أدب وثقافه

حكايات تحت الحظر بقلم د. أمل درويش. حكاية وفاء..

 

لعل هزيمتك أمام نفسك تكون أقسى

من هزيمتك أمام خصمك، وتكون أشد

إيلامًا حين يقف هذا الخصم بكل

براءة ينتزع عنك ضعفك ويكسوك

اعلان

برداء القوة والكرامة.

لا أنسى ذلك اليوم الذي خرجت فيه

من عند الطبيب وقد أخبرني للتو

اعلان

باستحالة نيل زوجتي أية فرصة

لحدوث الحمل، ومحى بذلك كل أمل

لي في أن أرى طفلًا يحمل ملامحنا

على وجهه ويبتسم..

كانت الصدمة تعتصر قلبي، ولكن

عقلي رفضها، وأبى أن يجرح هذا

الملاك البريء التي لم تهبني طوال 

عامين سوى السعادة والعشق الذي لا

يشوبه ملل.

وتذكرتُ حينها أسرتي، وكل المعارف

الذين يتحولون فجأة إلى شيوخ

يفتونك بشرع الله وحلاله، والمثنى والثلاث والأربع، فطردتُ هذه الفكرة من رأسي وعزمتُ أمري وأخبرتها أن سبب تأخر الحمل يعود إليّ، وأنني غير قادر على أن أهبها هذا التاج الماسي الذي تتوج به على عرش الأمومة، فما كان منها إلا الرضا بما قسمه الله لنا ولم تقصر في حقي يومًا، ولم أجد منها سوى سعادةً أكثر.

ولكن عقلي وقلبي لم يمنحاني الفرصة لأكمل أركان سعادتي وأعيش مثلها في حالة الرضا، بل ظلا يتصارعان فعقلي يريدني أبًا لابنٍ يعينني في كِبري ولا أفارق الحياة بعد فراغ الأجل راحلاً دون أثر..

وأما قلبي فلا يجرؤ على أن يهين تلك الملكة التي غمرتني بعطفها وحنانها برغم عشقها للأطفال، ورغبتها التي دفنتها في جُبٍّ عميق كي لا أطلع عليها ثانيةً..

صارحتُ والديّ بالحقيقة، وعزمتُ على الزواج دون علمها كي لا أجرحها وأُبقيها ملكة على عرشي، ويوم عقد القران شاءت إرادة الله بغير إرادتي، وصار حادث مروع التقت فيه سيارتي بشاحنة كبيرة وفقدتُ والديّ وأُصبتُ بالشلل..

لم أجد بجواري بعد أن أفقت سوى زوجتي، ومرت الأيام والشهور ولا أجرؤ على التقاء عينيّ بعينيها، ولم تختلف أيامي قبل الحظر عن أيامي الحالية سوى أنها زادت اهتمامها أضعافًا مضاعفة خوفًا علي من الإصابة بهذا الڤيروس اللعين، وعزمتُ أمري أن أخبرها بالحقيقة بعد عذابٍ استمر طوال الفترة السابقة منذ الحادث..

وأخبرتها بكل ما حدث بينما عيناي لا تجرؤان على النظر لها، ورجوتها أن تسامحني على هذا الذنب الذي رأيته لا يُغتفر؛ فابتسمت زوجتي “وفاء”

بهدوء وقالت:

منذ عرفتُ أننا لن نستطيع إنجاب طفل جعلتك طفلي الوحيد؛ فهل تغضب الأم من طفلها مهما فعل؟
ولو عشتُ ألفَ عمرٍ على عمري سأظل أحبك أكثر وأكثر..

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى