأن مثل هذا التكليف لا محل له لتقرير المسئولة المدنية المترتبة على هلاك الشىء المودع ، فضلاً عن أن المطالبة القضائية بالرد تجب كل تكليف رسمى آخر .
( الطعنان رقما 106 و 129 لسنة 14 ق ، جلسة 1945/4/19 )
إذا كان المبلغ المحكوم به من المحكمة الشرعية على الزوج برده لزوجته و والدها إنما هو مبلغ حصل الإتفاق على إعداد الجهاز به، أى أنه ثمن لجهاز لم يتم شراؤه، فالنزاع على هذا المبلغ – و لو كان بعضه فى الأصل مقدم الصداق – هو نزاع مالى صرف مما تختص به المحاكم المدنية، لا نزاع على مسألة من مسائل الأحوال الشخصية المختصة بها المحاكم الشرعية .
ولذلك يكون الحكم الصادر من المحكمة المدنية بوقف تنفيذ حكم المحكمة الشرعية لخروجها فيه عن ولايتها، غير مخالف للقانون .
( الطعن رقم 177 لسنة 17 ق ، جلسة 1949/3/17 )