بقلم د/ محمد بركات
الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام علي المبعوث رحمة للعالمين سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين وبعد:
فإنك لو قرأت في تاريخ الأمم باختلاف عرقياتها وأعرافها عن أمة بلغت السوء في كل أحوالها كيهود ، وبنو إسرائيل لن تجد لهم مثيلاً ولا شبيهاً.
، بل إنك _وأكاد أجزم لك بأسلوب النفي_
لا ولن ولم تجد صفات بهذا السوء.
، وهذه بعض من أهم صفاتهم في القرآن الكريم ؛ والتي اتصفوا فيها، وعرفت فيهم علي مدار تاريخ البشرية
أولاً: أهل فتن وعداوة ، ورمز لإشعالُ الفتن ضدَّ المسلمين وعداوتهم للمسلمين معروفة ، وحربهم لهم قائمة، قال الله تعالى:
(لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً لِّلَّذِينَ آمَنُوا الْيَهُودَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا).(سورة المائدة ، الآية: 82)
ولفظة أشد وصف في أدق أوصاف الصدق المنطبقة عليهم، وسلامهم مزعوم إلي جانب صدق عداوتهم المعروفة عنهم، ولا نعرف زماناً ولا مكاناً خرج هذا الوصف عنهم.
ثانياً: دائمي استثقال الأوامر، ولا يتم تنفيذها ولا القليل منها، وسرعان ما ينفصلون وينفصمون عن أحكام الشرع ويتملصون منها، كأن لم تكن قال الله تعالى:
(وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَكُمْ وَرَفَعْنَا فَوْقَكُمُ الطّورَ خُذُوا مَآ آتَيْنَاكُم بِقُوّةٍ وَاسْمَعُوا قَالُوا سَمِعْنَا وَعَصَيْنَا وَأُشْرِبُوا فِي قُلُوبِهِمُ الْعِجْلَ بِكُفْرِهِمْ قُلْ بِئْسَمَا يَأْمُرُكُمْ بِهِ إِيمَانُكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مّؤْمِنِينَ).
(سورة البقرة، الآية: 84)
فهم علي نقيض الأمم العاقلة، التي تسمع وتطيع لأن دأبهم التمرد علي الحق، ولذلك سرعان ما يرتدوا وينقلبوا في كل الأمور ، وهو ما استحقوا به اللعن.
ثالثاً: كثرة تطاولهم على الله تعالى ، وليس بعجيب علي انعدام أدبهم وذهاب وعيهم ودنو عقليتهم الفارغة ، فقد ادّعوا _تعالي الله عن ذلك سبحانه وتعالي_أنّ له ولد، وأنّه فقير وهم أغنياء، ولم يسلم أحدٌ من شرورهم، قال الله تعالى:
(لَقَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ فَقِيرٌ وَنَحْنُ أَغْنِيَاءُ سَنَكْتُبُ مَا قَالُوا وَقَتْلَهُمُ الْأَنْبِيَاءَ).
(سورة آل عمران، الآية: 181).
، بئس القوم وبئست صفاتهم.
رابعاً : كثيرون الصدّ عن سبيل الله تعالى ودائمي الكذب عليه، فاستحقوا بذلك لعنته، وغضبه وعليهم تدور إلى يوم القيامة، ولذلك جعل الله منهم القردة والخنازير، وما ذلك إلّا عقوبة لهم، قال الله تعالى:
(قُلْ هَلْ أُنَبِّئُكُم بِشَرٍّ مِّن ذَٰلِكَ مَثُوبَةً عِندَ اللَّهِ ۚ مَن لَّعَنَهُ اللَّهُ وَغَضِبَ عَلَيْهِ وَجَعَلَ مِنْهُمُ الْقِرَدَةَ وَالْخَنَازِيرَ وَعَبَدَ الطَّاغُوتَ ۚ أُولَٰئِكَ شَرٌّ مَّكَانًا وَأَضَلُّ عَن سَوَاءِ السَّبِيلِ).
(سورة المائدة، الآية: 60).
خامساً : يعرفون بالكذبُ ويعرف الكذب بهم ، وهم أهل غدر، وخيانة، ونقضُ المواثيق والعهود، ويشهد بذلك التاريخ قديما وحديثا بهذه الصفات، حيث حاولوا قتل النبي ﷺ
غير مرّة، فنقضوا بذلك عهدَهم معه، قال الله تعالى:
(فَبِمَا نَقْضِهِمْ مِيثَاقَهُمْ لَعَنَّاهُمْ وَجَعَلْنَا قُلُوبَهُمْ قَاسِيَةً يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَوَاضِعِهِ).
(سورة المائدة، آية: 13).
فلا يؤخذ لهم ولا يؤخذ عنهم ، وإن أقسموا الأيمان الغليظة بكل الكتب، فهم قوم بهت لا صلاح لهم ولا إصلاح.
سادساً: قتلهم الأنبياء والمرسلين صلوات الله عليهم وسلامه وبركاته ، وممّن قتلوا من الأنبياء نبي الله زكريا، ونبي الله يحيى -عليهما السلام-، قال الله تعالى:
(فَبِمَا نَقْضِهِم مِّيثَاقَهُمْ وَكُفْرِهِم بِآيَاتِ اللَّهِ وَقَتْلِهِمُ الْأَنبِيَاءَ بِغَيْرِ حَقٍّ وَقَوْلِهِمْ قُلُوبُنَا غُلْفٌ ۚ بَلْ طَبَعَ اللَّهُ عَلَيْهَا بِكُفْرِهِمْ فَلَا يُؤْمِنُونَ إِلَّا قَلِيلًا).
(سورة النساء، الآية: 155)
فتري بذلك ، هل يراعوا حرمة دم ، أو ميثاق أو عهد ؟!
سابعاً : هم أصل وأهل في الاعتداءُ على الخلْق، وأكلُ أموالهم بالباطل، وهو شأنهم ودأبهم علي مدار تاريخهم البغيض الطويل ، وأهل عصيانُ لله -تعالى-، وعدم التناهي فيما بينهم عن المنكرات، قال الله تعالى:
(لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِن بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَىٰ لِسَانِ دَاوُودَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ۚ ذَٰلِكَ بِمَا عَصَوا وَّكَانُوا يَعْتَدُونَ. كَانُوا لَا يَتَنَاهَوْنَ عَن مُّنكَرٍ فَعَلُوهُ ۚ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ).
(سورة المائدة، الآية: 78-79)
ثامناً : لا يتورعون عن منكر ، وهم في الشر أسس وميادين ، فعرفوا بإخفاءُ العلم وكتمانه على الرغم من أمر الله لهم بتبليغه، قال الله تعالى:
(إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنزَلَ اللَّهُ مِنَ الْكِتَابِ وَيَشْتَرُونَ بِهِ ثَمَنًا قَلِيلًا ۙ أُولَٰئِكَ مَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ إِلَّا النَّارَ وَلَا يُكَلِّمُهُمُ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلَا يُزَكِّيهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ).
(سورة البقرة، الآية: 174.)
تاسعاً : هم أهل الحسدُ، ونشر الفساد في الأرض، وما تجده من سوء في أي من أطراف الدنيا والعالم الذي نحن فيه إلا وأصله يهود ، وأهل لإشاعةُ الفاحشة فيها، والحرصُ على الحياة، قال الله تعالى-:
(وَلَتَجِدَنَّهُمْ أَحْرَصَ النَّاسِ عَلَىٰ حَيَاةٍ وَمِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا ۚ يَوَدُّ أَحَدُهُمْ لَوْ يُعَمَّرُ أَلْفَ سَنَةٍ وَمَا هُوَ بِمُزَحْزِحِهِ مِنَ الْعَذَابِ أَن يُعَمَّرَ ۗ وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِمَا يَعْمَلُونَ).
(سورة البقرة، الآية: 96.)
عاشراً: هم أهل البخلُ، والذلّ وهو وصف قديم حديث ملازم لهم قال الله تعالى:
(ضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ أَيْنَ مَا ثُقِفُوا إِلَّا بِحَبْلٍ مِّنَ اللَّهِ وَحَبْلٍ مِّنَ النَّاسِ وَبَاءُوا بِغَضَبٍ مِّنَ اللَّهِ وَضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الْمَسْكَنَةُ ۚ ذَٰلِكَ بِأَنَّهُمْ كَانُوا يَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَيَقْتُلُونَ الْأَنبِيَاءَ بِغَيْرِ حَقٍّ ۚ ذَٰلِكَ بِمَا عَصَوا وَّكَانُوا يَعْتَدُونَ).
(سورة آل عمران، الآية: 112)
،ولا تنظر أو تنتظر خيراً ممن ضربوا بالذل والمسكنة، يروجون لأنفسهم أنهم ضحايا وهم قتلة فجرة.
، ولذلك من يعرفهم، وعسانا جميعاً أن نعرفهم يجدهك أهل الضّلالات وقعوا فيها فيكفي ما ذكره القرآن من ادّعائهم أنّ لله ولدًا، ووصفهم الله _تعالي عن ذلك_بالنقائص، وقتلهم الأنبياء، وتحريفهم للتوارة، وهي كلام الله تعالي ، ألهم بعد ذلك من إيمان أو أمان ؟!
كلا ، فهم أهل للعنةَ الله، من افتروا على أنبيائهم، فنسبوا الرّدة، وعبادة الأصنام إلى نبي الله سليمان -عليه السلام-، والسّرقة إلى نبي الله يعقوب -عليه السلام-، والزّنا إلى نبي الله داوود -عليه السلام-.