ماذا لو كون الفعل الواحد جرائم متعددة
بقلم عاطف سيد “المحامى بالنقض والإدارية العليا”
المادة 32 من قانون العقوبات
(( إذ نصت في فقرتها الأولى على أنه “إذا كوَّن الفعل الواحد جرائم متعددة وجب اعتبار الجريمة التي عقوبتها أشد والحكم بعقوبتها دون غيرها”، ))
فقد دلت بصريح عباراتها على أنه في الحالة التي يكون فيها للفعل الواحد عدة أوصاف، يجب اعتبار الجريمة التي تمخض عنها الوصف والتكييف القانوني الأشد للفعل والحكم بعقوبتها وحدها، دون غيرها من الجرائم التي تتمخض عنها الأوصاف الأخف والتي لا قيام لها البتة مع قيام الجريمة ذات الوصف الأشد، إذ يُعتبر الجاني كأن لم يرتكب إلا هذه الجريمة الأخيرة.
وذلك على خلاف حالة التعدد الحقيقي للجرائم المرتبطة ارتباطا لا يقبل التجزئة التي اختصت بها الفقرة الثانية من المادة 32 سالفة الذكر، إذ لا أثر لاستبعاد العقوبات الأصلية للجرائم الأخف في وجوب الحكم بالعقوبات التكميلية المتعلقة بهذه الجرائم، ضرورة أن العقوبة التكميلية إنما تتعلق بطبيعة الجريمة ذاتها لا بعقوبتها.
يؤكد هذا النظر صيغة الفقرتين، إذ أردف الشارع عبارة “الحكم بعقوبة الجريمة الأشد” لعبارة “ودون غيرها” في الفقرة الأولى الخاصة بالتعدد المعنوي، بينما أسقط تلك العبارة في الفقرة الثانية الخاصة بالتعدد الحقيقي، ولو كان مراده التسوية بينهما في الحكم لجرت صياغتهما بعبارة واحدة وعلى نسق واحد ولما كانت هناك حاجة إلى إفراد فقرة لكليهما.
لما كان ذلك، وكانت جرائم إحراز سلاح ناري مششخن وذخيرة ومقاومة السلطات والإتلاف العمد التي دان الحكم المتهم – المطعون ضده – بها وإن كونت مشروعاً إجرامياً واحداً، إلا أنها ذات أفعال متعددة لجرائم مختلفة ارتبطت بعضها ببعض ارتباطا لا يقبل التجزئة وفق نص الفقرة الثانية من المادة 32 عقوبات. ولما كان الحكم قد أوقع على المطعون ضده عقوبة الجريمة الأشد وهي إحراز السلاح الناري، دون أن يُلزمه بقيمة الأشياء التي أتلفها والمقررة لجريمة الإتلاف العمد،
وكان الأصل أن العقوبة الأصلية المقررة لأشد الجرائم المرتبطة بعضها ببعض ارتباطاً لا يقبل التجزئة، تَجُب العقوبات الأصلية المقررة لما عداها من جرائم، دون أن يمتد هذا الجب إلى العقوبات التكميلية التي تحمل في طياتها فكرة رد الشيء لأصله أو التعويض المدني للخزانة أو كانت ذات طبيعة وقائية كالمصادرة ومراقبة البوليس التي هي في واقع أمرها عقوبات نوعية مراعى فيها طبيعة الجريمة ولذلك يجب توقيعها مهما تكن العقوبة المقررة لما ترتبط بتلك الجريمة من جرائم أخرى والحكم بها مع عقوبة الجريمة الأشد.
لما كان ذلك، وكان مما يصدق عليه هذا النظر عقوبة دفع قيمة الأشياء التي أتلفها الطاعن والمنصوص عليها بالمادة 162 عقوبات، فإن الحكم المطعون فيه إذ أغفل القضاء بإلزام المطعون ضده بها إعمالاً لنص المادة سالفة البيان يكون قد خالف القانون بما يوجب نقضهالطعن رقم 29161 لسنة 72 قضائية بتاريخ 2008-01-01 مكتب فني 59 رقم الصفحة 26 [