الشيخ/ أبو أحمد السيد الحسينى
إمام وخطيب بوزارة الأوقاف
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم، وبعد..
فلقد تحدثت معكم قبل ذلك عن بعض أهوال يوم القيامة، وما فيه من أهوال ومواقف، وقلت لك: هل فكرت يوماً أنك ستكون معهم؟
وهل تحب أن تدخل الجنة ؟
يالها من كلمة “الجنة”
يا ترى هل هى جنة واحدة أم أكثر من جنة ؟ وأين مكانها ويا ترى ما هى صفاتها ونعيمها ومن سيكون من عمارها؟.
فهاهم الصحابة رضوان الله عليهم ومن بينهم سيدنا حنظلة رضى الله عنه، فى يوم من الأيام كان جالسا بجوار حائط يبكى، فمر عليه سيدنا أبوبكر رضى الله عنه، فقال له ما يبكيك يا أخى؟ فقال له سيدنا حنظلة :
نكون عند رسول الله صلى الله عليه وسلم (فيذكرنا الجنة) والنار كأنها رأى عين . فهذا هو الشاهد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يحدث الصحابة عن الجنة.
فهيا بنا نعطر ألسنتنا ونشوق قلوبنا أرواحنا بالحديث عنها
هيا بنا نتعرف عليها من كلام ربنا ومن سنة نبينا صلى الله عليه وسلم
- فيا ترى هل هى جنة واحدة أم أكثر من جنة؟
مما لا شك فيه أن أهل الجنة يتفاوتون في النعيم في الجنان بحسب درجتهم فيها
قال الله فى سورة الرحمن
( وَلِمَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ جَنَّتَانِ . فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ . ذَوَاتَا أَفْنَانٍ )
وقال صلى الله عليه وسلم كما عند البخارى ومسلم من حديث أبى سعيد الخدري رضىالله عنه ( إِنَّ أَهْلَ الْجَنَّةِ يَتَرَاءَوْنَ أَهْلَ الْغُرَفِ مِنْ فَوْقِهِمْ كَمَا يَتَرَاءَوْنَ الْكَوْكَبَ الدُّرِّيَّ الْغَابِرَ فِي الْأُفُقِ مِنْ الْمَشْرِقِ أَوْ الْمَغْرِبِ لِتَفَاضُلِ مَا بَيْنَهُمْ قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ تِلْكَ مَنَازِلُ الْأَنْبِيَاءِ لَا يَبْلُغُهَا غَيْرُهُمْ قَالَ بَلَى وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ رِجَالٌ آمَنُوا بِاللَّهِ وَصَدَّقُوا الْمُرْسَلِينَ )
– أما عن مكانها
فدلنا عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم كما عند البخارى من حديث أبى هريرة رضي الله عنه
( إِذَا سَأَلْتُمُ اللَّهَ فَسَلُوهُ الفِرْدَوْسَ، فَإِنَّهُ أَوْسَطُ الجَنَّةِ ، وَأَعْلَى الجَنَّةِ ، وَفَوْقَهُ عَرْشُ الرَّحْمَنِ )
– أما عن صفاتها ونعيمها
فأعرنى قلبك
هل تعلم أن لها ثمانية أبواب؟ فاختر لنفسك من أي الأبواب تريد أن تدخل
- فيه ناس بتحب القصور والبيوت
هل تعلم أن فى الجنة بيوتا وقصورا تختلف اختلافا كليا عن بيوت وقصور الدنيا بس دى لمن قام بحق العبودية لله ولمن ترك الجدال وووو
اسمع كيف وصفها رسول الله صلى الله عليه وسلم
(الخَيْمَةُ دُرَّةٌ، مُجَوَّفَةٌ طُولُهَا في السَّمَاءِ ثَلَاثُونَ مِيلًا، في كُلِّ زَاوِيَةٍ منها لِلْمُؤْمِنِ أَهْلٌ لا يَرَاهُمُ الآخرون ) - فيه ناس بتحب اللباس والزينة
هل تعلم أن الجنة فيها لباس من أغلى وأفخم الموديلات ولكن ليس كمن هو الدينا
اسمع ماذا قال الله فى سورة الإنسان
عن أجمل الحليّ المصنوعة من الذهب والفضة واللؤلؤ (عَالِيَهُمْ ثِيَابُ سُندُسٍ خُضْرٌ وَإِسْتَبْرَقٌ )
– أما عن الناس إللى بيحبوا لبس الذهب والحلى
فهل تعلم أن الجنة فيها ولكن لمن امتثل أمر النبي صلى الله عليه وسلم في الدنيا ولم يلبسها أقصد من الرجال
إسمع فقد أخبر تعالى أن أهل الجنة يتزينون بأنواع من الحلي قال سبحانه وتعالى سورة فاطر ( جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَهَا يُحَلَّوْنَ فِيهَا مِنْ أَسَاوِرَ مِن ذَهَبٍ وَلُؤْلُؤًا وَلِبَاسُهُمْ فِيهَا حَرِيرٌ ).
قال سبحانه وتعالى في سورة الإنسان( وَحُلُّوا أَسَاوِرَ مِن فِضَّةٍ ).
- وأما عن أدوات الزينة من الأمشاط والروائح ففى الجنة أيضا
قال صلى الله عليه وسلم كما عند البخارى ومسلم.
أخبرنا النبي صلى الله عليه وسلم أن لهم أمشاطًا من الذهب والفضة وأنهم يتبخرون بعود طيب مع أن روائح المسك تفوح من أبدانهم فقال عليه الصلاة والسلام في ذكر صفة أهل الجنة: آنيتهم الذهب والفضة وأمشاطهم الذهب ورشحهم المسك.
- وهناك من يحب الطعام والشراب.
ففى الجنة أيضا طعام وشراب ليس كطعام أهل الدنيا إن طعام وشراب الدنيا فيه النافع والضار وفيه ما يُشتهى وما لا يُشتهى أما الجنة فشيءٌ آخر قال الله تعالى: (مَّثَلُ الْجَنَّةِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ فِيهَا أَنْهَارٌ مِّن مَّاءٍ غَيْرِ آسِنٍ وَأَنْهَارٌ مِّن لَّبَنٍ لَّمْ يَتَغَيَّرْ طَعْمُهُ وَأَنْهَارٌ مِّنْ خَمْرٍ لَّذَّةٍ لِّلشَّارِبِينَ وَأَنْهَارٌ مِّنْ عَسَلٍ مُّصَفًّى وَلَهُمْ فِيهَا مِن كُلِّ الثَّمَرَاتِ)
قال ابن عباس رضي الله عنه: في الخمر أربع صفات وهي السكر والصداع والقيء والبول، أما خمر الجنة فمنزّه عن هذه الصفات أما طعام الجنة ففيه ما تشتهيه الأنفس قال تعالى (وَفَاكِهَةٍ مِّمَّا يَتَخَيَّرُونَ وَلَحْمِ طَيْرٍ مِّمَّا يَشْتَهُونَ)
وأول طعام أهل الجنة زيادة كبد الحوت كما ورد عن النبي عليه الصلاة والسلام
وأشربتهم كذلك التسنيم كما قال الله فى سورة المطففين( وَمِزَاجُهُ مِن تَسْنِيمٍ )وهو أشرف شراب أهل الجنة
- ومن الناس من يحب الخدم
ففى الجنة أيضا خدم فماذا عن خدم الجنة؟
فهم في غاية النضارة والنعومة والجمال
يطوف هؤلاء الغلمان على أهل الجنة في كل وقت بأشهى الأشربة والأطعمةفي أجمل الأكواب والأباريق وهؤلاء مخلدون لا يبيدون ولا يكبرون ولا يتغيرون.
قال تعالى الله فى سورة الواقعة(يَطُوفُ عَلَيْهِمْ وِلْدَانٌ مُّخَلَّدُونَ بِأَكْوَابٍ وَأَبَارِيقَ وَكَأْسٍ مِّن معين )
وقال تعالى فى سورة الإنسان ( وَيَطُوفُ عَلَيْهِمْ وِلْدَانٌ مُّخَلَّدُونَ إِذَا رَأَيْتَهُمْ حَسِبْتَهُمْ لُؤْلُؤًا مَّنثُورًا
وقال تعالى( وَيَطُوفُ عَلَيْهِمْ غِلْمَانٌ لَّهُمْ كَ أَنَّهُمْ لُؤْلُؤٌ مَّكْنُونٌ )
- ومنهم من يحب النساء
ففى الجنة أيضا نساء ولكن لمن ترك الحرام في الدنيا.
ففى الجنة حور عين ونساء جميلات كالقمر ليلة البدر.
أماعن الحور جمع حوراء وهي المرأة الشابة الحسناء الجميلة نقية اللون والجلد لبياضها شديدة بياض العين وسوادها شديدة بياض البياض وشديدة سواد السواد وقد شبهن تعالى بأنهن كأمثال اللؤلؤ المكنون فقال تعالى فى سورة الواقعة ( وَحُورٌ عِينٌ كَأَمْثَالِ اللُّؤْلُؤِ المكنون )
واللؤلؤ المكنون هو المصون الذي لم يخرج من صدفه وهو في غاية الحسن والجمال والبهاء.
وقال صلى الله عليه وسلم كما عند البخارى من حديث أنس بن مالك رضي الله عنه (ولو أن امرأة من أهل الجنة اطلعت إلى أهل الأرض لأضاءت ما بينهما ولملأته ريحا ولنصيفها على رأسها خير من الدنيا وما فيها).
