و كان عبدالله كلما إختنق من أعباء الحياة يذهب لوالده و يطلب منه أن يأخذه فى حضنه فكان هذا الحضن يعطيه قوة على أعباء الدنيا لكن هذه المرة عايش هو الذى طلب من عبدالله أن يأخذه فى حضنه و شعر عبدالله بأن والده على غير عادته و أقبل عبدالله على والده و أخذه بين أحضانه و شعر عبدالله بأن والده يمسك به بشدة كما شعر أن عايش يحتضنه بقوة كبيرة و كأنه عاد شاب من جديد و بينما كان الإثنان يتعانقان حتى شعر عبدالله بأن فى قطرات من الماء بدأت تنزل على صدر عبدالله و هنا إنتبه عبدالله إلى أن والده لم يعد يمسك به كما كان و هنا توقف قلب عايش عن النبض لقد صعدت روحه إلى خالقها لقد مات عايش مات و ترك عبدالله وحيداً مات من كان يعطيه القوة على متاعب الدنيا و تعالت صرخات عبدالله و كاد قلبه أن يتوقف عن النبض و ملأ اللون الاسود كل أنحاء الدنيا و إلتم أولاد عايش ليودعوه و يدخلوه قبره و كان الجميع حزين حتى أهل البلد فهو كان مثال للطيبة و الأخلاق الحسن و مضى على وفاة عايش ثلاثة أيام كان فيهم عبدالله فاقد الوعى لا يشعر بمن حوله و بدأ عبدالله يستعيد وعيه و بينما كان نائم على فراشه فسمع إحدى إخواته و هى تقول أنها تريد أن تذهب إلى بيتها لترعى أطفالها فقالت الثانية كيف نمشى و عبدالله هكذا و شعر عبدالله بأنه حمل ثقيل عليهم فتماسك و قال لهم فالتذهبوا إلى بيوتكم ثم قال أنه شفى تماماً و بالفعل عادوا إلى بيوتهم و لم يبقى معه فى الدار إلا محمد و كان عبدالله يعتبر أن محمد إبنه و ليس أخيه الصغير فكان يرعاه و يسهر على خدمته أثناء دراسته و كان عبدالله كلما شعر بضيق فى صدره يذهب إلى المكان الشاهد على حبه لحورية و يجلس وحده و يتحدث مع نفسه و كأن أحد يسمعه و يظل يحكى حتى يشعر بالراحة ثم يعود إلى الدار و يجلس مع ذكريات عايش هذا الأب الذى كان بالنسبة لعبدالله أب و أخ و صديق و مرت الأيام حتى أنهى محمد دراسته فى الجامعة و كان من الأوائل و تخرج بإمتياز و لهذا أعطته الجامعة منحة ليكمل دراسته خارج البلاد و كانت فرحة عبدالله بمحمد لا تقدر و ظل يسقى كل من يقابله الشربات فكان يشعر بأن نجاح محمد هو نجاحه هو شخصياً لكن ما كان يؤلمه أن محمد يسافر و يبعد عنه و قال محمد المنحة فرصة لا تعوض لكن السفر يحتاج لمصاريف إنتظروني