مسرحة المناهج ، ( ما الكافة ) ” محاربة التنمر”
بقلم/ على مهران
أنبئوني ، كيف يعيش شخص ؟ ، غير مرغوب ، كالغراب ، عندما يدنو من ذي زغب ، أو مثل نمر تمرد ( تنمر ) على من هو أقل منه قوة ، وقد قلل من شأن العقل ، ورفع من شأن البدن ، فعند رؤية المرغوب عنه ، يحذّر أولهم آخرهم ، يقولون : لقد أتى ، لقد أتى ، خذوا حذركم ، وهو بذلك أسعد ، وليتما المرغوب عنه اتسم بالأسى ، أو أمل في التعديل ، إنما تمسك هذا بسمات الحيوان ، ونفر من طباع الإنسان ، (إبطال العقل ، ورفع شأن الجسم ) ، ولسان الحال يقول : يا أرض انهدي ، ما عليك ندٌ لى ، هذا شأن “قدري” ، طالب في المرحلة الثانوية ، يتنمرعلى أقران العمر ، ويتغافل التكامل بين البشر ، (فرجاحة العقل ، و سلامة البدن ، وحسن استعمال العلم) كلها نعم ، يجب أن تتكامل ؛ لتؤتي ثمارها بين لبشر … في فناء المدرسة ، أثناء الفسحة ، بصر”قدري” ” بمسعود ” عن بعد ، فسولت له نفسه أن يؤذي زميله صاحب البدن النحيف ، راجح العقل ، محب لزملائه ، فذهب “قدري ” إلى “مسعود” يتبختر ، و”مسعود” في شغل من أمره ، ولا يدري ما يدبر “قدري” وهو سعيد كأنه وقع على فريسة سائغة ، دنا ” قدري ” من “مسعود ” وصدمه بكتفه ، فخر “مسعود “على الأرض ، وتغمس بالتراب ، عندئذ تعالت ضحات هستيرية من “قدري “، و”مسعود” حائر لا يدري سبب تلك الإهانة ، فاكتسى بالحيرة ، وتبادلت النظرات ، وتعددت من “مسعود ” التساؤلات : لمَ حدث هذا ؟! ، وأنا لم أضمرأذى للغير، أكل هذا يحدث ونحن في زمن العلم ؟! ، فلمّ كل هذا التنمر ؟! ، ولمّا لحظ “أيمن” ما وقع “بمسعود ” أطلق العنان للأقدام ؛ ليخفف من حدة ماحدث ، كبا “أيمن” فخر على “مسعود” وأزال ما علق به من تراب ، وخفف من وطأة الإهانة ، بكلمة طيبة ، وابتسامة ، وكان ” لأيمن ” قدر من المودة عند ” قدري” ، نادى” أيمن ” : يا “قدري ” ، يدك معي ، فدنا “قدري ” من “مسعود” وقبله ، وزرف “قدري” دموع الندم ، ومالوا إلى ركن بعيد عن تزاحم الطلاب ، ودار بينهم حوار ، “قدري” انهال على “مسعود” يقبله ، غير متحكم في دموعه : أنا أخطأت ، وبحسن تعامل “أيمن” معي ، ورؤيتي لك بهذه الصورة ، قد أثر في نفسي ، فغيرني ، ومهما يكن فكلمات الأسف لا تكفي ” أيمن” : يا “قدري ” عفا الله عما سلف ، من الآن سنغير مفاهيم ، ونكمل بعضنا بعضا ، فأنا محب للعلم الحديث والخيال ، والفكر ، ومسعود محب للغة العربية ، وأنت من الآن رفيق لنا ، تحب ما نحب ، وتبغض الأذى كما نبغض “مسعود” تناسى الأسى ، وبقلب سمح ، قبل الصفح ، ذهب الطلاب إلى حجرة النشاط ، وقد أعد أيمن “فيديو” على “اليوتيوب” من فكرته وتصميمه ، وبمساعدة “مسعود” من حيث المراجعة اللغوية ، جلس الكلاب الثلاثة ، وكل منهم معه الموبايل ، وبدأوا تشغيل” الفيديو” .. مع إشراقة الفجر ، من بعد ظلمة الليل ، ومن بين الأشجار الكثيفة ، خرجت “ما الكافة ” ، وهجرت الصراعات ما بين الحيوانات ، وأمسكت بورقة تقرأ منها أمثلة لتعاملها مع الحروف الناسخة ، كل ذلك والطلاب مستغرقون في الأحداث، دنت ” ما الكافة ” وقالت : أحبتي ، أطلقوا عليّ “ما الكافة ” : أي أكف ، وأبطل عمل “إن وأخواتها “، في الجمل ( نصب اسم إن ، ورفع الخبر ، تأملوا المثال قبل دخولي ، : “إن العالمَ قويٌ بعلمه ، “العالمَ ” : اسم إن منصوب ، وعلامة النصب الفتحة الظاهرة و”قويٌ” : خبر إن ، مرفوع ، وعلامة الرفع الضمة الظاهرة .. ومن بعدُ : ” إنما العالمُ قويٌ بعلمه ” ، دخلت أنا “ما الكافة ” على إن ، فكانت النتيجة إبطال العمل (نصب الاسم ) ، فصار الأمر كأنما لم تدخل إن على الجملة ، وعلى ذلك فالإعراب ، العلم ُ: مبتدأ مرفوع ، وقويٌ : خبر مرفوع ، “ما الكافة ” ، أشارت إلى مستمعيها وقالت يا سادة : مايجري على إن يجري على أخواتها ( أنّ ، لعلّ ، لكنّ ، كأنّ ) إلا ليت ، فيجوز فيها الرأيان ( العمل ، والبطلان ) ، فنقول : ليتما زيدًا حاضرٌ ، و ليتما زيدٌ حاضرٌ
( كلاهما صحيح ) ، مع ملاحظة وجود فرق بين “ما الكافة ” و” ما الموصولة ” ، فدرسنا اليوم يخص “ما الكافة ” ، وليسأل سائل : لماذا قمتُ بإبطال عمل “إنّ وأخواتها ” ؟ ، والجواب يا أحباب : لأن” إن وأخواتها ” ، قد عملت عملها لاختصاصها بالأسماء ، وعندما دخلتُ أنا ” ما الكافة ” عليها قد أزلت هذا الاختصاص، ودخلت ” إن وأخواتها ” على جمل الأفعال، مثل قوله – تعالى- : ” قل إنما يوحى إليّ أنما إلهكم إله واحد” كذلك قوله : ” كأنما يساقون إلى الموت ” .. وبعد انتهاء “الفيديو ” شكر “قدري ” صديقيه “مسعود ” و”أيمن” ، وتعاهدوا على “محاربة التنمر” بأسلوب علمي ، وحب العلم ، ونشر ذلك بين الطلاب ، وبعدما علمت المدرسة بما حدث ، قامت المدرسة ممثلة في الإخصائي الاجتماعي ومدير المدرسة بتكريم الطلاب على رؤوس الأشهاد ، وذلك لتعدد الفوائد ، فقد حاربوا التنمر ، واستخدموا طريقة حل المشكلات ، واستفادوا من التكنولوجيا الحديثة … تمت