وحسبك شهادة لجمالهن الباهر وأنه بلغ الغاية في الحسن والمنتهى في الجمال أن الله شهد بهذا فقالفى في سورة الرحمن( فِيهِنَّ خَيْرَاتٌ حِسَانٌ)
أى فِيهِنَّ خَيْرَاتٌ الخلقة والأخلاق جمعن بين جمال الظاهر وجمال الباطن.
أما نساء الدنيا الصالحات القانتات الحافظات للغيب بما حفظ الله نساء أهل الدنيا من الصائمات القانتات الذاكرات لله كثيرًا فهن أفضل من الحور العين جمالاً وجلالاً وقدرًا وأخلاقًا.
- وأما عن صفات أهل الجنة
فلقد خلق الله أهل الجنة على صورة آدم عليه السلام.
خلقهم على أجمل الصفات وأكمل الهيئات إنهم على صورة آدم عليه السلام.
قال صلى الله عليه وسلم .
كما عند البخارى ومسلم .
(خلق الله عز وجل آدم على صورته طوله ستون ذراعًا) ثم قال (فكل من يدخل الجنة على صورة آدم وطوله ستون ذراعًا )
ومن صفات أهل الجنة جرد مرد مكحلون أبناء ثلاثة وثلاثين.
كما قال عليه الصلاة والسلام كما عند الإمام أحمد والترمذى (يدخل أهل الجنة الجنة جردًا والأجرد الذي لا شعر له في جسده مردًا وهو الذي لا لحية له مكحلين أبناء ثلاثين أو ثلاث وثلاثين سنة) .
وقال صلى الله عليه وسلم كما عند البخارى ومسلم (أول زمرة تدخل الجنة على صورة القمر ليلة البدر والذين على إثرهم كأشد كوكب إضاءة قلوبهم على قلب رجل واحد لا اختلاف بينهم ولا تباغض لكل امرئ منهم زوجتان يعني على الأقل كل واحدة منهما يرى مخ ساقها من وراء لحمها من الحسن يسبحون الله بكرة وعشيًا لا يسقمون ولا يمتخطون ولا يبصقون آنيتهم الذهب والفضة وأمشاطهم الذهب ووقود مجامرهم الألوة العود الذي يتبخر به ورشحهم عرقهم المسك ).
- أما عن حال قوتهم البدنية
فلقد قال صلى الله عليه وسلم كما عند الترمذى وغيره من حديث أنس بن مالك رضى الله عنه(يعطى المؤمن في الجنة قوة كذا وكذا من الجماع قيل يا رسول الله أو يطيق ذلك؟ قال يعطى قوة مائة ).
وفي حديث زيد بن أرقم مرفوعًا أيضاً كما عند الإمام أحمد وغيره قال( والذي نفسي بيده إن أحدهم ليعطى قوة مائة رجل في المطعم والمشرب والشهوة والجماع) .
أما عن الأصدقاء فى الجنة
ففيها أصدقاء ليس كأصدقاء الدنيا ليس عندهم غل ولا حسد ولاحقد فهم رفقاء لا يتكلّمون إلا الكلام الحسن والطيّب لأن الله تعالى نزع الحقد من نفوس أهل الجنة وأخرج الضغينة من قلوبهم قال تعالى (وَنَزَعنا ما في صُدورِهِم مِن غِلٍّ إِخوانًا عَلى سُرُرٍ مُتَقابِلينَ)
وبالجملة قال الله
( لَهُم مَّا يَشَاؤُونَ فِيهَا وَلَدَيْنَا مَزِيدٌ)
وأختم قائلا بكلام الله وكلام رسوله عن وصف الجنة وجمالها حتى يزداد العاشقون لها عشقا والمحبون لها حبا.
فهذا أبو هريرة رضي الله عنه يسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم
قائلا مم خلقت الجنة فقال من الماء قال فأخبرنا عن بناء الجنة فقال صلى الله عليه وسلم (لبنة من ذهب ولبنة من فضة وملاطها أي طينها المسك الأذفر وترابها الزعفران وحصباؤها اللؤلؤ والياقوت ومن يدخلها ينعم ولا ييأس ويخلد ولا يموت ولا تبلى ثيابه ولا يفنى شبابه) وصدق الله (إذا رأيت ثم رأيت نعيما وملكا كبيرا).
وقال صلى الله عليه وسلم(إن في الجنة شجرة يسير الراكب في ظلها مائة عام ولا يقطعها) اقرؤوا إن شئتم (وظل ممدود) وفي الجنة (ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر) اقرؤوا اقرؤوا إن شئتم(فَلا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ ).
(ولموضع سوط في الجنة خيرُ من الدنيا وما فيها) اقرؤوا إن شئتم (فَمَنْ زُحْزِحَ عَنْ النَّارِ وَأُدْخِلَ الجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ).
فهل اشتقت إليها وتريد أن تدخلها؟
بغير حساب ولا سابقة عذاب؟
إن قلت نعم فانتظر اللقاء القادم إن شاء الله لنعلم سويا من هم الذين يخلونهابغير حساب ولا سابقة عذاب