هِــمه أحْيَت أُُمــه بقلم الأديب المصـرى د. طــارق رضــوان
كثيراً ما حلمت بأن أكون ضابط بالقوات المسلحة.أحمى الحمى وأصوان الأعراض. وكثيرا ما
أصابتنى الغيرة ممن يؤدون دورهم فى الحياة بنجاح فى مختلف المهن، وقد يكون هذا هو الدافع لى
وسر نجاحى .فتلك غيرة حميدة.لكن الأمر يتطلب الإخلاص بين الفرد ونفسه أولا ثم بينه وبين
الناس لاحقاً. وكثيرا ما أصابنى الجنون ،كما سيظن أغلبكم، حين أخاطب سيارتى.نعم فهى صديقتى
الصدقوة الوفية.بيننا تناغم وتألف.أحكى لها فتسمعنى ،بل وتفهمنى .والأعجب أنى أفهم ما تهمس لى
به دون نطق أو لسان بشرى معهود. فكم من ألسنة لا تفقه ما تقول وكممن أحياء لالا يعقلون ما
ينطقون.لكننى يا كرام أخاطب سيارتى عن كل ما يدور بخيالى . وهى وحى لى حين تساعدنى فى
حل مشاكل عضال.
فأخبرتها عن الشباب وما يجب أن نفعله وكيف يمكننا أن نتكاتف كى نتقن تعليمهم وتربيتهم،
فأشارت علىّ برأى سديد وهو أن التغير يبدأ من الداخل : من نفسك اذا تغيرت النفس تغير كل شئ.
وأذا أنتظر أن يأتي شخص و يغير لك حياتك و يجبرك على ترك التدخين و ممارسة الرياضة و
الحلم فأبشر فسوف يطول أنتظارك .
دواؤك فيك وما تبصر وداؤك منك وما تشعرُ
وتزعم إنك جُرم صغير وفيك إنطوى العالم الأكبرُ
غير نفسك و سلوكك تتغير الحياة من حولك. وتذكرت قول الله عز وجل :” إِنَّ اللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ
حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ”. فسألتها وما الطريق للإخلاص والصدق مع النفس؟ فقالت أن لكل نجاح
خطوات تُتبع مثل أن ترتفع بمستوى طموحك. ولابد أن تعرف أماكن النقص في نفسك في كل
مجال (الإجتماعي – الصحي – المهنى – النفسي ……) و تكتبها في ورقة و تعالجها.
ويمر من أمامى مالكوم اكس ليدعم فكرتى قائلاً :” يجب أن نتعلم من الأطفال عدم الخجل من الفشل
, و أن نقوم و نعيد الكره , إن معظم الكبار يرزحون تحت الخوف و الحذر و يركنون إلى الأمان
ولذلك تجدهم مجفلين و خائفين و لذلك يفشل أكثرهم ”. و يتبعه هنري لنك،ماراً بخيالى، فيقول في
كتابه “العودة الى الايمان “: ” أن من يعتنق دينا أو يتردد على دار عباده يتمتع بشخصية أقوى
وأفضل ممن لا دين له و لا يزاول عبادة”.
قال ابن المُقَفَّع رحمه الله :” وعلى العاقل أن يحصي على نفسه مساوئها في الدين , وفي الأخلاق
وفي الآداب، فيجمع ذلك كله في صدره أو في كتاب , ثم يكثر عرضه على نفسه , و يكلفها
إصلاحها , و يوظف ذلك عليها توظيفا من إصلاح الخلة أو الخلتين في اليوم , أو في الجمعة , أو
في الشهر , فكلما أصلح شيئا محاه , و كلما نظر إلى محو إستبشر , و كلما نظر إلى مثبت إكتأب
“.
وبالبحث في سير العظماء وجدت أن أكبر صفة مشتركة بينهم هي الإيجابية .فتجد فى
سيرةالصحابة أن كل منهم يبحث عن دوره فيعرفه ويتقنه. وها هو حباب بن المنذر يقترح المكان
المناسب في بدر و سلمان الفارسي يقترح حفر الخندق و خالد بن الوليد يأخذ الرايه و هو جندي في
مؤته فينتصر و يأخذ وسام “سيف الله” و يأتى صحابي اسمه تميم الداري فينير المسجد النبوي
فيدعو له النبي.
إن الإيجابي عُمله نادره به تحيا الأُمم و رب همه أحيت أمه. وهذا ما رصدته من شاعرنا المصرى
معبرا ً عن قوة وبسالة القوات المسلحة المصرية فى مواجهة الإرهاب وتحديات العصر، وهذا ما
نريد أن نربى شبابنا عليه من قوة وحماسة ونهضة:
و إحنا مش بتوع حداد أحنا نار تحت الرماد
إحنا صخر ميتكسرش و كل ضربة يزيد ثبات
منسي حي ميتنسيش بعد أرضي خلاص مفيش
منسي ١٠٠ مليون يموتوا و البلد دي متنحنيش.
يقول محمد على كلاي
What keeps me going is goals. It’s the repetition of affirmations that
leads to belief. And once that belief becomes a deep conviction,
things begin to happen.
مايجعلني استمر هي اهدافي. فالتكرار يؤدي إلى الإعتقاد من ثم يتحول إلى قناعة التي بدورها تبدأ
في التحقق.
