بقلم : يوحنا عزمى
منذ يومين خرج علي العالم احد أبرز قادة قوات الدعم السريع في السودان وهو الفريق عبد الرحيم دوقلو ليعلن ان لدي هذه القوات من الأسلحة والمعدات ما يكفي لكي تواصل قتالها لعشرين سنة قادمة .. وهو تصريح حتي وان قصد منه رفع معنويات قواته او تعزيز موقف الجناح العسكري الذي يقوده في اية تسوية سياسية شاملة قادمة ، إلا أنه تصريح بالغ الإثارة والاستفزاز ، ولأنه يعني
ان تدفق السلاح علي السودان من مصادر خارجية عديدة ومشبوهة وليس من مصلحتها ان تخمد هذه الحرب ، سوف يستمر وربما سيتزايد مع الوقت لنصبح أمام محرقة حقيقية سوف تدمر السودان وتفقده معالمه وتحوله في أحسن الأحوال إلي دولة فاشلة او حتي إلي بقايا دولة.
وإذا كان هذا هو ما يقوله هذا المسئول العسكري الكبير في قوات الدعم السريع ، فإن ما يصرح به القائد الاعلي للقوات السودانية ورئيس مجلس السيادة السوداني الفريق اول عبد الفتاح البرهان
لا يقل أهمية .. فهو بقراره بحل قوات الدعم السريع باعتبارها جماعة إرهابية محظورة وتشكل ميليشيا مسلحة غير مسموح
بها ، وهو باتهامه المستمر لقادة هذه القوات بالعمالة والخيانة لحساب قوي أجنبية تسعي إلي تفكيك السودان ، فإن ما يقوله
هو أنه سوف يبقي في مواجهة عسكرية مستمرة معهم مهما استغرقت من وقت او احدثت من دمار .. اي أنه لم يعد ثمة
مجال للحلول الوسط او لانصاف الحلول ..
وهو ما ينفي الحاجة إلي الخيارات الدبلوماسية التفاوضية
ومن هنا ، فإن كل ما يتردد عن التوجه نحو احياء من جديد لوساطات عربية او أفريقية او دولية ، هو حديث معاد ومكرر
ولا جدوي منه .. ولأنه لا يوجد الجديد الذي يمكنها ان تقدمه
وتقنع الطرفين به.
كل ذلك يدعوني إلي القول بأنه لم يعد هناك مخرج قريب لأزمة هذه الحرب بين العسكريين السودانيين بهذا الزخم الكبير من القوات والأسلحة والمعدات ، فكل أبواب الحل السلمي التوافقي باتت مسدودة ، وكل الوساطات والجهود الدبلوماسية لم تعد تجدي في مثل هذه الأجواء المفرطة في عدائيتها وفي تطرف رفضها لبعضها بعضا ، ومع تفاقم الكارثة واخفاق القادة الكبار في استيعاب خطورة ما اوصلوا بلدهم إليه من فوضي وانهيار ، فإنه لم يعد هناك الكثير مما يمكن ان يقال .. ولأن حجم الكارثة اصبح اكبر من اي كلام.