كتب الأستاذ الدكتور عبد الرحيم درويش :
______________________
سيد جمعة الشاب الثائر المتمرد وديوانه ( ربما … نصوص ثائر بلا أذرعة ) .
عندما تبحر في سطور هذا الديوان الشعرية وتطالعها، تدرك تماما أنك أمام شاعر مختلف يحترف تحريك الحروف، ويبدع في تنسيقها ليصيغ منها ما يصل إلى قلبك في براعة متناهية، وكأنه يقود دراجة بيد واحدة، أو يقود طائرة وكأنه يمارس عملا سهلا أتقنه، لِمَ لا وهو في الأساس فنان تشكيلي يمتهن جذب الانتباه، ويأسرك بعبقرية إبداعه وسحر بيانه.
خمس سمات أساسية نرى أنها تتضح بجلاء في هذا الديوان الذي يأخذك في جولة إلى عالم خاص ينسج خيوطه بعين الناقد والفنان معا، وسنحاول في هذه الكلمة الموجزة عن ديوان نراه يستحق أن تُكتب عنه عشرات بل مئات الدراسات الهامة لكاتب متميز استطاع أن يبرز ويحتفظ لنفسه بمكانة هامة بين شعراء اليوم، بالإضافة إلى أنه فنان تشكيلي وأديب وناقد متميز يشار إليه بالبنان، وسنحاول أيضا أن نضرب بعض الأدلة على سبيل المثال لا الحصر لرؤيتنا.
السمة الأولى روح الشباب:
ونرى روح الشباب تجري هنا أنهارا بين دفتي الديوان، وأعني بها أن الموضوعات التي يكتب بها الشاعر تخرج من نفس مبدع، لا يزال يرى نفسه شابا يرتع بين أقرانه من هؤلاء الذين قاربوا العشرين أو جاوزوها بقليل. هذا من جانب، ومن جانب ٱخر نجده يعالج موضوعات الحب والغرام بصورة تشي أنه لا يهدف لاستمالة الشباب فحسب، جيث يهدف إلى لفت أنظار الجميع في مجتمع يعاني فقدان الألفة والحب، ولذا نحس بأن ما يقوله لنا من رسائل تصدر من كاتب عايش هذه التجارب وكابدها، والتجربة عنده لا لشيء إلا ليؤكد أنه لا حياة بدون حب، كما أنه يقدمها بشكل جديد مبتكر.
روح الشباب هذه تظهر من العتبات الأولى للنص حيث تبدو بجلاء من العنوان: “ربما .. نصوص ثائر بلا أذرعة”
بدايةً نلحظ كعتبة نصٍ نجدُ في إسم الديوان أن الثائر بلا أذرعة في الوقتِ الذي تُمَثلُ النصوص ذاتِها أذرعةً في حد ذاتِها بل وأذرعةً كأنها أشطانٌ بئرٍ في لبانِ الأدهمِ ! بما فيها من جرأةٍ وَ وثبٍ إلي المجهول وصولاً للمعلوم ؛ وهو تحريك إرادة التغيير .
. فروح الجرأة والشباب نجدها تدفع الشاعر للجرأة على اللغة، فالشاعر هنا ومنذ المفتتح ومن البداية يصدمك بأنه مقدام سيثور بدون وجود متطلبات الثورة وأقلها الذراع واليد التي تشي بمعنى السلطة والقوة، ليس هذا فحسب، يل ويتمرد على اللغة ذاتها، ففي قاموس المعاني الجامع نجد أن جمع ذراع: ذرعان وأذرع، ولم نجد أصلا لكلمة أذرعة.
روح الشباب أيضا جعلته يرفض الشعر العمودي وينكر القصيدة التقليدية وبنتصر للشعر الحر، كما سنوضح فيما بعد عند الجديث عن السمة الرابعة للديوان.
روح الإقدام والشجاعة هذه تتضح بجلاء أكبر قد يصفه البعض بالتهور، حيث يبدأ الكاتب قبل قصيدته الأولى في ديوانه هذا بكلمات للشاعر الفلسطيني معين بسيسو: ” قُـلـهـا و مُـتْ .. إ نـك إ ن لـَمْ تـَقــُلـّهـا مِـتْ .. و إ نّ قـلـّتُـهـا مِـتْ .. فـَقُـلهـا ومُـتْ ..”. وهذا نص قصيدته الأولى المليئة بالاستهزاء لا بالعمر وحده، وإنما بالحياة والدنيا ومن فيها جميعا، فالابتسامة هنا وكما نرى ليست إلا دليلا على السخرية والاستهزاء.
بعد أن تجاوزت السابعة والسبعين من العمر
طالعتُ في مرآتي :
تبدو ثائرا بلا أذرعة
ابتسمت !
روح الشباب هذه نجدها تتدفق ينابيعا نرى أثرها في الموضوعات التي يتناولها الشاعر بداية من موضوعات الحب والهيام إلى موضوعات أخرى يهتم بها الشباب كالمسجد الأقصى وقضايا الوطن والعروبة والثورة، كما أن هذه السمة والتي أعني بها روح الشباب تدفعنا بعد أن تفجرت وانطلق ماؤها عذبا رقراقا للحديث عن السمة الثانية قي هذا الديوان.
السمة الثانية الامتلاء بروح التمرد والغضب وعدم الرضا:
الامتلاء بروح التمرد والغضب وعدم الرضا عن الوضع الراهن والظروف القاسية التي تغضبنا في مجتمع صار يعلن ثورته ولا يرضى بحال أمة كانت في القمة، ووصلت تقريبا أو كادت تصل إلى القاع، ولا أدري إن كان المبدع استطاع أن يعبر عن غضبة أمة بروح شاب كما أسلفت في النقطة السابقة، أم أن اختلاطه بالشباب أجج في نفسه نيران الرفض والغضب والثورة والتمرد.
يتضح هذا بجلاء في قصيدته روح الحقيقة حيث يقول راقضا : “تيممتُ واتجهتُ شرقاً.. عبثاً كنتُ اُغيرُ جلدى.. فقد سئمتُ فلا الشرقُ ولا الغربُ .. أنصفني”، ثم يواصل قائلا بنبرات الغضب والتمرد والثورة:
روحي حائرةٌ تهيمُ في دوائرُ مفرغةٌ
و هي لا سكرةً ولا عابثةً
فهي عن يقينٍ باحثةٌ ، وعن وجهة
ما أرهقها الركضُ ولا ملتْ
دعاوى الباطلُ من كلِ صوبٍ
أشياءٌ مكبوتةٌ داخلُها
تصرخُ
بعضُها أحلامٌ وردية
وأخرى آلامٌ حجرية
هذه الروح تصل للأنين والبكاء في قصيدته الرائعة: “ما بال الأقصر.. صار أقصى” حيث يتأوه ويبكي على أمجادنا التليدة ويستغرب موقفنا.
تفرقنا ، وأسكت بعضُنا بعضاَ
واستدرنا ، نلملمُ خيباتِنا
ولايستر عوارتنا
تاريخ ولا مجد
صار يخجل منا ، ويُنكرُنا
عرباً كنا، شرقاً أو غرباً
نساؤنا ، و ضًعفاؤنا
ومن على أعواد مهانتهم
حسراتِ عيونهم
دعواتُ علينا
حشرجاتُ الأقصى
ضعُفتْ وسكنتْ
وصلتُ العتمةُ لأقصاها
ولم يعد بين الرجالِ
رجل يسير للأقصى !
ويمكننا أن نلمح ثورة الشاعر الواضحة في قصيدته: العلج الثائر حيث يقول بما لا يخفى من رمزيته العبقرية:
إن العلوجَ إذا ما إستثيِروا
من كلِ حدبٍ وصوبِ
خرجوا
يهرعونَ كذئِابٍ يسيلُ مِن فِيها
الغضبُ
ويصطكُ بأنيابُها شططُ
وتزأر .. اليوم لاعهدَ ولا ذمً
إن الكرامةَ كالعرضِ
إن يُنتهكا فلا تسئلنّعن سببِ
فليُسألُ الجاني
لمَ إخْصَاءُ الرجالِ
وسبيّ المحصناتِ
وَحصرهمٌ بين الجوعِ والفقرِ
على خوازيق وصلبانٍ
يبلغ الغضب مداه وتشتد روح الثورة والتمرد أقصاها ليصل بنا إلى قمة الإبداع والعبقرية بثصيدته البديعة التي تعلن رفضه للديكتاتور والديكتاتورية بكل أشكالها حيث أترك القارئ يستمتع بجمال الخيالات وروعة الإبداع في قصيدته تهيؤات السيد الدرويش حيث يقول فيها:
في بيتنا .. حِمار !
