أخبارالسياسة والمقالات

موقف القضاء من التسجيل الصوتي عبر المحمول كدليل إثبات جنائي رقم 2

استعرض – الأستاذ الدكتور/ أحمد عبد الحميد أمين

أستاذ القانون المدني بكلية الحقوق جامعة الزقازيق والمستشار القانوني لكلا من الصندوق

الاجتماعي لجامعتي الزقازيق وبنها ونقابة العاملين بجامعة الزقازيق ونقابة المهن

الاجتماعية الموقف القضائي من التسجيل الصوتي كدليل إثبات جنائي بقوله:- نظرا لكون

التسجيل الصوتي بالهواتف النقالة من المواضيع التي أفرزتها التقنية الحديثة جدا فقد تم بحث

اعلان

موقف القضاء من خلال عرض موقف القضاء الجنائي من التسجيل الصوتي بوجه عام

والهاتفي بوجه خاص مما يجعل معه سهولة تلمس الموقف القضائي تجاه موضوع البحث

سيما وان الأمر واحد وما الاختلاف إلا بالوسيلة. وعلى العموم فان موقف القضاء قد تأرجح

اعلان

بين رأيين الأول رافض والآخر مؤيد وكالآتي: الاتجاه الرافض: ذهبت العديد من الأحكام

القضائية الى رفض الأخذ بالدليل الصوتي في الإثبات الجنائي أيا كان مصدره ومن أهم

الأحكام بهذا الاتجاه: ذهب القضاء المصري في بعض أحكامه إلى رفض التسجيل الصوتي

ومنها قضية لمحكمة امن الدولة حيث دفع محاموا المتهمين ببطلان تلك التسجيلات كونها

تتعارض مع المواد (206، 331، 333، 335، 336 ) من قانون الإجراءات الجنائية

المصري وبأعتبار أن تسجيل الأحاديث التليفونية يعد من قبيل استراق السمع للمكالمة

الشخصية وهو ما يستلزم معه بطلان تلك التسجيلات. ومع أن المحكمة رفضت قبول هذا

الدليل الصوتي إلا أن السبب الحقيقي وراء هذا الرفض هو ليس دفع المحامين جدير بالذكر

أن المحكمة قد ردت على دفوع المحامين هذه بالقول: ان المادة الثامنة من القانون رقم( 54

لسنة 1964 ) تجيز إجراء التحريات السرية بالوسائل الفنية المختلفة متى رأت ضرورة

لذلك ومنها التسجيل الصوتي غير أن رفض الدليل الصوتي في هذه القضية مرده إلى عدم

توفر الإذن القضائي. أشار اليه، د. سامي الملا، ، ) إنما لان تلك التسجيلات قد جرت بدون

اذن القاضي الجنائى وان القواعد التي نظمها القانون والتي كفلت سرية المكالمات هي قواعد

عامة تسري على قضايا امن الدولة مثلما تسري على القضايا العادية ولعل أول قضية

عرضت في مصر بشأن التسجيلات الصوتية هي التي عرفت بقضية (حمصي) عام 1953

وفيها رفض القضاء المصري الأخذ بالتسجيل الصوتي كدليل في الإثبات. وتتلخص وقائعها

في أن مدير بنك حمصي وشخص آخر اتهما بتهريب بعض الأموال خارج مصر الأمر الذي

جعل الشرطة تقوم بإرسال مخبر إلى المتهم الأول لتسجيل ما دار بينهما من حديث وقد تمكن

فعلا من ذلك بطريق كسب ثقته واستدراجه في الحديث ثم قدم هذا التسجيل إلى المحكمة

ضمن الأدلة التي بنت عليها النيابة العامة اتهامها له باقتراف الجريمة ومع أن النيابة العامة

قد دافعت عن الدليل أمام المحكمة إلا أن الأخيرة رفضت قبوله بدعوى عدم مشروعية

التسجيل الذي تم وعدم جواز التعويل عليه على الدليل المستمد منه كونه يجافي قواعد الخلق

القويم وتأباه مبادئ الحرية التي كفلتها الدساتير وانه لا يعدو كونه تلصصا حدث من شخص

آخر دخل خفي ) كما قضت بأنه ” لا يعتد بالدليل المستمد من تسجيل المكالمة الهاتفية عن

طريق الغش والخداع وان استعمال جهاز التسجيل يتنافى والخلق القويم وانه لا يعدو ان

يكون تلصصا.. وهو ما يتنافى ومبدأ الحرية المكفولة للاماكن والأشخاص) ) كما ذهبت

محكمة امن الدولة العليا في مصر إلى إهدار الدليل المستمد من التسجيلات الصوتية التي

أجرتها ” مباحث امن الدولة “للمتهمين في القضية التي عرفت بقضية ( التنظيم الشيوعي

المسلح( القضية رقم ( 4929 لعام 1983 ) وحكمها الصادر في ( 10 يناير 1985 ) ينظر:

حامد راشد، الحماية الجنائية للحق في حرمة المسكن، دراسة مقارنة، بدون مكان طبع، بدون

سنة طبع، ص 328. ) كما قضي ببطلان الدليل المستمد من التسجيل إذا جرى خلاقا

للضوابط والضمانات التي نص عليها القانون (ينظر: الطعن رقم 8792، جلسة

25/9/2002 كما قضت محكمة النقض المصرية عام 1989 بأن ” بطلان التسجيلات لا

يمنع من الأخذ بعناصر الإثبات الأخرى المستقلة والمؤدية إلى النتيجة التي أسفر عنها

التسجيل ( الجناية رقم 3192 لسنة 1989 جنايات الجيزة في 9/11/1989 الاتجاه المؤيد:

على الرغم من الأحكام المتقدمة قد أفضت إلى عدم الاعتراف بالتسجيل الصوتي كدليل في

الإثبات سواء جرى بالهواتف او بواسطة الميكرفونات الصغيرة او غير ذلك من الوسائل إلا

أن هنالك اتجاه آخر برز يؤيد استخدام الدليل الصوتي شريطة ان لا يتعارض هذا الاستخدام

مع الضمانات التشريعية المقررة. ولعل أهم الأحكام التي تمثل هذا الاتجاه: على الرغم من

الاتجاه السائد في القضاء المصري هو الحذر من استعمال تلك التسجيلات فقد قضت محكمة

النقض المصرية بعدم الإذن بمراقبة وتسجيل المحادثات السلكية واللاسلكية والأحاديث

الشخصية بناءا على مجرد البلاغ أو الظنون والشكوك او البحث عن الأدلة، وإنما عند توافر

أدلة جادة تقتضي تدعيمها بنتائج هذا الإجراء. ( القضية رقم 6852 في 14/ يناير /1996)

أشار إليه: د. احمد فتحي سرور، القانون الجنائي الدستوري ) إلا انه مع ذلك ذهب هذا

القضاء إلى قبول تلك التسجيلات واعتبارها دليلا في الإثبات الجنائي حيث قضت محكمة

النقض المصرية بأن “.. ويجوز للمحكمة ان تضبط لدى مكاتب البريد جميع الخطابات

والرسائل والجرائد والمطبوعات… وان تراقب المحادثات السلكية واللاسلكية ولن تقوم

بتسجيلات لمحادثات جرت في مكان خاص متى كان في ذلك ظهورا للحقيقة في جناية او

جنحة معاقب عليها بالحبس لمدة لا تزيد على ثلاثة اشهر ويشترط لاتخاذ تلك الإجراءات

الحصول مقدما على اذن قضائي مسبق من القاضي الجزائي بعد إطلاعه على الأوراق وفي

جميع الأحوال يجب أن يكون الأمر بالضبط أو الإطلاع أو المراقبة لمدة لاتزيد عن ثلاثين

يوما ويجوز للقاضي الجزائي أن يجدد هذه المدة مدة او مدد أخرى مماثلة) ). كما قضت بأنه

” لما كانت المادة السابعة من قانون رقم 105 لسنة 1980 الخاص بإنشاء محاكم أمن الدولة

قد نصت في فقرتها الثانية على أن يكون للنيابة العامة بالإضافة الاختصاصات المقررة

سلطات قاضي التحقيق في تحقيق الجنايات التي تختص بها محكمة امن الدولة العليا ولما

كانت

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى