أفرجت إسرائيل، فجر اليوم الخميس، عن دفعة جديدة من الأسرى الفلسطينيين شملت الأسير نائل البرغوثي، الذي قضى أكثر من 4 عقود خلف قضبان معتقلات الاحتلال، حتى بات صاحب الـ67 عامًا، يلقب بـ”عميد الأسرى”.
وجاء الإفراج عن البرغوثي، ضمن الدفعة السابعة والأخيرة من المرحلة الأولى باتفاق وقف إطلاق النار بين حركة “حماس” وتل أبيب، بعدما استمر سجنه لأكثر من 44 عامًا، تنقل خلالها بين زنازين السجون الإسرائيلية، وبات أبرز رموز الحركة الفلسطينية الأسيرة.
ويمثل الإفراج عن البرغوثي لحظة فارقة في تاريخ النضال الفلسطيني، إذ يجسد نموذجًا للثبات رغم العقوبات المتكررة التي فرضتها عليه إسرائيل، ولم تنجح في كسر إرادته.
وفي أول تعليق له بعد تحريره، أكد البرغوثي أن الاحتلال رفض خروج أفراد من عائلته من الضفة الغربية للقائه، بعد صدور قراره بترحيله إلى الخارج.
وأشار في حديث إلى التلفزيون العربي إلى أنه رفض إبعاد الأسرى المحررين لكنه غلب المصلحة العامة، وقال: “طعم الحرية لا يوصف لكن حريتنا لن تكتمل دون نجاح مشروع المقاومة”
البرغوثي كشف أن “الأسرى يعانون من تعذيب الاحتلال منذ 1967 وليس من اليوم”.
قصة نضال نائل البرغوثي
وواجه البرغوثي الاعتقال عام 1978، وقضى منها 34 عامًا بشكل متواصل، وتحرر عام 2011 ضمن صفقة “جلعاد شاليط” ، إلا أن الاحتلال أعاد اعتقاله ضمن حملة اعتقالات واسعة عام 2014، طالت العشرات من المحررين في الصفقة، وأعاد الاحتلال بحقه حكمه السابق، وهو المؤبد و(18) عامًا بذريعة وجود “ملف سري”.
وبررت إسرائيل اعتقال البرغوثي الأول بتنفيذه عمليات مسلحة، وتنظيم خلايا للعمل ضد الاحتلال، والانتماء لحركة “فتح”.
وكانت وكالة الصحافة الفلسطينية “صفا”، قد أشارت منذ أشهر، إلى أن البرغوثي، تعرض لعمليات تنكيل وعزل وسلب وتعذيب واعتداءات غير مسبوقة بكثافتها، منذ هجوم طوفان الأقصى” في السابع من أكتوبر/ تشرين الأول 2023.
نائل البرغوثي أقدم أسير سياسي في العالم
ومنذ أسبوعين، قالت زوجته إيمان إنه اتصل بها وأبلغها أنه تقرّر الإفراج عنه وإبعاده إلى خارج فلسطين، وإنه ظل رافضًا الإبعاد قبل أن يوافق أخيرًا.
وخلال سجنه تعلّم البرغوثي الإنكليزية والعبرية، وعُرف بصلابته وثقافته الواسعة وحرصة على الحوار ورعاية الأسرى الجدد الذين كانت إسرائيل تعتقلهم.
وفي عام 2021، فقد نائل شقيقه ورفيق دربه عمر البرغوثي (أبو عاصف)، ومنعته إسرائيل من وداعه، كما سبق أن حرمته من وداع والديه، ودخل “عميد الأسرى” موسوعة غينيس للأرقام القياسية لكونه أقدم أسير سياسي في العالم، إذ قضى أطول فترة أسر عرفها التاريخ داخل سجون إسرائيل.
واليوم أفرجت إسرائيل عن مئات الأسرى الفلسطينيين، بينهم 50 محكومًا بالمؤبد و60 من الأحكام العالية و 47 أسيرًا من أسرى “وفاء الأحرار” المعاد اعتقالهم، و445 أسيرًا من غزة جرى اعتقالهم خلال حرب الإبادة الإسرائيلية.
و أطلقت إسرائيل الخميس، ضمن الدفعة السابعة والأخيرة من المرحلة الأولى لاتفاق وقف إطلاق النار بين حركة حماس وإسرائيل، سراح نائل البرغوثي (67 عامًا)، الملقب بـ”عميد الأسرى الفلسطينيين”، وهو أقدم معتقل في السجون الإسرائيلية، حيث قضى أكثر من أربعة عقود خلف القضبان. فما الذي نعرفه عنه؟
يعد البرغوثي، الملقب بـ”أبو النور”، أحد أبرز رموزالأسرى الفلسطينيين. إذ أمضى أطول فترة لمعتقل في السجون الإسرائيلية، وهي نحو 45 عامًا.
وُلد الأسير السابق في بلدة كوبر شمال غرب مدينة رام الله عام 1957. ومنذ صغره، انخرط البرغوثي في النشاطات المسلحة ضد إسرائيل، حيث أسس مع إخوته خلية “سرية” وهو في سن 11 عامًا.
انحصرت نشاطات الخلية حينها بكتابة شعارات مناهضة للدولة العبرية على الجدران، ومحاولة قطع الطرقات أمام الحافلات الإسرائيلية. ومع مرور الوقت، تطور نشاطها ليشمل تصنيع المتفجرات.
الفلسطينية إيمان البرغوثي، زوجة الأسير في إسرائيل نائل البرغوثي تحمل ملصقًا يحمل صورة لزوجها قرية كوبر بالضفة الغربية شمال رام الله يوم السبت، 18 يناير 2025Nasser Nasser/ AP
في منتصف السبعينات، سافر شقيقه عمر البرغوثي مع ابن عمهم فخري البرغوثي إلى بيروت، حيث تلقوا تدريبًا على استخدام الأسلحة على يد الفصائل الفلسطينية في لبنان.
ومع تطور الخلية المسلحة، توسعت أنشطتها لتنفيذ عمليات ضد منشآت إسرائيلية، شملت إحراق مصنع للزيوت في حيفا، وخطة لتفجير مطعم في القدس، بالإضافة إلى عملية قتل جندي إسرائيلي شمال رام الله.
نائل البرغوثي
أسير في السجون الإسرائيلية
لاحقًا، انضم البرغوثي إلى حماس وكان عضوا في مجلس الشورى الخاص بالحركة، وقد بقي في هذا المنصب حتى بعد اعتقاله.
تم اعتقال البرغوثي للمرة الأولى عندما كان في سن 21 عامًا، حيث حكمت عليه السلطات الإسرائيلية بالسجن المؤبد إضافة إلى 18 عامًا بتهمة تورطه في خطف حافلة إسرائيلية وقتل سائقها، في حين تذكر وسائل الإعلام الفلسطينية أنه اعتقل بسبب قتله لعسكري إسرائيلي قرب مدينة رام الله.
قضى نائل البرغوثي 34 عامًا متواصلاً في السجن، حيث كانت السلطات الإسرائيلية ترفض الإفراج عنه في عدة صفقات تبادل ومفاوضات مع الفصائل الفلسطينية.
وعن ذلك قال البرغوثي: “لو أن هناك عالم حرّ كما يدّعون، لما بقيت في الأسر حتى اليوم”.
كما اشتهر بمقولته: “شهدت تغيير باب المعتقل مرتين خلال اعتقالي، وكان السبب هو تلف الحديد، لكن معنوياتنا لم تتلف.”
وفي عام 2011، وافقت الدولة العبرية على إطلاق سراحه ضمن صفقة تبادل “جلعاد شاليط”، وبعدها تزوج بالأسيرة المحررة أمان نافع. لكن السلطات الإسرائيلية أعادت اعتقاله في حملة اعتقالات واسعة سنة 2014، وأصدرت بحقه حكمًا مدته 30 شهراً، ثم أعادت حكمه السابق وهو “المؤبد و18 عامًا” بعد انتهاء محكوميته، بذريعة وجود “ملف سري” لم تكشف عنه.
وفي فجر الخميس 27 فبراير 2025، أطلقت إسرائيل سراحه بشرط إبعاده إلى مصر، وذلك ضمن صفقة مبادلة تشمل 620 أسيرًا فلسطينيًا مقابل أربعة جثث إسرائيلية، حيث تم الإفراج عن البرغوثي مع أكثر من مئة أسير من ذوي والمؤبدات والأحكام العالية.