أسكنُ في بيتٍ مهجور بلا رقم
رقمه السابق 13
وعلى الخرائط الشارع سد
في ميدانٍ .. بلا منافذ
بوطنٍ .. بلا علمٍ أو هوية
بيتي المهجور
بوسطه ” رحاية “
تَطحَنُ أفكاراً وعقائد تتغنى بالحرية
بيتي ككل بيوت الحارة
موسومٌ لدى العسس بِعلامة
حِمارنا ليس كَكلِ حُمُر العالم
ينتشي بقعقعةِ طحنِ العظمِ
وينتصبُ على حافريهِ مقهقهاً
إذا ما اغتيلَ وطُحِّنَ
صاحبُ قلم
أذناه تسمع صرير القلمِ على الورقِ
وأنفهُ تشمُ رائحة أنفاسُ الغضب
جماعتهُ تُقيمُ حفلاتِ الدفن الجماعي
على صفحاتِ الصحفِ
وتنثرُ المُكافآتِ للعامة
و الخاصة
حِمارنا موسومٌ في لوح القدر
كَحِمارٍ
ليس لهُ كَفن !
ثالثا: الشاعر ملتزم تماما بقضايا المجتمع المصري والعربي:
فالشاعر ابن مجتمعه وملتزم تماما بقضايا المجتمع ويعيش ظروفه ويحيا بيئة مصرية وعربية حيث يئن تحت نير القضايا الوطنية المصرية ويحيا تحت وطأة الثضايا العربية الكبيرة كقضية فلسطين وضياع الأقصى والأندلس وحالنا بعد الثورة.
يتعجب الشاعر كثيرا ما يحدث في مصر بعد الثورة حيث كتب قصيدة عن الدستور وأخرى عن الاضطرابات التي حدثت بعد ثورة يناير 2011 وكتب قصيدته الرائعة: الاحتمال الذي كان، حيث يربط بذكاء شديد ورمزية عبقرية بين هذه الأحداث والسامري حيث يقول:
” الاحتمال الذي كان ” ..
أكتب عليه أن يكون ” سامري” هذا الزمان
يمشي بين الناس
يردد
” الاحتمال الذي كان ” !!
**** ***
في حواري وأزقة قريته المنفية
تحت ركام الأبدية
الناس يتذكرونه
في تلك الأمسية
أمسية تكاثف
فيه ظلام
وبقع ضوئية
والتمييز كان
لمن أدرك وتيقن
انظر أيضا إلى قصيدته: ا لــثــأ رُ و ا لــجــا ن الغاضب
حيث يقول:
يا أمة تفرجت على عوراتها .. أمم
وأمم في رحم الزمان
تنتظر ! “
والشاعر مع كل هذه القضايا وما تثيره من مشكلات وهموم نراه متفائلا على الرغم من روح الشباب والثورة والرفض وغدم الرضا كما بينت سلفا. نري روح التفاؤل والأمل تنسم علينا عبيرا حلوا في قصيدته: فجرك، حيث يقول:
فجركِ.. سبق غدكْ
لا تفزعي .. لا تحزني
البستانُ وإن كان
يبدو أجدبا
وجفتْ يِنابيعهُ
وشابت ثِمارهُ
وشاخت أشجارهُ
وانتفخت الجرذانُ
وأعلنت استقلالِها
وناحت الغربانُ
من أعلى هامات الشجر
فتلك بدايات المطر
وبدايات الأمل
رابعا: الصور الشعرية المبتكرة:
إن الصور الشعرية المبتكرة التي تتدفق كالينابيع العذبة في كافة قصائد الديوان، والتي تميل لكافة الشعر الحر وتنتصر له على حساب الشعر العمودي، ويتضح هذا من تصدير الشاعر لديوانه ببعض أبيات من شعر عفيفي مطر حيث اختار منها:
دعوا التشطيرَ والتخميسَ .. هذا الشعرُ أجداثُ ُ
وأوهامٌ مُخرقةٌ و أضغاثُ
دعوا الخيام يشربُ كأسه وحده
ويلعن ظلمة الحفرة
ويشكو قسوة القدر للندمان
دعوا” شوقي” يسبح ربه السلطان
ويلبس تاج مملكة مزيفة بلا تيجان
دعوا الموتى..
فكم سفحوا محابرهم على الإعتابْ
ومدوا كفهم للرُّفد والْخِلعَة
ويا أسفا .. مضوا.. تركوا حروفا
طُرّزَتّ بالوشىِ والصنعة
فالشاعر هنا يعلن ثورته على القصيدة التقليدية القديمة وينتصر للشعر الحر، ومما تجدر الإشارة إليه هنا غلبة التراكيب الجديدة والثورة على القديم، وهذا يتفق مع ما اسلفناه من قبل من روح ثورة الشاعر، ونزعته الشبابية.
الديوان يمتلئ لحوافه بهذه الصور المبتكرة والتشبيهات البديعة.
ولننظر مثلا إلى ما قاله في قصيدته في ضي عينيها:
في ضىّ عينيها … !
في ضىّ عينيها سَكنْ
عِشق السنين ولم يزلُ
يورقُ كأنما الشوقَ
المُتقدُ تُحيهِ الّلهفةُ
و بعضٌ من الوهن
فالذكرياتُ مِن دِفئِها
و ضى عينيها
كان السكنُ
وفي قصيدته الــغــدْ .. الآتي من ا لــد م ! يقول:
لاح الغد ..
وعلي الأعتاب انتظره ألفَ أمسٍ ، وأمسِ
ولكنهم أعطوه في النهاية رقماً
ودفعوا به بينهم
فهم أيضا يحملون رقماً !
ثم يمضي فيقول محذرا ومنبها:
أيمتطي – هذا الغد – ما جاء به
أم يستفيق بعض من جاء من أجلهم
قبل أن يعود أدراجه
وقبل أن يحمل الرقم ؟!
وفي قصيدته الرومانسية لا مفر يقول:
أزحتُ الكثيرَ ممّن حولي
عسى ألقي شيئاً من ظلكِ
فأستبين
كم يبلغ مَهركِ
ينابيع الدنيا ، وثُريا الوهجِ
أحملُها
فأراها لا تعلو أو تقرب من قدركِ
راهنت الدنيا
أن في أحضانكِ .. سكني
وفي عيونك مرقدي و بعثي
ومولدي يوم رضاك
برجفة من رمّشِك
صبايا الدنيا كُثر لكِنهمُ
دونك حلماً ، وأملاً
ويبلغ الكاتب في صوره المبتكرة مبلغا عاليا حيث يقول في قصيدته الموقُوذَةُ ، والمُتَرَدُية ، والنّطِيحَةُ !
حين تهيأتُ لدفع المتاريس
وإزاحة الطابوق
وكسر كل الأقفال
كي أدلف الساحة
كنت أدري
أن عمري و صدري
سترشق فيه
سِهام الرفضِ والبغض ِ
فلا زالت محاجرعين قومي
لم تغادر
مقابر الأئمة والقادة
الراقدون في بطن الأرض !
ويحفل الديوان بعشرات الصور المبتكرة، ويمكن للقارئ التقاطها بسهولة، ويكفينا ما ذكرناه في هذه السمة، ولكن لشدة إعجابي بهذه القصيدة: أثرثرة جديدة؟ ويبدو أن الشاعر استمدها أو استلهمها مما كتبه نجيب محفوظ في رائعته: ثرثرة فوق النيل، وسأنقلها للقارئ كما كتبها الشاعر لنغوص معا في صورها المبتكرة.
