بقلم د/ محمد بركات
الحمد لله رب العالمين، وصلاة وسلاما على المبعوث رحمة للعالمين سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين وبعد:، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
حبا الله نبينا محمد ﷺ بالجانب الأعظم من المحبة في جميع خلقه ، وأوجد الله له من الصفات والأخلاق ما زكاه علي جميع خلقه فقال
وصَفَ الله -تعالى- في القرآن الكريم خُلق نبيّه -عليه السّلام- بأنَّه عظيم، فقال -سبحانه وتعالى-: (وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ) (سورة القلم، الآية:4 ).
يقول الله تعالى:
{ وَوَضَعْنَا عَنكَ وِزْرَكَ }
(سورة الشرح، الآية : 2)
جاء في تفسير الإمام القرطبي شيخ المفسرين وإمامهم رحمه الله تعالى:
قوله تعالى : ووضعنا عنك وزرك أي حططنا عنك ذنبك .
وقرأ أنس ( وحللنا ، وحططنا ) .
، وقرأ ابن مسعود : ( وحللنا عنك وقرك ) .
هذه الآية مثل قوله تعالى : ليغفر لك الله ما تقدم من ذنبك وما تأخر .
قيل : الجميع كان قبل النبوة . والوزر : الذنب أي وضعنا عنك ما كنت فيه من أمر الجاهلية ; لأنه كان – صلى الله عليه وسلم – في كثير من مذاهب قومه ، وإن لم يكن عبد صنما ولا وثنا .
قال قتادة والحسن والضحاك : كانت للنبي – صلى الله عليه وسلم – ذنوب أثقلته فغفرها الله له الذي أنقض ظهرك أي أثقله حتى سمع نقيضه أي صوته .
وأهل اللغة يقولون : أنقض الحمل ظهر الناقة : إذا سمعت له صريرا من شدة الحمل . وكذلك سمعت نقيض الرحل أي صريره .
قال جميل :
وحتى تداعت بالنقيض حباله وهمت بواني زوره أن تحطما
بواني زوره : أي أصول صدره . فالوزر : الحمل الثقيل . قال المحاسبي : يعني ثقل الوزر لو لم يعف الله عنه – الذي أنقض ظهرك أي أثقله وأوهنه . قال : وإنما وصفت ذنوب ، الأنبياء بهذا الثقل ، مع كونها مغفورة ، لشدة اهتمامهم بها ، وندمهم منها ، وتحسرهم عليها .
، وقال السدي : ووضعنا عنك وزرك أي وحططنا عنك ثقلك . وهي في قراءة عبد الله بن مسعود ( وحططنا عنك وقرك ) .
وقيل : أي حططنا عنك ثقل آثام الجاهلية .
قال الحسين بن المفضل : يعني الخطأ والسهو . وقيل : ذنوب أمتك ، أضافها إليه لاشتغال قلبه . بها .
وقال عبد العزيز بن يحيى وأبو عبيدة : خففنا عنك أعباء النبوة والقيام بها ، حتى لا تثقل عليك .
وقيل : كان في الابتداء يثقل عليه الوحي ، حتى كاد يرمي نفسه من شاهق الجبل ، إلى أن جاءه جبريل وأراه نفسه وأزيل عنه ما كان يخاف من تغير العقل . وقيل : عصمناك عن احتمال الوزر ، وحفظناك قبل النبوة في الأربعين من الأدناس حتى نزل عليك الوحي وأنت مطهر من الأدناس .
وقوله تعالى:
{ الَّذِي أَنقَضَ ظَهْرَكَ }
(سورة الشرح ، الآية: 3)
أي أثقله وأوهنه .
قال : وإنما وصفت ذنوب , الأنبياء بهذا الثقل , مع كونها مغفورة , لشدة اهتمامهم بها , وندمهم منها , وتحسرهم عليها .
{ وَرَفَعْنَا لَكَ ذِكْرَكَ }
(سورة الشرح ، الآية: 4)
قوله تعالى :
ورفعنا لك ذكرك
قال مجاهد : يعني بالتأذين .
وفيه يقول حسان بن ثابت :
أغر عليه للنبوة خاتم من الله مشهود يلوح ويشهد وضم الإله اسم النبي إلى اسمه
إذا قال في الخمس المؤذن أشهد
، وروي عن الضحاك عن ابن عباس ، قال : يقول له لا ذكرت إلا ذكرت معي في الأذان ، والإقامة والتشهد ، ويوم الجمعة على المنابر ، ويوم الفطر ، ويوم الأضحى : وأيام التشريق ، ويوم عرفة ، وعند الجمار ، وعلى الصفا والمروة ، وفي خطبة النكاح ، وفي مشارق الأرض ومغاربها . ولو أن رجلا عبد الله جل ثناؤه ، وصدق بالجنة والنار وكل شيء ، ولم يشهد أن محمدا رسول الله ، لم ينتفع بشيء وكان كافرا . وقيل : أي أعلينا ذكرك ، فذكرناك في الكتب المنزلة على الأنبياء قبلك ، وأمرناهم بالبشارة بك ، ولا دين إلا ودينك يظهر عليه .
وقيل : رفعنا ذكرك عند الملائكة في السماء ، وفي الأرض عند المؤمنين ، ونرفع في الآخرة ذكرك بما نعطيك من المقام المحمود ، وكرائم الدرجات .
اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيراً وكن بنا وبالمؤمنين رؤوفا رحيما.
تابعنا على