دعوى استرداد الحيازة
عاطف سيد
هي دعوى ينشا لصاحبها الحق فيها لا من مجرد وقوع تعرض له في حيازته ماديا أو قانونيا بل يجب أن يصل هذا التعرض درجة تنزع فيها يد الحائز عن الشيء المحوز
• فهي تدور وجودا وعدما مع فقد الحيازة فعلا
أما الحيازة المعتدى عليها والتي فقدت نتيجة هذا الاعتداء فينبغي أن تكون حيازة مادية للحائز يستوي بعد ذلك أن يكون هو مظهر الحيازة المادي دون الركن المعنوي أو هما معا المهم أن يكون للحائز المعتدى على حيازته الحيازة المادية
• وهنا تفترق دعوى منع التعرض عن دعوى استرداد الحيازة
إذ لا تكفي الحيازة المادية في رافع دعوى منع التعرض في حين إنه في دعوى استرداد الحيازة تكفي مجرد الحيازة المادية
• أما الاعتداء الذي يترتب عليه فقد الحيازة المادية للمدعي فيجب أن يكون اعتداءا غير مشروع أي لا حق للقائم به في إجرائه
لأن فقد الحيازة المبني على إجراء قانوني يبيح لصاحبه أنتزاع تلك الحيازة هو عمل مشروع لا يشكل اعتداء على الحيازة بقدر ما يشكل اقتضاء للحق.
ومن هذه المقدمة فإن شروط دعوى استرداد الحيازة كما يلي :
الشرط الأول :- أن يكون للمدعي حيازة ماديه حالية هادئة ظاهرة وقت حصول الاعتداء
الشرط الثاني: – أن يفقد المدعي هذه الحيازة بحرمانه من الانتفاع بالعين حرمانا كاملا.
الشرط الثالث:- أن ترفع الدعوى برد الحيازة خلال السنة التالية لسلبها ( فقدها)
الشرط الرابع :- أن يكون الحائز قد حاز العقار لمدة سنة سابقة على إلاقل إلا في حالتين:
(أ)- عندما يكون فقد الحيازة بالقوة أو ما يقوم مقامها
(ب)- إذا كانت حيازة الحائز لمدة اقل من سنه لها أفضلية طبقا للمادة 959 /1 ،2 مدني
وتفصيل ما أجمل في الآتي
الشرط الأول حيازة المدعي العقار محل الاعتداء حيازة مادية ثابتة وقت حصول الاعتداء
فلا يلزم أن يتوافر لدى المدعي العنصر المعنوي للحيازة ، فهي دعوى تقوم على رد الاعتداء غير المشروع على الحيازة المادية الظاهرة الهادئة للحائز دون النظر إلى وضع اليد ذاته فلا يشترط في حيازة الحائز هنا نية التملك عند الحائز.
ولذا يصح رفعها ممن ينوب عن الحائز في الحيازة
كما يصح رفعها من الحائز القائمة حيازته على تسامح من صاحب اليد كالمستأجر والحارس والمستعير
فهي دعوى شرعت لحماية الحائز من أعمال الغصب ومن ثم فقبولها رهن بأن يكون للمدعي فيها
حيازة مادية بمعنى أن يده تكون متصلة بالعقار اتصإلا واقعيا فعليا بموجبه يكون العقار تحت تصرفه مباشرة
وحيازة حالية : بمعنى أن تكون يده المتصلة بالعقار وقت الاعتداء لازالت كذلك
فلا يشترط في الحائز إذن أن يكون: – حائز قانونا – أو حتى حسن النية
فتقبل من الحائز سيء النية
كما تقبل من المرخص له في استعمال المال العام إذا فقد حيازة بالقوة ولو من قبل الدولة
كما تقبل من الحائز قبل صاحب الحق الذي سمح له بالحيازة
الشرط الثاني: فقد الحيازة
– شرط فارق بين دعوى استرداد الحيازة ودعويا اليد الأخريان
أن محل الاعتداء في دعوى استرداد الحيازة هو ذات العقار المحوز
في حين أن الدعويان الأخريان قد يكون الاعتداء على حيازة الحائز أحيانا
وأحيانا على حيازة المدعى عليه ذاته بعمل أو فعل فيما لو ترك له الأمر لإتمامه لصار في النهاية تعرضا في الحيازة
ومعنى الفقد هنا هو حرمان الحائز حرمانا كاملا أو تاما من الانتفاع بالعين بالقوة أو ما يقوم مقامها . وفي ذلك لا يشترط الإكراه المادي فيكفي أن يكون العمل الذي أدى لفقد الحيازة تم رغم إرادة الحائز على شاكلة لا يتمكن معها من دفعه أو رده * فكل عمل غير مشروع يعد إكراها ما دام من شأنه إخلال بالأمن العام أو النظام
فلا يلزم لتوافر القوة أن يكون السلب مصحوبا باعتداء أو تعدى على شخص الحائز أو غيره
وفي ذلك قضى بأنه
” فلا يشترط لقبول الدعوى باسترداد الحيازة أن يكون سلب الحيازة مصحوبا باعتداء أو تعدى على شخص الحائز أو غيره بل يكفي أن يثبت أن الحكم أن المغتصب وعمالة قد استولوا على العقار ولم يقو خفير الحائز على رد اعتدائهم ”
( نقض 20/10/1955 مجموعة القواعد جزء/ 1 ص 647 القاعدة/162 )
• ويتوافر معنى القوة في إجراء تنفيذ الأحكام التي لا يكون الحائز طرفا فيها
فإذا نزع العقار من الحائز تنفيذا لحكم قضائي لم يكن الحائز طرفا فيه اعتبر هذا التنفيذ غصبا حتى ولو كان التنفيذ هو تسليم العقار لحارس قضائي
ومن ثم يكون الحائز استرداد هذا العقار ممن أنتقل إليه تنفيذا لهذا الحكم
• قد يقع الغصب بالغش والخديعة والتحايل وهنا يقوم الغش والتدليس مقام القوة
فحكم بأنه:
“إذا كان الشريك قد طلب تسليمه ما كان في حوزتة معادلا لبعض نصيبه في الأطيان المشتاعة، مقيما هذا الطلب على أساس أن يده رفعت بفعل غير مشروع ليس هو الإكراه فحسب بل هو الغش من جانب المدعى عليهم والتواطؤ بينهم وبين المتاجر منهم
وقضت المحكمة برفض هذا الطلب بحجة أن ما يطلب تسليمه قد خرج من تحت يده ودخل في يد المدعى عليهم بغير إكراه
فإن حكمها بذلك يكون قاصر التسبيب ، إذ هو لم يتعرض لدفاع المدعى خاصا بالغش والتواطؤ مع كونة دفاعا جوهريا ً لو صح لتغير به وجه الحكم في الدعوى
لأن قوله بنفي حصول الإكراه لا يدل لزوما على انتفاء حصول الغش والتواطؤ ”
( نقض 15/1/1948 مجموعة القواعد / جزء/ 1 ص 648 القاعدة/163 )
كما تستوي الخلسة مع الإكراه
فمن يستولى على عقار دون علم حائزة يكون مغتصبا. للحائز حق استرداد حيازته منه
الشرط الثالث :رفع الدعوى في خلال السنة التالية لفقد الحيازة
تسرى هذه المدة ( السنة ) من الوقت الذي علم فيه الحائز بالغصب الواقع على العقار محل حيازته .
وهو ميعاد تقادم خاص كما سبق وقررنا في دعوى منع التعرض فلا يحسب اليوم الذي وقع فيه الاعتداء
ووفقا للمادة/958/ 1 مدني
فإن مدة السنة تبدأ بالنسبة لدعوى استرداد الحيازة في حالة فقد الحيازة خفيه من اليوم الذي يكتشف فيه الحائز هذا الفقد أو كان يمكنه فيه اكتشافه بمعيار الرجل المعتاد
( الدكتور/ فتحي والى ص 119 من القضاء المدني بند/ 60 )
ومؤدى ذلك
أن يجب رفع الدعوى خلال السنة التالية لسلب الحيازة ويبدأ الميعاد من الوقت الذى علم فيه الحائز بالغصب أو كان يمكنه العلم به في حال فقد الحيازة خفيه
الشرط الرابع …….( شرط خاص )
هذا الشرط وهو أن يكون الحائز قد حاز العقار المستلب منه مدة سنه سابقة على رفع الدعوى هو شرط مقرر في دعاوى الحيازة الثلاث
إلا أن طبيعة دعوى استرداد الحيازة على ما يبين من الاعتداء المبرر للحائز في رفعها ووفقا للنص التشريعي قد لا يكون لتوافر هذا الشرط أي معنى ولا يحتاج الحائز إليه أصلا كشرط لقبول دعواه
ومن هنا رأيت إنه شرط خاص يكون لازما ً فيما لو كان
فلقد أجاز المشرع إلاستغناء عن هذا الشرط في دعوى استرداد الحيازة في حالتين
الحالة الأولى : إذا كانت الحيازة قد سلبت بالقوة – تنص على إنه للحائز في جميع الأحوال أن يسترد حيازته من المعتدى (م 995/2 مدني )
ولذلك فإن للحائز رفع الدعوى برد حيازته ولو كانت لم تمكث لديه هذه الحيازة إلا شهرين مثلا. لأن سبب الحيازة بالقوة أو الإكراه ماديا أو معنويا يشكل خطورة على الأمن والنظام
بما تحمله من استفزاز لعنصر الثأر أو الأنتقام لدى المعتدى عليه فيلزم وضع حماية خاصة له .
الحالة الثانية: إذا كانت حيازة المدعى أفضل من حيازة المعتدى
فالافتراض هنا
وجود حيازتان وحائزان احدهما المدعى بطلب رد حيازته والآخر المدعى عليه سالب هذه الحيازة
ومن ثم يكون الحكم إذا قضى برفض دعوى استرداد حيازة الحائز لأن حيازته لم تكن قد استمرت لمدة سنة سابقة على رفع الاعتداء
يؤدى في الواقع الى تمييز المعتدى ( تفضيل حيازة المعتدى )
وهو بدوره لم تستمر حيازته إلا اقل من سنه
لذلك عالج هذا التناقض المشرع بأجراء مفاضلة بين الحيازتين في صدر هذا التعدد فإن أقام المشرع معيارأن قانونيان لإجراء هذه المفاضلة
أولهما: المعيار الأول: أن الحيازة الأحق بالتفضيل هي التي تقوم على سند قانونى:
(أ) بمعنى إنه إذا كان لدى المدعى سندا قانونيا لحيازة كعقد أيجار أو بيع وليس مع خصمه سند معادل تكون حيازة المدعى الأحق بالتفضيل.
(ب) فإذا قدم الخصمان سندات وجب اللجوء للمعيار الثاني.
المعيار الثاني: أن الحيازة الأحق بالتفضيل هي الحيازة الأسبق في التاريخ.
على أن يلاحظ أن القاضى في مجال السندات المتعادلة لا يحقق هذه السندات أو يفصل فيها وإنما يلجأ للمعيار الثاني مباشرة
والعلة مفهومة لأنه لو تصدى لتحقيق المستندات فيصبح قاضيا للحق وهو ممنوع عليه.
المبحث الثالث:
دعوى وقف الأعمال الجديدة
” م/912 ” مرافعات ”
النص
” من حاز عقارا واستمر حائزا له سنة كاملة وخشي لأسباب معقولة التعرض له من جراء أعمال جديدة تهدد حيازته كان له أن يرفع الأمر إلى القاضي طالبا وقف هذه الأعمال بشرط إلا تكون قد تمت ولم ينقضي عام على البدء في العمل الذى يكون من شأنه أن يحدث الضرر .
وللقاضي أن يمنع استمرار الأعمال أو أن يأذن في استمرارها وفي كلتا الحالتين يجوز للقاضي أن يأمر بتقديم كفالة مناسبة تكون في حالة الحكم بوقف الأعمال ضمانا لإصلاح الضرر الناشئ من هذا الوقف، وتكون في حالة الحكم باستمرار الأعمال ضمانا لإزالة هذه الأعمال كلها أو بعضها أصلا للضرر الذى يصيب الحائز إذا حصل على حكم نهائي في مصلحته ….”
ولنا في هذه الدعوى بيان ..
أن هذه الدعوى يتمسك فيها المدعى بالحيازة القانونية تتهدد حيازته هذه أعمال جديدة يقوم به المدعى عليه من شأنها فيما لو تركت للإتمام لمساس حتما بحيازة المدعى . لذا يطلب الحكم بوقف هذه الأعمال
• فهي دعوى وقائية
• ترمى الى منع اعتداء على الحيازة قبل أن يقع فعلا فالاعتداء هنا محتمل
ومثال: من يبنى في ملكه ويؤدى استكمال هذا البناء الى سد مطل في حيازة الحائز يغلُُ ُ من شخص له حق إرتفاق بالمطل على عقار جارة
بدأ هذا الجار أعمال بناء لو تم إتمامها وارتفعت لشكلت حائلا يعد تعرض لحيازة المدعى لحق الارتفاق
ولذلك فإن النص يفترض
1- بدء عمل في عقار المعتدى ذاته دون عقار الحائز
2- أن يكون ترك العمل الذى شرع بدأته حتى إتمامه تعرضا للحائز بمعنى أن يكون هذا العمل اعتداءا محتملا على الحيازة
3- أن يكون هذا العمل في دور الإنشاء لم يتم
فيكون على المدعى من ثم
عبء إثبات بدء العمل الذي يشكل اعتداء على حيازته وأن يثبت أيضا أن إتمام هذا العمل من شإنه أن يشكل تعرضا لحيازته.
فهذه الدعوى تتفق مع دعوى منع التعرض من ناحية استلزام توافر الحيازة القانونية مما لها من صفات الهدوء والظهور والاستمرار
وأن ترد على عقار أو حق عيني عقارى يمكن كسبه بالتقادم المكسب
ويختلف كلاهما في السبب
فسبب الدعوى هنا أن العمل يشكل شروعا في الاعتداء
متصلا بعقار المدعى عليه
أما سبب دعوى منع التعرض فإن العمل لابد وأن يقع فعلا سواء في عقار المدعى أو المدعى عليه
كما تختلف الدعويان من حيث سقوط الحق في رفع الدعوى
في دعوى وقف الأعمال الجديد يسقط الحق في رفع الدعوى بمضي سنه على أعمال الشروع في العمل وبتمامة يصبح العمل تعرضا للحائز يبيح له رفع دعوى منع تعرض في خلال السنة التالية
• شروط الدعوى إذن هي:
1- وجود حيازة للمدعى حيازة قانونية
” يراجع شروطها شروط الحيازة في دعوى منع التعرض ”
2- أن تكون حيازة المدعى لعقاره الذي يحوزه مدة سنه سابقة على رفعه الدعوى.
3- أن يكون الاعتداء المنشئ للحق في رفعه محله عقار في حيازة المدعى عليه دون المدعى من شأنه إتمام العمل فيه أن يشكل تعرضا للحائز المدعى.
4- أن ترفع الدعوى في خلال سنه من السير في الأعمال المطلوب وقفها وإلا سقط حق المدعى في الدعوى.
غير أن سقوط حقه هذا في تلك الدعوى لا يمنع من رفع دعوى منع التعرض إذا شكل العمل الذي يقوم به الخصم اعتداء ( تعرضا ) لحيازة المدعى.
المبحث الرابع
الاختصاص القيمى والنوعي المحلى
قيمة الدعوى : هي قيمة المطلوب بالدعوى الذي يتمسك به المدعى طالبا تقريره طبقا لنص المادة /37/4
فإن:
” دعاوى الحيازة تقدر قيمتها بقمة الحق الذي ترد عليه الحيازة ”
• وللعلم تاريخيا كانت دعاوى الحيازة في قانون المرافعات السابق من الدعاوى الداخلة ضمن اختصاص المحاكم الجزئية تماما اختصاصا نوعيا وقيميا … مثل دعاوى الفرز والتجنيب
• وطبقا للنص فإننا علمنا أن الحيازة قد ترد على حق ملكية كامل أو ترد على حقوق متفرعة غير اصليا أو تبعيا
وعليه
فإذا كانت الدعوى بالحيازة حول حق الملكية ذاته قدرت على أساس قيمة الحق ذاته م/37/2
فإذا كانت بحق إرتفاق بعدم البناء مثلا قدرت بريع ثمن العقار المقرر عليه هذا الحق م/37/2
فإذا كانت بحق انتفاع أو بالرقبة قدرت باعتبار نصف قيمة العقار م/37/2
أما الدعوى بالحيازة التي تقام من المستأجر فإن قيمتها تقابل على نفس الأساس بقيمة العقار ككل أو النصف بالريع بحسب الأحوال
وجدير بالذكر إنه إذا صدر تشريع بتعديل قيمة الدعاوى فإن مثل هذا التشريع يطبق فور نفاذ القانون الجديد
الاختصاص المحلى
م/50 مرافعات
نصت صراحة على أن يكون الاختصاص بدعاوى الحيازة للمحكمة الكائن في دائرتها العقار أو جزء منه.
وهذا طبيعي بالنظر لأن دعاوى الحيازة تتعلق بالحقوق العينية العقارية
فدعوى الحيازة دعوى عينية لأن حيازة الحق قرينة على تملكه
وتكون الدعوى التي تحميه دعوى عينيه كدعوى حماية الحق نفسه وهي عقارية لأن الحق العيني المطلوب حمايته هو حق متعلق بالعقار