أخبارالسياسة والمقالات

سيد القراء الصحابي الجليل أبي بن كعب رضي الله عنه

بقلم د/ محمد بركات

 

 

الحمد لله رب العالمين، والصلاة

 والسلام على المبعوث رحمة

 للعالمين سيدنا محمد وعلى آله

 وصحبه أجمعين:

 

 

من الرموز الزاهرة والأوراق

 اليانعة أصحاب النبي ﷺ الذين

 ذكروا معه في كل فضل وخير

 ومنهم الصحابي الجليل الملقب

 بسيد القراء أبي بن كعب بن

 قيس، و يُكنَّى بأبي المنذر

 الأنصاري النجاري المدني

 المُقرئ البدريُّ،

 

اعلان

ويُقال له أيضًا أبو الطفيل.

 

 

وكان أبي هذا الصحابي الملقب

 بسيد القراء حافظًا عالمًا جامعًا

 للقرآن في عهد رسول الله

 -صلَّى الله عليه وسلَّم-

 

اعلان

 وقد روى عنه أناس كُثر من

 الصحابة الكرام، مثل: ابن

 عباس وأنس بن مالك وسهل

 بن سعد والتابعي سعيد بن

 المسيب وروى عنه أبناؤه أيضًا،

قال عيسى بن طلحة بن عبيد

 الله -رضي الله عنهما-:

 

 

“كانَ أُبيُّ رجلًا دحداحًا، يعني ربعة، ليس بالطَّويل ولا بالقصير”، وقال ابن عباس بن سهل -رضي الله عنه- عن أبيِّ الملقب بسيد القراء: “كان أبيُّ أبيض الرأس واللحية”.

 

، وجاء عن أنس بن مالك -رضي الله عنه- إنَّ النَّبيَّ -صلَّى الله عليه وسلَّم- قالَ لأُبيِّ: “إنَّ اللَّهَ أَمَرَنِي أَنْ أَقْرَأَ عَلَيْكَ القُرْآنَ، قالَ أُبَيُّ: آللَّهُ سَمَّانِي لَكَ؟ قالَ: اللَّهُ سَمَّاكَ لي فَجَعَلَ أُبَيٌّ يَبْكِي، قالَ قَتَادَةُ: فَأُنْبِئْتُ أنَّهُ قَرَأَ عليه: {لَمْ يَكُنِ الَّذِينَ كَفَرُوا مِن أَهْلِ الكِتَابِ}[سورة البينة، الآية: 1]
“[رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أنس بن مالك، الرقم: 4960، صحيح.]

 

 

كان أبي رضي الله عنه من الأنصار الذين بايعوا رسول الله -صلَّى الله عليه وسلَّم- بيعة العقبة الثانية، وعندما هاجر رسول الله بالمسلمين آخى بينه وبين طلحة بن عبيد الله -رضي الله عنه- وتُشير بعض الروايات إلى أنَّ رسول الله آخى بينه وبين سعيد بن زيد -رضي الله عنهما-، كان أبيي بن كعب كاتبًا من كتاب الوحي وراويًا من رواة احاديث رسول لله -صلَّى الله عليه وسلَّم- الأنصار، وكان حافظًا للقرآن عرضه على رسول الله في حياته وكان من الأربعة الذين حفظوا القرآن وجمعوه وعرضوه على رسول الله في حياته، شهد أبي كلَّ الغزوات مع رسول الله -عليه الصَّلاة والسَّلام-، وبعد وفاة رسول الله في السنة 11 للهجرة، تفرَّغ لعبادة الله ثمَّ قام يُعلم الناس أمور دينهم.

 

 

وقد قال عنه مسروق بن الأجدع رضي الله عنه: “انتهى علمُ الصَّحابة إلى ستّة: عمر وعلي وأبيّ بن كعب وزيد بن ثابت وأبي الدرداء وابن مسعود، ثم انتهى علم السِّتة إلى علي وابن مسعود”، وقد اختلفت الروايات في وفاة أبي بن كعب -رضي الله عنه- فقيل: إنَّه توفِّي في المدينة المنورة سنة 22 للهجرة، وقيلَ: سنة 19 للهجرة، وقيل: سنة 32 للهجرة، وقيل: 20 و 30 للهجرة أيضًا، والراجح أنَّه توفِّي سنة 30 للهجرة، وقد قال عتي بن ضمرة يصِفُ يوم وفاته: “رأيت أهل المدينة يموجون في سككهم، فقلت: ما شأن هؤلاء؟، فقال بعضهم: ما أنتَ من أهلِ البلد؟!، قلتُ: لا، قال: فإنَّه قد ماتَ اليوم سيّدُ المُسلمين، أبيُّ بن كعبِ”.

 

 

وقد ارتبط اسمه بالقرآن الكريم وبحفظه له، ولهذا السبب جاءتْ كل الأحاديث النبوية الشريفة التي ذكرت أبي بن كعب تذكره لعلمه بكتاب الله وحفظه له، ومن أبرز ما جاء من أحاديث نبوية شريفة عن أبي بن كعب -رضي الله عنه- ما يأتي:

 

عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنه- إنَّ رسول الله -صلَّى الله عليه وسلَّم- قال: “خُذُوا القرآنَ مِنْ أَرْبَعَةٍ: مِنِ ابنِ مسعودٍ وَأُبَيِّ بنِ كعبٍ ومعاذِ بنِ جبلٍ وسالمٍ مَوْلَى أَبِي حُذَيْفَةَ”[رواه الألباني، في صحيح الجامع، عن عبد الله بن عمرو، الرقم: 3213، صحيح].

 

 

روى أبي بن كعب -رضي الله عنه- الملقب بسيد القراء إنَ رسول الله -صلَّى الله عليه وسلَّم- قال له: “يا أبا المُنْذِرِ، أتَدْرِي أيُّ آيَةٍ مِن كِتابِ اللهِ معكَ أعْظَمُ؟ قالَ: قُلتُ: اللَّهُ ورَسولُهُ أعْلَمُ، قالَ: يا أبا المُنْذِرِ أتَدْرِي أيُّ آيَةٍ مِن كِتابِ اللهِ معكَ أعْظَمُ؟ قالَ: قُلتُ: {اللَّهُ لا إلَهَ إلَّا هو الحَيُّ القَيُّومُ}[سورة البقرة، الآية: 255]، قالَ: فَضَرَبَ في صَدْرِي، وقالَ: واللَّهِ لِيَهْنِكَ العِلْمُ أبا المُنْذِرِ”.

 

 

وفاة أبي بن كعب مرض أبي بن كعب -في أواخر حياته مرضًا شديدًا، فعاده الناس، وكان منهم عبد الله بن أبي نُصير الي قال: “عُدْنا أبي بن كعب في مرضه، فسمِعَ المنادي بالأذان، فقال: الإقامة هذه أو الأذان؟ قلنا: الإقامة، فقال: ما تنتظرون؟ ألا تنهضون إلى الصَّلاة؟

 

فقلنا: ما بنا إلا مكانك، قال: فلا تفعلوا قوموا، إن رسول الله صلَّى بنا صلاة الفجر، فلمّا سلّم أقبل على القوم بوجهه، فقال: أشاهدٌ فلان؟ أشاهدٌ فلان؟ حتى دعا بثلاثة كلُّهم في منازلهم لم يحضروا الصَّلاة، فقال: إنَّ أثقلَ الصَّلاة على المُنَافقين صَلاة الفجرِ والعِشاء، ولو يعلمون ما فيهما لأتوهما ولو حَبْوًا، واعلم أنّ صلاتك مع رجلٍ أفضل من صلاتِكَ وحدك، وإن صلاتك مع رجلين أفضلُ من صلاتِكِ مع رجل، وما أكثرتم فهو أحبُّ إلى الله، وإنَّ الصَّفَّ المقدم على مثل صفِّ الملائكة، ولو يعلمونَ فضيلتهُ لابتدروهُ، ألا وإنَّ صلاة الجماعةِ تفضَّل على صلاةِ الرَّجل وحدَه أربعًا وعشرين أو خمسًا وعشرين”.

 

 

ثم يذكر أنَّ أبي بن كعب دعا فقال: “اللهم إنّي أسألك أنْ لا تزال الحُمّى مُضارِعةً لجسدِ أبي بن كعب حتَّى يلقاك، لا يمنعه من صيام ولا صلاة ولا حجّ ولا عُمرة ولا جهاد في سبيلك” فمات بمرضه سنة 30 للهجرة في القول الراجح، والله تعالى أعلم.[رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن أبي بن كعب، الرقم: 810، صحيح]

 

رحم الله أبي بن كعب وغفر له وأسكنه جنته.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى