174

 بقلم الأديب سمير لوبه

_______________________________

ذات مساء وكنت جالسا على رصيف المقهى بناصية الشارع الرئيس ، وبينما ينشغل صديقي بتصوير أثر بعد عين ، وقد أصابته الحسرة لهدم تراث ومحو هوية ثقافية بلا شفقة أو هوادة ، إذا بصبي يافع على أول الحارة الجانبية يتبادل التحية مع قرينه ، يلفهما حديث سريع الإيقاع يظلله رنين الضحكات ، في حين يقف اثنان في الحارة يوشكان أن يتلاصقا غير عابئين بمن يتحدثان ، ولا مكترثين بنظراتي إليهما ، ينساب إلى مسامعي همس صوتيهما ، أختلس النظر ؛ فتبدو لي رغبتهما الحميمة مشتعلة . يقتربان بجسديهما أكثر وأكثر . يدفعهما الشبق إلى تجاهل كل ما يحيط بهما ، وإذا بأحدهما فجأة يرفع إحدى رجليه ليبول على إطار سيارة متوقفة بجوار الرصيف ، بينما تتابعه هي غير مبالية بفعلته ، تلصق أنفها بأنفه يهز كل منهما ذيله بشدة ، فيشد أحد الصبية طوق رقبتها لينصرف بها بعد أن ودّع صديقه والذي أمسك بطوق رقبة الآخر لينصرف به في الاتجاه العكسي ، تعلو وجهي الابتسامة فيسألني صديقي :
– علام تبتسم ؟
– على لقاء لم يتم .

بقلم سمير لوبه