القسم الديني
قصص الأنبياء/سيدنا موسى وأخيه هارون
بقلم عاطف سيد المحامى بالنقض والإدارية العليا
قال تعالى:
{إِنَّ فِرْعَوْنَ عَلَا فِي الْأَرْضِ وَجَعَلَ أَهْلَهَا شِيَعًا يَسْتَضْعِفُ طَائِفَةً مِّنْهُمْ يُذَبِّحُ أَبْنَاءَهُمْ وَيَسْتَحْيِي نِسَاءَهُمْ ۚ إِنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ}(سورة القصص)
جاء سيدنا يعقوب إلى مصر هو وأهله لكى يعيش مع سيدنا يوسف وبدأت تتكاثر ذرية يعقوب ويزداد عدد بنى إسرائيل وبدأت ترتفع مكانتهم ويرتفع شانهم لقربهم من سيدنا يوسف وانتشر الإيمان فى مصر وأصبحت الساده ل بنى إسرائيل فى عهد سيدنا يوسف
وبعد وفاة يوسف عليه السلام تعاقب الحكام على مصر حتى تولى رجلاً لقبه ( فرعون )، هذا الرجل كان طاغية يكره بني إسرائيل كرها شديداً
وكان يفرق بين الناس وجعل منهم طبقات
(يستضعف) منهم بنى إسرائيل لأنهم مؤمنون بدعوة سيدنا يعقوب ابن إسحاق وساء معاملتهم وشتت شملهم واستخدمهم عبيد ،،
وفي يوم رأى فرعون رؤية عجيبة
رأى نار تخرج من بيت المقدس تحرق كل مصر ولم تضر ديار بني إسرائيل بشئ
فأتى بالمفسرين فقالوا له: تفسير الرؤية
أن السلطة ستؤول لبنى إسرائيل وسيخرج منهم غلام سيكون هلاك ملك مصر على يده ،،
وهنا يصدر فرعون قرارا بقتل كل من يولد من أطفال بني إسرائيل الذكور
فقد مَنّ الله على بنى إسرائيل بالنبى الكريم الذى تربى فى بيت فرعون
هو (موسى) بن عمران
ولد موسى فى الوقت الذي يقتل فيه فرعون الاطفال
فأخفت أمه الخبر وفي يوم كان فرعون يرسل قواته لتهاجم البيوت خشية أن يكون هناك طفل لا يعلمون عنه شئ
دخلت هذه القوات بيت أم موسى وكان بيتها على اليم فأصابها الهلع والخوف
وإذا بها يلهمها الله فتضع أم موسى رضيعها في صندوق وتغلقه وتلقيه في اليم (البحر) فينطلق الصندوق في اليم ثم يتوقف أمام قصر فرعون
قال تعالى :
{وَأَوْحَيْنَا إِلَىٰ أُمِّ مُوسَىٰ أَنْ أَرْضِعِيهِ ۖ فَإِذَا خِفْتِ عَلَيْهِ فَأَلْقِيهِ فِي الْيَمِّ وَلَا تَخَافِي وَلَا تَحْزَنِي ۖ إِنَّا رَادُّوهُ إِلَيْكِ وَجَاعِلُوهُ مِنَ الْمُرْسَلِينَ}
وجد جنود فرعون الصندوق وفي رواية آخرى وجدوا الصندوق خادمات زوجة فرعون
وهنا تظهر هذه المرأة المؤمنة ” آسيا” بنت مزاحم زوجة فرعون كانت مؤمنة على دين يوسف عليه السلام وقد تزوجها فرعون رغما عنها ولم تكن تلد
فتقول آسيا لفرعون لا تقتل هذا الطفل دعه ليكون قرة عين لي ولك ومع إصرار فرعون على قتله وإلحاح آسيا على تركه
يستجيب فرعون ويقول لها خذيه هو قرة عين لكي وليس لي . قد نالها الله ما رجت فى الدنيا وفى الآخرة فأسكنها الجنة بسببه
وأخذت تفكر آسيا فى من يرضع هذا الطفل؟!
بعد رفض موسى كل المرضعات
قالت لهم أخته التي دخلت القصر متنكرة تعمل خادمه عندهم
أدلكم على من ترضعه ،، فلما دخلوا عليها واعطوها موسى رضع وهدأ ،،فأتخذوها مرضعة له
وظل سيدنا موسى مع أمه كما وعدها الله عز وجل
{ فَرَدَدْنَاهُ إِلَىٰ أُمِّهِ كَيْ تَقَرَّ عَيْنُهَا }
كبر موسى شيئاً فشيئاً وفرعون يحمل له في قلبه كرهاً شديداً وينتظر الوقت المناسب ليقتله
عندما بلغ أشده رزقه الله العلم الحكمة والقوة
ففى الأربعين من عمر سيدنا موسى كانت له النبوة وبشر بها وبرسالته وهنا تحقق وعد الله الثانى
ۖ{ إِنَّا رَادُّوهُ إِلَيْكِ وَجَاعِلُوهُ مِنَ الْمُرْسَلِينَ}
وفي يوم كان يسير سيدنا موسى في شوارع المدينة فوجد فيها رجلين يتضاربان {واحد من شيعته} أي إسرائيلي
{والآخر من عدوه} أي قبطي.
فإستغاثه بموسى الذي من شيعته،،
وكانت لموسى اصول بديار مصر بسبب تبني فرعون له وتربيته في بيته
وكانت ايضا لبنى إسرائيل وجاهة وارتفعت رؤوسهم بسبب أنهم أرضعو سيدنا موسى وهم أخواله أي من الرضاعة
فلما استغاث ذلك الإسرائيلي ب موسى على ذلك القبطي أقبل إليه موسى {فوكزه} أي طعنة بجمع كفه. فمات منها.
و لم يرد موسى قتله وإنما أراد زجره وابعاده ،،
ثم دعا موسى ربه فقال (ربى إنى ظلمت نفسي فاغفر لي)
فغفر له الله أنه هو الغفور الرحيم
وبعدها أصبح موسى بمصر خائفا أن يصل الخبر إلى فرعون وانه قتل الرجل لنصرة بنى إسرائيل فتقوى ظنون فرعون أن موسى منهم،،
واذا بذلك الرجل الإسرائيلى الذى استنصره بالأمس يستغيث به على رجل آخر قبطى ايضا
فعنفه سيدنا موسى وأراد موسى أن يبطش بالقبطى وظن الرجل الإسرائيلى بعد تعنيف موسى له ..أنه متجه إليه هو لكى يقتله
وقال له : أتريد أن تقتلنى كما قالت نفسا بالأمس
ثم زاع خبر قتل القبطى ووصل لفرعون
فأرسل جنوده لطلب سيدنا موسى ولكن سبقهم رجل صالح ونصح موسى أن يخرج من مصر فرارا من بطش فرعون وحاشيته
فخرج منها خائفا وقال :
{ربى نجنى من القوم الظالمين )
يخبرنا الله تعالى عن خروج عبده ورسوله وكليمه موسى من مصر،، كان خائفا يترقب أي يتلفت خشية أن يدركه أحد من قوم فرعون وهو لا يدري أين يتوجه، ولا إلى أين يذهب، وذلك لأنه لم يخرج من مصر قبلها
فذهب فى طريق وقال: {عسى ربي أن يهديني سواء السبيل}
وأخذ طريقه إلى(مدين)
فالنتذكر مدين هي المدينة التي أهلك الله فيها قوم شعيب من قبل (أصحاب الأيكه)
قال ابن عباس: سار موسى من مصر إلى مدين بلا طعام ولا شراب ولم يأكل إلا وورق الشجر وكان حافيا فسقط نعل قدميه وكان بطنه لاصق بظهره من الجوع
عندما وصل موسى إلى مدين وجد جمع كبير من الناس عند بئر يسقون غنمهم وبينهم امرأتين لا يسقيان لعدم استطاعتهم المزاحمة بين الناس ولديهم غنم كثير يخافون عليه أن يختلط بغنم الناس..فبعد انتهائهم من سقيهم
رفع الصخرة التى لا يقدر على رفعها الا عشرة ،، رفعها بمفرده من على البئر فسقى لهما رغم تعبه الشديد ثم جلس يستريح وعندما عادت البنات إلي أبيهم أخبروه بأمر هذا الشاب
فأرسل له ابنته يدعوه ليكافئه على ماصنع وعندما جاءه موسى سأله الشيخ عن أمره فحكى له موسى قصته فطمئنه الشيخ ” فقال” لا تخف نجوت من القوم الظالمين ”
وقالت ابنته : (يا أبت استأجره إن خير من استأجرت القوى الأمين)
