مـــقــد مــة ديوان ” غرام جاردينيا “
الشاعرة جهاد نوار
القصيدة العامية ، بالذات – وإن إشتركت مع قصيدة الفصحي في هاتين الصفتين التاليتين – لها خصوصية تُميزها – فهي بالدرجة الإولي قصيدة ” صوتية مرئية ” ، تعتمد علي كاريزما لشاعر يَملك مع القصيدة وإبداعاته فيها ، جمالٌ وقوةٌ صوتية ، في هارمونية تَحتوي علواً وإنخفضاً ، وإتساعاً ، مع و في كل درجات السلم الموسيقي ، وفنون الصوتِ والنغمِ ، و أيضاً مَقدرةً في الأداء الحركي الإنفعالي المتزن والمتسق مع محتوي الصورة في القصيدة نفسها ، ذلك بعض ما يُميز القصيدة العامية في لغتنا العربية ، اقصد الأداء الصوتي والحركي .
بل إن هذين العنصرين يرتقيان بالقصيدة والشاعر ، ويُحققان التواصل المَرجو مع المتلقيّ .
وشاعرتنا المتيزة / جهاد نوار ،
حين تكتب :
” (الشاعر طارق العيسوى)
مكتشف موهبتى بالعامية و من شجعنى
لولوج بحر الدارجة المصرية…
فتنحت الفصحى قليلا لتطفو العامية
على شط الحروف..و تتمرد فى رياض
الهمسات… “
و تكمل …
” أنا ثورة فى الروح بعض قصائدى
أنا بسمة تلوح شهد القوافى بيدى
عسل مصفى من شذاك نكتفى
أنا إن أنت أنعمت بحسن التغنى
و إلا فما كنت التى بها تحتفى “
جهاد نوار .
إذن فهي حين تقدم علي كتابة ونسج قصيدتها يتبين لنا أنها لا تغفل هذين العنصرين ، وهي تمضي إلي شواطئ القوافي ، لِتنتقي في براعةً من الحروفِ والكلماتِ ما تَصوغُ بِهما و بالعامية همسات تلتقطها من بساتين المشاعر والوانِها ودرجاتِها وما بين الحبِ ، والحزنِ ، والفرحِ والإشتياقِ ، و أطياف بينهم .
ففي قصيدة :
فارس شاطر
♧♧♧♧♧♧
” الباشا تلميذ فى فصول
حبى
من حضن الحرف جانى
يلبى
و على سطر الشوق رسم
قلبى
و بنبضه رواه و ملك
همسى
الباشا بهواه إيه ذنبى
حيرنى هواه كدا يا ربى
ف فصل الشوق قعد جنبى
بحصة شوق ذاع حبى
بأذان العشق اقام فرضى
و لبى ندايا . “
نحن في هذا المقطع امام صورة من مكونات متعددة ومكتملة بل و ناطقة ولو بهمسٍ تحكي وتصف مشاعر هائمة في رجاء ، لحب صادقٍ يصادف قلباً عن الهوي الصادق باحثاً ، نتبين فقط من هذا المقطع المُختار ، مقدرة لغوية ، وقدرة وتمكن في رسم صورة دقيقة للمشاعر ، والحدث المادي الذي حرك هذه المشاعر ، وإنسياب موسيقي هادئ وبسيط يتدفق حول إطار الصورة لدعوة المتلقي لمعايشة المشاعر ، لا الوقوف امامها متأملاً .
إذن نحن في ديوانها الشعري هذا ( غـــر ا م الجـا ر د يـن ) أمام شاعرةً تَملكُ أعمدة القصيدة ، ( لغةً ، صورة ً، موسيقي ) وفي ثنايا الديوان يتحقق اكثر ، بعض ما قد ذهبت إليه ، من خلال قراءة سريعة ، لا تتسع مساحة المقدمة للوصول لمدي أكبر تستحقه الشاعرة القديرة / جـهــا د نــوا ر .
سـيـد جـمـعـه سـيـد
ناقد وشاعر