أخبارالسياسة والمقالات

عندما يريد الشعب المصرى فإن مصر تستطيع

بقلم الإعلامي/ يوحنا عزمي

يومي ٩ و ١٠ يونيو ١٩٦٧ و ٣٠ يونيو ٢٠١٣ وازمه سد النهضة
فى تاريخ الاوطان والشعوب لحظات فارقه بين النصر والهزيمه بين الحياة والموت ..
كانت حرب يونيو ١٩٦٧ مؤامرة مكتمله كما عرفنا عندما رفعت قيود السريه عن المعلومات فى امريكا والغرب
مؤامرة كان هدفها استدراج مصر إلى حرب تجهض نهضتها
وتمنعها من استكمال كل عناصر قوتها.
ففى الخطة الخمسيه الأولى ١٩٦٠ / ١٩٦٥
اتمت مصر بناء السد العالى واصبحت تمتلك الطاقه الكهربائية للتصنيع ..
واتمت مصر انشاء مجمع الحديد والصلب
واتمت مصر انشاء مجمع الألومنيوم
وبذلك اصبحت مستعدة لاقتحام مجالات التصنيع الثقيل وصناعه السلاح.
ونححت مصر فى نفس الخطه فى إنتاج الجرار الزراعى نصر والسيارة الفيات ١١٠٠ والسيارة رمسيس والطائرة الجمهورية والطائرة القاهرة ودخلت عصر إنتاج الصواريخ بالتعاون مع خبراء المان وظهرت نماذج اوليه للصاروخ القاهر والظافر
“تم استخدامها فى التمهيد النيرانى لحرب اكتوبر ١٩٧٣”
والأخطر قامت مصر ببناء مفاعل انشاص النووى ..
ودقت كل اجراس التحذير واضيئت كل لمبات التحذير الحمراء فى إسرائيل وامريكا واوروبا الغربية والإتحاد السوفيتى وبعض الدول العربية.
فالاتحاد السوفيتى رأى ان عبد الناصر يكتفى بالحصول منهم على الأسلحة والمعدات والعلم ولكنه يرفض فكرتهم الشيوعيه ويرفض تسليمهم إرادة مصر كثمن لدعمهم لمصر.
وبعض الدول العربية رأت ان نجاح عبد الناصر وثورته سيكون حافزا لشعوبهم على الثورة ورات ان استمرار نجاح ناصر يشكل خطرا عليهم.
وأمريكا رات فى ناصر عدوا لها يجب تحطيمه لتتمكن من فرض ارادتها على المنطقه ..
وإسرائيل ترى فيه وفى مصر عدوها الحقيقى الوحيد الذى يقف عائقا أمام تحقيقها لحلم الصهيونية بانشاء إسرائيل الكبرى.
وادركوا جميعا انه لو اتيحت لمصر فرصه لتنفيذ واكمال خطه خمسية اخرى بنجاح ستحصل مصر على قدر من القوة يجعل ضربها مستحيلا وستظهر قوة مصرية عربية تؤمن بالقوميه العربيه وتفرض ارادتها على المنطقه وتشارك فى حكم العالم
وهكذا كان يجب استدراج مصر لمعركة وحرب تجهض نهضتها قبل ان تستكمل مصر كل عناصر قواتها.
وهكذا كانت حرب يونيو عدوان أمريكى اوروبى بمشاركة ودعم الإتحاد السوفيتى وبعض الدول العربية ..
عدوان أعلن بأسم إسرائيل ..
حيث قام الاعلام العربى بحملة إعلامية قويه تطالب عبد الناصر ومصر بمنع مرور السفن الإسرائيلية فى خليج العقبه والوصول إلى ميناء ايلات وكانت إسرائيل قد حصلت على ذلك الحق كثمن لانسحابها من سيناء فى حرب العدوان الثلاثى ١٩٥٦.
واخذ الاعلام العربي يسب مصر ويهاجمها ويهاجم عبد الناصر بسبب ذلك ، ثم كانت مؤامرة سوريا بادعائها ان إسرائيل تحشد جيشها في مواجهه سوريا ومطالبتها عبر الاعلام لعبد الناصر ان يفعل اتفاقيه الدفاع العربى المشترك وان ينقذ سوريا بصفته بطل العروبة وقائدها.
وشاركها الاتحاد السوفيتى فى دعم هذه الاكاذيب حيث قام بابلاغ مصر ان الجيش الإسرائيلى يحشد قواتها ضد سوريا.
وطلب الاتحاد السوفيتى من مصر الا تبدأ الحرب حتى لا يتم ادانه مصر دوليا.
واتضح بعد ذلك ان الجيش الإسرائيلى كان يحشد قواته تجاه مصر وليس سوريا وان الاتحاد السوفيتى كان يعلم ذلك وقيادات سوريا كانت تعلم ذلك.
وقام الاعلام العربى بالضغط على مصر لتنقذ سوريا وتفعل اتفاقيه الدفاع العربى المشترك ..
وللاسف تاثر كثير من المصريين بحملات الاعلام العربى وطالبوا ناصر بالحرب ..
وتدخلت امريكا واجرت مباحثات سياسية مع مصر وابلغت مصر ان امريكا لن تسمح لإسرائيل بمهاجمه مصر ، وهو ما اكد لمصر انه لن تكون هناك حرب ولم تنتبه القيادات المصريه للمؤامرة والفخ الذى تم اعداده لمصر.
وفى يوم ٥ يونيو ١٩٦٧ ..
شاركت الطائرات الأمريكية من قاعدة هويلس الأمريكية فى ليبيا بقصف المطارات المصرية بجانب إمداد امريكا لإسرائيل بطيارين محترفين للمشاركة فى ضرب مصر.
وقامت حاملات الطائرات الامريكية بالتواجد قريبا من الشواطىء الإسرائيلية لتوفر بطائراتها الحمايه لإسرائيل ضد اى طائرات مصريه قد تستغل توجه الطيران الإسرائيلى لقصف مصر وتهاجم إسرائيل.
وشاركت الطائرات الفرنسية بالطيارين الفرنسيين فى العدوان انطلاقا من المطارات الإسرائيلية ..
وقدمت بريطانيا خطه القصف الجويه لمصر والتى نفذتها فى حرب ١٩٥٦ لتكون هى الأساس الذى خططت إسرائيل ضربتها الجويه عليه بجانب امدادها لإسرائيل بطيارين انجليز محترفين وامدادها باحدث الدبابات الإنجليزية.
وقدمت دوله جنوب افريقيا طيارين وطائرات شاركت فى قصف مصر انطلاقا من المطارات الإسرائيلية.
وقامت إيران بامداد إسرائيل ببترول يكفيها سته اشهر ليكون احتياطى لها فى الحرب ..
وانتهت الحرب بتدمير الجيش المصرى وانتصار الدول المعتديه وهزيمة مصر ، وادت الاخطاء المصريه إلى ان تكون هزيمة مصر اكبر مما تستحق وان يكون النصر الإسرائيلى اكبر مما تستحق.
وفى يوم ٩ من يونيو ١٩٦٧ ..
جلس “موشى ديان” وزير دفاع إسرائيل وبطلها القومى فى حديقه منزله بتل ابيب وأعلن على وسائل الاعلام العالمية رقم تليفونه الخاص وانه ينتظر مكالمه الاستسلام من القاهرة
وفى يوم ٩ من يونيو ١٩٦٧ ..
خرج عبد الناصر فى خطاب أعلن فيه إعتراف الدولة المصرية بالهزيمه ، وحمل نفسه المسئولية الكامله عن الهزيمة
وأعلن تنحيه عن كل مناصبه الرسمية.
وصمت العالم وصمتت مصر كلها عقب كلمات عبد الناصر واعلانه تنحيه ، وتصور العالم انها نهايه مصر.
وانتظر العالم إعلان القيادة المصريه الجديدة استسلام مصر
وانه سيرى ويسمع “موشى ديان” وهو يتلقى رساله الاستسلام من القاهره.
لحظات صمت سادت مصر كلها ..
وكأن الشعب يستوعب كلمات عبد الناصر واعلانه الهزيمة
وقبل ان يكمل عبد الناصر خطابه ، تقدم الشعب المصرى باكمله برجاله ونساؤه بشيوخه وشبابه واطفاله بمسلميه ومسيحييه وكل عقائده ، من الإسكندرية ورشيد إلى أسوان ، من بورسعيد والسويس والاسماعيلية إلى مرسى مطروح والسلوم ، فلاحيين وصعايدة وبدو وسواحليه وعمال وتجار وطلبه وموظفين.
تقدم الشعب باكمله وبدون اى تنظيم او تنسيق او إعداد فى زمن لم يكن به إنترنت ولا فضائيات واغلب المصريين لا يمتلكون تليفزيون ولا تليفون ، وقبل ان يكمل عبد الناصر خطابه ، تقدم الشعب ليرد على “موشى ديان” ويسمعه ويسمع العالم رد مصر ، هتاف واحد كان يتردد فى كل أنحاء مصر ، هنحارب … هنحارب … هنحارب.
“بالملايين طالعين مش راجعين هنحارب هنحارب هنحارب”
كان هذا قرار مصر ..
لم يطالب الشعب عبد الناصر بالتراجع عن تنحيه لكنه طالب بالحرب ورفض الهزيمة ورفض الاستسلام.
منذ قيام ثورة يوليو ١٩٥٢ والشعب يتبع عبد الناصر فى قيادته لمصر ..
لكن فى يومى ٩ و ١٠ يونيو ١٩٦٧ تقدم الشعب ليقود مصر وامر عبد الناصر ان يتبعه واستجاب ناصر لامر الشعب.
رغم جراح الهزيمه ، ورغم الالم
ورغم ارواح الشهداء ودماء الأبطال
كان ذلك اليوم من اقوى ايام مصر
انها مصر القويه تنتفض من تحت الرماد لتنهض
فى ذلك اليوم أدرك العقلاء حقيقه ان إسرائيل ارتكبت اغبى مواقفها فقد ايقظت المارد المصرى.
قبل هذا اليوم كانت الحرب بين أمريكا وإسرائيل والدولة المصرية ، بينما اكتفى الشعب بثقته فى عبد الناصر وتركه يواجه امريكا وإسرائيل فى الحرب بالدولة ومؤسساتها.
لكن عقب الهزيمه واقرار عبد الناصر بالهزيمه
نهض الشعب ليتولى بنفسه القتال فى الحرب
فقد أقر عبد الناصر والدولة المصرية بالهزيمه
ولكن الشعب رفض الإقرار بالهزيمة ورفض الاستسلام لمنطق الهزيمة واختار الشعب الحرب.
والويل كل الويل للعدو عندما يختار الشعب الحرب
كان حجم الهزيمه اكبر مما يتوقع احد عشرات الآلاف من الشهداء والمصابين لم تتاح لهم فرصه القتال ، جيش فقد اكثر من ٨٥ ٪ من اسلحته ومعداته الحربيه ، وضع يحتاج عشرات السنين للخروج منه.
ولكن فى أقل من سته أعوام
نهضت مصر وقهرت المستحيل
وحاربت وانتصرت ، حرب الاستنزاف وحرب اكتوبر.
ودفعت إسرائيل ثمن غباءها بانهيار نظريه الأمن الإسرائيلى
ومازالت إسرائيل تعانى من اثار هزيمتها فى اكتوبر ١٩٧٣ إلى اليوم.
فقد أنهى النصر المصرى مرحله التوسع الجغرافى لإسرائيل
وادخلها مرحله الانكماش الجغرافى “لم تحرز إسرائيل منذ هزيمتها فى اكتوبر اى توسع جغرافى بل العكس انسحبت من غزه واقامت الجدار العازل وكلها فى حقيقتها خطوات للانكماش الجغرافى”
اليوم مصر فى أمس الحاجه لروح هذا الشعب ..
ليس ليتولى القيادة فبفضل الله القيادات المصرية تعلمت الدرس جيدا ، ولكن مصر بأمس الحاجة لروح هذا الشعب يدعم بها دولته وقيادته ، فالعدو يبذل كل جهده لإيقاف واجهاض نهضه مصر ، يبذل كل جهده لاستدراج مصر لحرب توقف نهضتها وتمنعها من استكمال كل عناصر قوتها.
وعلينا جميعا ان نسترد روح شعب ٩ و ١٠ يونيو ونترجمها لافعال ومواقف وكلمات نعبر بها عن دعمنا للقيادة المصريه فى كل مواقفها وقراراتها حتى لو كانت تتعارض مع قناعتنا الشخصيه فالدوله والقيادة يرون الصورة الكامله التى لا نرى نحن الا بعضها.
لهذا موقف وقرار الدولة والقيادة دائما هو الأصوب وتعبيرنا عن دعمنا لدولتنا وقيادتنا هو اقوى سلاح تتصدى به مصر لن تستدرج لحرب أبدا.
مصر ستحارب عندما تقرر هى وتختار توقيت الحرب ومكانها وتقرر كيف تبدأها وكيف تنهيها.
أزمه سد النهضه استنساخ لمؤامرة يونيو ١٩٦٧
والقيادة المصريه تدرك ذلك واستفادت من الدرس وتدير الصراع بعبقريه.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى