لما القلب يزوّغ… المخ يمسك الدفّة

كتبت/ د/ شيماء صبحي
في لحظات كتير بنصحى نلاقي نفسنا تايهين: مشاعرنا بتخونّا، حواسّنا بتزوّغ، وقراراتنا بترجع لورا بدل ما تقّدم. ساعتها بييجي دور العقل—مش اللي يطفّي القلب، لكن اللي يمسِك بإيده ويعديه البرّ الأمان. الفكرة مش “اقطع إحساسك”؛ الفكرة “نظّم الإحساس، ودوّر على اللي ينفعك دلوقتي وبُكرة”.
تعالى نحكيها بالراحة وبالعامية اللي من القلب:
1. لما المشاعر تِتقلّب
المشاعر شبه الموج: ما تقدرش تمنعه ييجي، بس تقدر تتعلم تعوم. يوم تحس بحماس وسقف طموحك في السما، وتاني يوم تلاقي نفسك منزعج من أقل كلمة. طبيعي. بس الخطر لما تِسيب القرارات الكبيرة لِمزاج صغير. هنا العقل يدخل يقول: “استنى، نِقِلها على البارد.”
• إزاي؟
– اكتب اللي حاسس بيه في ورقة: “أنا دلوقتي غضبان/مكسور/متحمس زيادة”. مجرّد التسمية بتقلّل حدّة الشعور.
– اسأل سؤالين: “إيه الدليل؟” و“إيه البديل؟”. لو مخّك قالك “الناس كلها ضدي”، اسأله: فين الدليل؟ طب إيه البديل الواقعي؟ يمكن في 2 بس زعلانين، مش “الناس كلها”.
2. الحواس بتغشنا أحيانًا
مخّك يحبّ التعميم: موقف واحد وحِدّة صوت عالية يخلوك تحكم حكم مطلق. تشوف مسج متأخرة، فتقول: أكيد طنّشني! تشوف نظرة حد فتفتكرها احتقار، وهي يمكن كانت سرحان. هنا العقل الشاطر يقول: “أعيد القراءة.”
• تمرين “القراءة التانية”:
– قبل ما ترد على مسج مجهّدة، اقراها مرتين.
– اسأل: هل في 3 تفسيرات غير اللي وجعني؟ غالبًا فيه. اختار التفسير الأكثر رحمة لنفسك وللآخر لحد ما تتأكد. ده مش سذاجة؛ ده وعي.
3. ميزان “النافع دلوقتي وبعدين”
المشاعر بتحب المكسب السريع: رسالة تطمين، مواجهة انفجارية، بلوك وعزلان. العقل بيحب العائد الطويل: سمعة، علاقات صحية، نفسية ثابتة.
• اسأل نفسك قبل أي قرار:
– القرار ده هيريّحني 10 دقايق ويعكّس بعدين؟ ولا هيتعبني دلوقتي ويبنّي على المدى الطويل؟
– لو صاحبي في نفس موقفي، أنصحه بإيه؟ (الغريب إننا بنعقل أكتر مع غيرنا!)
4. 10٪ عقل إضافي كل يوم
أنت مش محتاج تبقى “بارد” ولا “روبوت”. أنت محتاج 10٪ انضباط فوق إحساسك. الصغيرة دي بتغير كتير.
• خطوات عملية يومية:
– 5 دقايق تنفّس: شهيق 4 عدات، زفير 6 عدات، 6 مرات. ده بيهدي الجهاز العصبي.
– قائمة “3 حاجات”: كل صبح اكتب 3 أفعال صغيرة تحرّكك قدّام (مكالمة، 20 دق قراءة، 10 دق مشي). خلّيها صغيرة لدرجة ما ينفعش تكسل.
– “إيقاف تلقائي”: لما تحس بانفعال عالي، اعمل وقفة 90 ثانية قبل أي رد. المخ بيرجع يشتغل بالعقلاني بدل الانفعالي.
5. لما العلاقات تتلخبط
مشاعرك تقولك “ارجع بسرعة”، خوفك يقولك “اهرب بسرعة”، وعقلك يقولك: “خلّينا نقيس.”
• مقياس 3×3:
– 3 حاجات تعلّمتها من التجربة.
– 3 حاجات هتغيّرها في سلوكك أنت (مش التاني).
– 3 مؤشرات لو ظهرت تاني تبقى وقفة أو إنهاء.
لو مقدّرتش تجمع لستّة دي، يبقى قرار الرجوع/الاستمرار متأثر بالشوق مش بالحساب.
6. شغل الدماغ وقت الخسارة
الخسارة موجعة: فُراق، فشل مشروع، خيبة أمل. المشاعر تميل للتعميم: “أنا فاشل”، “الحياة ضدي”. العقل هنا يشتغل كمدير أزمة.
• بروتوكول 72 ساعة:
– أول 24 ساعة: سماح بالمشاعر بدون قرارات: اكتب، ابكي، امشي، صلّي.
– 24–48: مراجعة واقعية: إيه اللي في إيدي كان ممكن أتصرّف فيه؟ وإيه اللي مش في إيدي؟
– 48–72: خطة تصحيح من 3 خطوات صغيرة جدًا (مكالمة، تعديل سيرة ذاتية، موعد مع مختص، كورس قصير). كل خطوة بتتعمل في أقل من 20 دقيقة.
7. المخ كمدرّب… مش سوط
العقل مش دوره يجلدك. دوره يعلّمك “إدارة المشاعر”، مش “إنكارها”. لو لقيت عقلك بيلومك طول الوقت، بدّل لغة الحوار الداخلي.
• من “أنا فاشل” إلى: “أنا لسه متعلمتش دي كويس—هاخد خطوة.”
• من “محدش بيحبني” إلى: “أنا محتاج أفلتر دوائري وأبني دوائر أمان.”
• من “أنا ضعيف” إلى: “أنا متألم—وهشتغل على قوّتي خطوة خطوة.”
8. أدوات سريعة تنقذك وقت اللخبطة
– قاعدة دقيقتين: أي حاجة هتاخد أقل من دقيقتين، اعملها فورًا. الدماغ بيحب الزخم.
– قاعدة 10–10–10: القرار ده هيأثر عليّ إزاي بعد 10 دق / 10 أيام / 10 شهور؟
– قاعدة 80٪: مش لازم الكمال؛ 80٪ كفاية لبدء الحركة، والباقي تعديلات.
– “اتّحاد العادات”: اربط عادة جديدة بحاجة قديمة (بعد القهوة الصبح، 5 دق قراءة؛ بعد العشا، 10 دق مشي).
9. لما الخوف يشلّك
الخوف صوت عالي، بس مش دايمًا صادق. العقل يسأل: هل الخطر حقيقي ولا مُتخيَّل؟ وهل الاستعداد ممكن؟
• لو الخطر حقيقي: خطّة حماية (معلومات، استشارة قانونية/نفسية، شبكة دعم).
• لو متخيّل: تعرّض تدريجي آمن (خطوة صغيرة تواجه بيها الموقف بدل ما تهرب منه بالكامل).
10. دائرة الدعم
العقل الشاطر يعرف إمتى يطلب مساعدة. صديق واعي، مختص، جروب دعم—دول “عقل جماعي” يلمّك لما تقع. ما تخليش الكِبْر يمنعك من العلاج أو الاستشارة. الاستعانة مش ضعف؛ ده ذكاء.
11. روحانيات بعقل
الدعاء والصلاة والذكر بتهدي الموجة، بس كمان بتحتاج معاها فعل. “وتوكّل”—يعني خُد بالأسباب. العقل هنا يجمّع بين الاتنين: قلب متعلق بالله، وإيد بتشتغل بكل اللي تقدر عليه.
12. حكاية صغيرة (من الحياة اليومية)
مريم كانت دايمًا ترد وقت العصبية، وتندم بعدها. قررت تعمل “وقفة الـ90 ثانية” و“قراءة تانية للرسائل”. أول أسبوعين كانت بتقع وتقوم. بعد شهر، لاحظت إن 3 مشكلات كبيرة في شغلها اختفوا؛ مش عشان الناس اتغيّرت، لكن عشان طريقة إدارتها لمشاعرها اتظبطت. القلب لسه حساس، بس العقل بقى المايسترو.
الخلاصة:
المشاعر والحواس مهمين—دول اللي بيدّونا لون الحياة. بس لما يخذلونا، مش معناها ننكرهم؛ معناها ندي العقل مكان القيادة مؤقتًا لحد ما المركب تعبر العاصفة. كل مرة هتختار 10٪ زيادة انضباط، هتلاقي 90٪ راحة على المدى الطويل.
ابدأ النهارده بحاجة صغيرة جدًا: ورقة وقلم، و3 أفعال بسيطة. سيب الموج يعدّي… وخلي العقل يمسك الدفّة.



