طبعا الحكومات الرشيدة هي من تقدم مصلحة شعوبها على أي مصالح أخرى. وإيران من هذا المنطلق كانت خطوة التقارب مع الرياض خدمة لمصالح الجمهورية الإسلامية. بالنسبة لليمن الجميع يعلم أنه كانت هناك مباحثات مستمرة برعاية سلطنة عمان بين السلطات في صنعاء وبين السعوديين منذ فترة طويلة قبل التقارب السعودي الإيراني. لكن ما الذي جرى من تفاهمات ومقاربات بين صنعاء،والرياض لا أحد يعرف الكثير، وما هو موقع طهران من هذه المقاربات. هل كانت هناك تفاهمات بين صنعاء والرياض وتسرع الوفد اليمني باتخاذ موقف ما بدون التشاور أو الأخذ بالاعتبار رأي وموقف الاخوة في المحور. لكن ما أكاد أجزم به يقينا هو أولا أن الجمهورية الإسلامية استغلت الأوضاع والمتغيرات الإقليمية والدولية واستثمرتها لصالح مصلحة ايران العليا ومحور المقاومة وكان التقارب السعودي الإيراني احدى نتاجات هذا الاستثمار. ثانيا أن طرف سلطة المجلس السياسي الأعلى وبعد تعزيز موقفهم عسكريا والنجاحات العسكرية الا أنه كان هناك قصور واضح في الجانب السياسي والإداري، ربما نقص الخبرات او حسن النوايا، فهو رغم استمرار الهدنة لأكثر من عام وتمديدها إلا أن وفد صنعاء المفاوض لم يستطع حتى الآن تحقيق أي انجاز ملموس وخطوة واقعية في سبيل تخفيف معاناة الشعب اليمني او استرداد ثرواته او الانتفاع بها او بعائداتها في تسليم جزء من رواتب الموظفين الموقوفة من قبل مرتزقة السعودية. ولم يتم فتح المطارات والموانئ بشكل كبير ومازالت القيود مستمرة واليمني يتلقى أسوأ المعاملة في مطارات الأردن والقاهرة . الفريق اليمني لا يمتلك حس مجاراة المتغيرات الدولية واستثمار نقاط القوة لصالحه وفرض شروطه على تحالف الشر والسعوديين. الحرب الأوكرانية كانت تمثل فرصة ذهبية للمفاوض اليمني للضغط على المجتمع الدولي لتحقيق مطالب الشعب المحقة. كان يكفي مجرد التلويح بامكانية استهداف منابع النفط ليتوسل العالم سلطات صنعاء في عدم الاستهداف وكانوا سيأتون صاغرين لتلبية طلبات الشعب اليمني. طبعا المفاوض اليمني ابتلع الطعم بالوعود الزائفة الذي ثبت أن السعوديين لن ينفذوا أي منها، بينما استطاعت السعودية والإمارات تأمين امدادات النفط وضمان عدم تأثرها واستفادت من ارتفاع أسعار النفط بينما الشعب اليمني يبحث عن اسطوانة غاز عجزت سلطة صنعاء عن فرض شروطها بتأمين امداد الغاز للشعب من حقول الغاز اليمنية التي هي ملك الشعب اليمني