و تأمل في سورة الشمس (وَالشَّمْسِ وَضُحَاهَا(1)وَالْقَمَرِ إِذَا تَلاهَا(2)وَالنَّهَارِ إِذَا جَلاهَا(3)وَاللَّيْلِ إِذَا
يَغْشَاهَا(4)وَالسَّمَاءِ وَمَا بَنَاهَا(5)وَالأَرْضِ وَمَا طَحَاهَا(6)وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا(7)فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا
وَتَقْوَاهَا(8)قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا(9)وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا) .
أقسم الله على شئ واحد عشرة أقسام لبيان عظم هذا الموضوع و هو تزكية النفس فدل على أن
الإنسان يُزكي و يُربي نفسه و قد يُضل نفسه و يفسدها.
عاب الله على المنافقين انهم لم يريدوا الجهاد و قال بأنهم لو أرادوا الجهاد و جعلوا هدفهم الجهاد
لبعثهم هذا الهدف على الاستعداد (وَلَوْ أَرَادُوا الْخُرُوجَ لأَعَدُّوا لَهُ عُدَّةً وَلَكِنْ كَرِهَ اللَّهُ انْبِعَاثَهُمْ فَثَبَّطَهُمْ
وَقِيلَ اقْعُدُوا مَعَ الْقَاعِدِينَ) التوبة. وتحديد الهدف للشباب وعزيمتهم هو سر النجاح فالأنبياء هدفهم
محدد (إن أُرِيدُ إِلَّا الْأِصْلاحَ مَا اسْتَطَعْتُ وَمَا تَوْفِيقِي إِلَّا بِاللَّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ)(هود: 88(.
و جدير بالذكر ما قاله الأصمعي فى قصة جميلة توضح تحديد الهدف عند أربعه من الصحابة :
عن عبد الرحمن بن أبي زناد، عن أبيه قال: إجتمع في الحجر مصعب، وعروة، وابن الزبير، وابن
عمر. فقال عبد الله بن الزبير: أما أنا فأتمنى الخلافة. وقال عروة: أما أنا فأتمنى أن يؤخذ عني
العلم. وقال مصعب: أما أنا فأتمنى إمرة العراق والجمع بين عائشة بنت طلحة وسكينة بنت الحسين.
وقال عبد الله بن عمر: أما أنا فأتمنى المغفرة. قال: فنالوا كلهم ما تمنوا، ولعل ابن عمر قد غفر الله
له.
بينما يندب الشاعر الشيب قائلاً:
بكيت على الشباب بدمع عيني…… فلم يغن ِ البكـاء ولا النحــيب
فيــا أسـفاً أسـفت عـلى شباب…… نعاه الشيب والرأس الخضيب
عريت على الشباب وكان غــضاً…كمــا يعــرى الـورق القــضيب
أيــا لــيت الشـباب يعود يومــاً……لأخــبره بمـا فعــل المشــيب
و كان محمد الفاتح يقول” حسنآ عن قريب سيكون لي فى قسطنطينيه عرش او يكون لي فيها قبر”.
واضاف ( إن لي قلباً كالصخر لا يهدأ حتى أحقق ما أريد ، ولي عين دامعة من خشية الله ، فكيف
لا أحقق ما أريد) !
وللهدف صفات ان لم توجد كان خيالا أو أُمنية:
أختر هدفا واقعيا و ملائما لقدراتك. حدد وقت لتحقيق الهدف والإنتهاء منه.يجب أن يمثل الهدف
حاجتك المادية والإجتماعية و العقلية. ويجب بالطبع أن يكون الهدف خالي من المنكرات الشرعية.
كان في مجلس الإمام مالك بن أنس رحمه الله تعالى ، جماعة يأخذون عنه العلم ، فقال قائل : قد
حضر الفيل .فخرج أصحابه كلهم للنظر إليه إلا يحيى بن يحيى الليثي الأندلسي ، فإنه لم يخرج
.فقال له مالك : لمَ لمْ تخرج لترى هذا الخلق العجيب فإنه لم يكن ببلادك ؟!.فقال : إنما جئت من
بلدي لأنظر إليك ، وأتعلم من هديك وعلمك ، ولم أجئ لأنظر إلى الفيل.فأعجب به مالك رضي الله
تعالى عنه ، وسماه عاقل أهل الأندلس ، ثم إن يحيى عاد إلى الأندلس، وانتهت إليه الرئاسة بها
وأخيراً وبعدما يصبر المرء على الشيء الذي يريده ويربي فيه إرادته، يصبح عادة يأتي به من غير
عناء كبير؛ فالإنسان الفاضل الذي إعتاد الإتيان بالأعمال الفاضلة كالإنسان الشرير الذي إعتاد أن
يأتي بالأعمال الشريرة، كلاهما تصدر عنه الأعمال في يسر وسهولة، وليس من فرق بينهما إلا أن
الأولَ وجه إرادته وعوَّدها أعمالاً صالحة، والثاني وجه إرادته وعوَّدها أعمالاً سيئة.
“فَأَعْرِضْ عَنْ مَنْ تَوَلَّى عَنْ ذِكْرِنَا وَلَمْ يُرِدْ إِلَّا الْحَيَاةَ الدُّنْيَا (29) ذَلِكَ مَبْلَغُهُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ
أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اهْتَدَى” (30) (النجم).