قصة قصيرة بعنوان “تاج كورونا ” بقلم الكاتب لزهر دخان
“تاج كورونا “
تبث لك مرة في اليوم . وهي لا تعمل
طوال اليوم. لقد تشفرت فلا يمكنك
الإستمتاع ببثها .والإستفادة من
خدماتها إلا لمدة ساعة فقط . فهل
ستصمد يا بطل . ثم وبعد قراءته
للاعلان ببضعة دقائق تشفرت قنوات
التليفزيون فعلا . أنه في بيته بدأ يستغل وقته الممل مجددا في أي نشاط أخر. فالمهم عنده أن لا يكون لكورونا علاقة بما
يفعل .
تذكر أن خدمات الهواتف أيضا معطلة . فلا يمكنه الدردشة مع أصدقائه. ولا حتى عبر الأنترنت الفعال سابقا . جلس في
كرسيه الوحيد الذي تسمح الأسرة بإستخدامه .كي لا يلوث باقي أثاث البيت . فتثطر العائلة إلى إعادة التعقيم . الحركة
فوق الكرسي لا تجدي نفعا. والقلق يسمح له بالمزيد من القلق .ويمنع عنه المتعة والرفاهية التي حاصرها الفيروس الفتاك
. مجددا فتح أحد الكتب التي جهزها للمطالعة ، سيقرأ أي شيء لا يذكره بعصر كورونا .
بدأ يقرأ وكلما إستفاد من معلومة جديدة تراجع كورونا في مخيلته . ولم يعد في حاجة إلى فهمه جيدا . بينما ينهمك في
محاولة إستعاب ما قرأه حديثا . في هذه الرواية يعيش ملك لا لا يُحب الله ويدعي أنه هو الله . وهذا ما جعله يتشبث
بقراءة القصة . فربما يفهم من خلق الكون أكثر. ويسخر من كل الملوك دفعة واحدة ما داموا فعلا كفرة .
ومن خلال الصفحات التي قرأ. فهم أن الجلالة التي جسدها الروائي لا تنوي التوبة . ففكر في كونها كورونا . وتبادر إلى
ذهنه أن هذا الملك الأسطورة قد عاش مرة أخرى في هيئة الفيروس الملعون . وبدأ يتصفح الرواية بشكل منظم .يبحث
في فصولها وصفحاتها عن سبب إنبعاث هذا التاج الفتاك في هذا العصر .
دُفن الملك الذي توفي في أعلى التلال في مملكته. وورثته إبنته وكانت شريرة مثله . وكانت صاحبة الجلالة تزور قبر
والدها. وتصلي له بدل أن تصلي للألهة . وأخفت عن الناس تمسكها بديانة والدها . وإدعت زورا أنها تشفق عليه
وسترعاهم بما يحبون . وسيكون من حقهم الصلاة لمن يؤمنون بربوبيته .
تمسك البشري المعاصر بما قامت به الفتاة . وإختلطت خيوط رأسه وخيل له أنها تنظمت . فظن في يقين أن العبادة
السرية التي أدتها الملكة لوالدها قد بعثته في أخر الزمان إلاها جبارا ينتقم من المؤمنين . وأمسك بقلمه وأحد دفاتره وبدأ
يقسم الرواية حسب فهمه وإكتشافه العلمي . وكلما عثر على دليل يثبت أين كان يعيش كورونا قديما، دونه في ملاحظات
سيستخدمها لتعريف الناس على الفيروس التاجي . ولكن هل سيجد في القصة ما يدله عن عدد التيجان التي حَكمت قبل
أن يُصبح المُلك فيروس فتاك .
لغاية الأن بالنسبة له لا يوجد غير الملكة المؤمنة بدين والدها ،ووالدها الكافر بكل الألهة . وهذا بالنسبة له غير منطقي
لآن الملك الواحد لا يُمكنه الحجر على كل من روما وباريس ونيويورك وواشنطن والعرب والقياصرة الروس ويُجدد
الحجر التاريخي على الأفارقة . ويبدأ الغزو من الصين بدل المملكة المتحدة .
وعندما أغلق الكتاب والدفتر ووضع القلم . إلتزم بالصمت والسكون . شارعا في التسبيح والإستغفار . متيقنا من أن
الوباء ملكاً . والشفاء كـُفرأً بالجبت والطاغوت . لآن الفيروس لم يصدر كل القرارات التي جمدت جل الحَياة .