ثم عرض عليه أن يعمل معه ثماني سنوات وان زادوا عشرة فمنه ،، مقابل أن يتزوج إحدى ابنتيه فوافق موسى وأتمم عشر سنوات في خدمة هذا الشيخ
و أخذ زوجته وعاد إلى مصرقصة جبل الطور
وهو عائد إلى مصر اشتد عليهم الظلام والبرد
فرأى موسى (نارا) بعيدة عند جبل الطور بسيناء فترك زوجته وذهب ليرى ماهذه النار ويمكن أن يأخذ منها لتنير لهم
وقد رآها وحده لأن هذه النار فى الحقيقه نور الله ولا يراها الا هو
فلما اتجه موسى إلى النار سمع صوت من السماء ( ناداه الله) ثم بدأ الله يحدث موسى ويعلمه
{ ياموسى إني أنا ربك فاخلع نعليك إنك بالواد المقدس طوى }
وبدأ ربه يريه المعجزات والآيات ودلائل قدرته
(يد موسى والعصا التى يتؤك عليا)
ثم جاء الأمر والتكليف الرباني لموسى
{ إذهب إلى فرعون إنه طغى}
وكلفه الله بمهمتين
- المهمة الأولى: دعوة فرعون وقومه للإيمان
- المهمة الثانية أن يأخذ بني إسرائيل وينطلق بهم من مصر إلى فلسطين
وهنا يطلب موسى من ربه أن يشد عضده (بإخيه هارون) لأنه أكثر منه فصاحة
قال تعالى :{ووهبنا له من رحمتنا أخاه هارون نبيا}
وانطلق موسى متجها إلى فرعون لتنفيذ أمر ربه
وصل موسى إلى مصر واتجه ليقابل فرعون و بدأ سيدنا موسى الحوار وأخذ يدعو فرعون للإيمان بالله وترك الكفر
ثم طلب منه أن يترك بني إسرائيل ليعودوا إلى فلسطين
سخر واستهزيء فرعون من موسى وأعلن رفضه التام لمطالب موسى وهدده وتوعده
فرعون كان يرى نفسه إله لكل المصريين وبني إسرائيل ما هم إلا خدم عنده ولكن موسى يعيد عليه الدعوة و يأتي له بالآيات فيرمي عصا كانت في يده فتتحول العصا ثعبان ثم يخرج يده من جيبه تخرج بيضاء فيهتز فرعون ولكنه يواصل سخريته ويتهمه بالسحر وأنه عنده من هو أشد منه سحرا
فيتحداه موسى أن يأتي بسحرته ليبين له أنه ليس بساحر بل هو نبي الله، فيقبل فرعون التحدي ويأمر بجمع كبار السحرة ويتواعد مع موسى على (يوم الزينة) وهو يوم عيد عندهم
جمع فرعون سحرته أمام أعين الجميع وجاء موسى وهارون التحدى وتبدأ المواجهة ويلقي السحرة ما في أيديهم فقد تحولت عصيهم إلى ثعابين وحيات فيهتز موسى من المشهد ولكنه تماسك ،، قال تعالى:(الا تخف إنك أنت الأعلى)
ثم يلقى موسى عصاه فتتحول إلى حية عظيمة تأكل ما صنعه السحرة
وهنا تنقلب الأوضاع ويقتنع السحرة أن أمر موسى ليس بسحر ،، فخروا ساجدين آمنا برب موسى وهارون
فجحد فرعون وتوعدهم بالقتل والإهانة
فقالوا :أن توبة الله وغفرانه لهم أهم من وعد فرعون لهم
وكان أول المؤمنين من القبط
وأمر فرعون أن يقتل أبناءهم ويستحى نساءهم ويقهرهم واستعد لقتل سيدنا موسى وقال فرعون : بسخريه (فليدع ربه)
فرد عليه رجل مؤمن
(مؤمن آل فرعون) كان يكتم إيمانه خوفا من ظلمه ،، فقال لفرعون : فى لطف ولين
هل تقتلون رجل لمجرد أنه يقول ربه الله وإن كان كلامه كذب فهذا يضره وحده وان كان صحيحا يصبكم بعض الخير والمغفرة التى يقول انها وعد من ربه
وحاول أن يذكرهم بما حل بقوم أكثر من قوتهم مثل عاد وثمود ولكن لن يتراجعوا
وبدأ عذابهم بالمؤمنين ،، قطع أيديهم وأرجلهم وصلبهم على جذوع النخل وهم صامدون وقتلوا أبناءهم واستحيوا نساءهم
فبتلاهم الله وأرسل عليهم أنواعا مختلفه من العذاب،،،،
ولنا لقاء فى الغد مع تكملة قصة سيدنا موسى عليه وعلى محمد الصلاة والسلام،،