أدب وثقافه

غربة الشاعر الدكتور جمال مصطفى

غربتنا طالتْ والديارُ تئنُ وحدتها
بينَ جدرانُ الصمتِ تنشدُ وقعَ شدتها
نعاني الأمرينِ بينَ حنينٍ في حدتها
مرُّ النوى للديارِ ومرَّ صبرُ قساوتها
أختلطَ الشهيقُ بالعبرةِ كتمتْ غصتُها
تنهداتُ التوقِ تحرقُ الصدرَ بمدتها
ذكرياتُ الماضي جميلةٌ رغمَ مرارتها
و حلوَ الغربةِ مرٌّ مهما كانتْ لذتها
في الغربةِ نحنُ أعدادٌ و لسنا عدتها
كلُّ النكباتِ مجتمعةٌ تأتي منْ غرتها
ويلٌ لغربةٍ نموتُ فيها بغيرِ مودتها
نموتُ ولا نحييى منهكينَ في كربتها
لا خيرٌ في غربةٍ تخفي جميلُ سدرتها
و لا خيرٌ بأوطانٍ تهجرُ أبناءَ جلدتها
اشتاقُ إلى خبزِ أُمي و رائحةُ قهوتها
و إلى لمسةٍ من يديها و سماعِ ضحكتها
أتوقُ لحنانِ أُختي و قلقها و مودتها
عندَ شدتي كانتْ تبكي و تُخفي دمعتها
أحنُّ إلى دارنا واللعبِ في شرفتها
و لشجرةِ التوتِ ما زلتُ أتذكرُ طعمتها
أحنُّ إلى صوتِ فيروز الدافئُ و كلماتها
و إلى صباحاتُ الحيّ و صرخاتُ باعتها
أتذكرُ مدرستي و معلمتي و أناقتها
و صفي و مقعدي و كانَ بجانبي سبورتها
و آهٍ منْ غربةٍ كلها غرابةٌ أُمنياتها
آهٍ منْ هجرٍ لمْ تعدْ تنفعُ فيهِ حسراتها
الغربةُ باتتْ لنا وطناً رغمَ بشاعتها
و وطنٌ باتَ لنا غربةٌ رغمَ عشقِ تربتها ..

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى