المقالات والسياسه والادب
زواج الأرملة بعقد عرفي بين الشرع والقانون بقلم أحمد الشبيتي

يُعد الزواج العرفي ظاهرة قانونية واجتماعية باتت تتسع رقعتها في المجتمع المصري، خاصةً بين الأرامل والمطلقات، وهو ما يستدعي وقفة جادة لفهم أبعاد هذه الظاهرة وتقييمها من الناحيتين الشرعية والقانونية.
أولًا: مفهوم الزواج العرفي
الزواج العرفي هو عقد زواج يتم دون توثيق رسمي في مصلحة الأحوال المدنية أو مكاتب التوثيق التابعة للدولة. وقد يكون مستوفيًا لكافة أركان الزواج الشرعي من إيجاب وقبول ووليّ وشهود، لكنه يفتقر إلى أحد أهم شروطه القانونية وهو “التوثيق”، ما يجعله عرضة للإنكار ويُضعف من موقف المرأة قانونيًا.
ثانيًا: زواج الأرملة عرفيًا – الدوافع والمخاطر
تلجأ بعض الأرامل إلى الزواج بعقد عرفي لأسباب متعددة، منها:
الخوف من فقدان المعاش المستحق عن الزوج المتوفى، إذ أن الزواج الرسمي قد يؤدي إلى وقف هذا المعاش.
الخشية من نظرة المجتمع للزواج الثاني، وخاصة إذا كانت الأرملة كبيرة في السن أو لديها أبناء.
الرغبة في الستر أو الحفاظ على شكل اجتماعي معين، مما يدفع البعض لإخفاء الزواج في صورة عرفية غير موثقة.
لكن ما يغيب عن كثير من هؤلاء النساء هو حجم المخاطر القانونية المترتبة على هذا الزواج، ومنها:
1. ضياع الحقوق المالية مثل النفقة أو الميراث، في حالة عدم الاعتراف بالزواج من قِبل الزوج أو ورثته.
2. عدم إثبات نسب الأولاد بسهولة، إذ يتطلب الأمر إجراءات قضائية معقدة لإثبات النسب في حال إنكار الزوج.
3. انعدام الحماية القانونية للزوجة، حيث لا تستطيع المطالبة بحقوقها أمام المحاكم دون إثبات الزواج بتوثيق رسمي.
ثالثًا: موقف القانون المصري
القانون المصري لا يعترف بالزواج العرفي إلا في حدود ضيقة، ولا يُمنح الزوجان فيه الحقوق الكاملة التي يكفلها الزواج الرسمي. وعلى الرغم من إمكانية رفع دعاوى لإثبات الزواج أو إثبات النسب، إلا أن ذلك يتطلب وقتًا وجهدًا، وقد لا يكون مضمونا.
وقد صدرت قوانين حديثة تُلزم بتوثيق الزواج، خاصة فيما يتعلق بزواج القُصر، وتُشدد العقوبات على من يخالفها. ومن المتوقع أن تُشدد الدولة في المرحلة القادمة الإجراءات المتعلقة بتوثيق عقود الزواج، حفاظًا على الحقوق وتنظيمًا للأسرة والمجتمع.
رابعًا: الرأي الشرعي
الزواج العرفي المستوفي لأركان الزواج الشرعي يُعد زواجًا صحيحًا من الناحية الدينية، لكنه “ناقص الأمان” من ناحية الحقوق. ويُفضل الشرع التوثيق حفاظًا على حقوق المرأة والأولاد، ودرءًا للنزاعات والمشاكل المستقبلية.