أ ثرثرةٌ جديدة؟
كانت القطط تتلوى
بعضها يأ كل بعضها
أفواهها تقطر
… دما
العابس في ركنه الحزين
ينتظر
قطا أو بقايا من القطط
فأمعاؤه
كعينيه تئن من الجوع
فهذه القطط أصابها سعار
بعد أن توحشت .. وتسممت
المآقي
ينساب النمل منها
متحجرا
والسواقي ..الحادي فيها
ينعي ضالا فيها
قد سقط
البالونات المبهجة الألوان
أصبحت قاتمة
تخرج من فوهاتها
سموم ثعابين نافقة !
العابس الحزين في ركنه
نزع رأسه من مكانها
وعليها جلس ضاحكا
لكن في عينيه
أسى !
العابس الحزين في ركنه
فجأة … انتفض
شهق شهقة من هولها
تصدعت بنايات وأبراج
ومنها
رؤوس قطط
تساقطت !
العابس الحزين من ركنه
مد يده
وأنزل من أعلى نهار أبيض
بشمسه ، ودفئه ، وضيائه !
ومن فرحه
إستدار وغادر ركنه
ونسي حزنه
فالنهار أبيض ، والنهار
أكبر من حزنه !
خامسا: الثقافة الواسعة والخيال الخصب:
سمة الثقافة الواسعة والخيال الخصب والجنوح إلى إظهار هضم كل ما قرأه الشاعر والتصق بفكره ووجدانه، فكان كالنحل الذي طاف ببساتين كثيرة وأخرج لنا عسلا مصفى فيه شفاء من كل داء، على الرغم من كم الألم الذي يسببه لنا استظهار وتذكر وخزات الألم ووجع الداء. نرى انتمائه لثقافته ودينه.
يقول الشاعر سيد جمعة متحسرا على حضارة عظسمة ومجد غابر أضعناه بجهلنا وعدم حرصنا على الحفاظ على عظمة ماض تليد لأمة تحكمت في مصائر العالم:
أمتي وقومي
لم يُبصروا بعد
إطلالة شمس العلم ِ !
فلا زال سعيَهم بين ثلاث
أئمة اجتهدوا ،
أو قراطيس قادة قد ذهبوا
أو دنانير سلطانٍ يغويهم ويُرهبهُم
أوليس وأدهمٌ
ألْيقُ بِجهلهمِ
وفي قصائده بالديوان حسرات على ماضٍ عريق سببه كما نظن التفريط في الأمل وعدم تتبع خطى العظام القدامى. ولننظر إلى ما قاله في قصيدته: زخات غير بيضاء .. في الربيع العربي .. !
انحدرت من مقلتيّ
دمعةً
نبت على إِثرها
أدغالُ
بسوادِ الليلِ متشحةً
أثمرت بخضاب الدمِ شجرةً
عروشها
أشواكُ ، وإبرُ .. مدممةً
ومن محجرين سوداوين
نعق غرابُ
مُدثرفي زرقةِ كَعتمِ الليلِ
أو أشدُ زرقة
من أطرافِ منقارهِ
تدفقت
ثعابين ، وحشراتٌ
انتشرت
لتأتي على كل خضرٍ
مزدهر
لحظات
وطوى الصمت ، والضوء
الغابة المدممةِ
وعادت الدمعة
إلى المقلة
كـأنها لم تكن دمعة
وحبة من
لؤ لؤٍ … !
وعلى الرغم من كل هذا فالشاعر متفائل كما أسلفنا القول، وذلك لأنه يعيش بروح الشباب، ويتمنى كما نتمنى جميعا عصرا جديدا وحياة جديدة لأمتنا، وأظن أنه جاهد بقلمه قدر استطاعنه، وأمسك بقلمه وبدأ يكتب، وأظنه كان يقول وهو يهز سيفه وكأنه يمتطي قلمه: ” بسمك اللهم. اللهم إني شاعر. أعني يا الله يا رب العالمين”.
أ.د. عبدالرحيم درويش
اديب وناقد أكاديمي مصري

