بقلم د/ محمد بركات
الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام علي المبعوث رحمة للعالمين سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين وبعد:
فلا يتملككم اليأس مهما اشتد الخطب واستحكم العسر ، فالله تبارك وتعالي يحوّل من السيء إلي الحسن ، ومن الحسن إلي الأحسن.
أنتم مهما بلغتم أم سيدنا رسول الله ﷺ الذي واجه الدنيا مجتمعة عليه، ونصره الله وأيده بما علم من صدق قلبه وقالبه.
، ثم الصحب الكريم الذين صحبوه وتعلموا بين يديه، كلما ضاقت بهم الأرض ، واستحكم اليأس من أنفسهم علموا أن فرج الله قريب، وهو لدعائهم مجيب.
اليسر وليد لحظة، والفرج وليد لحظة، والنصر وليد لحظة.
، وفي لحظة يغير الله الدنيا وما فيها.
يقول الله تعالى:
﴿حَتَّىٰ إِذَا اسْتَيْأَسَ الرُّسُلُ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُوا جَاءَهُمْ نَصْرُنَا فَنُجِّيَ مَن نَّشَاءُ ۖ وَلَا يُرَدُّ بَأْسُنَا عَنِ الْقَوْمِ الْمُجْرِمِينَ﴾ (سورة يوسف ، الآية:110)
جاء في تفسير الإمام ابن كثير رحمه الله:
وهنا يخبر تعالى أن نصره ينزل على رسله ، صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين ، عند ضيق الحال وانتظار الفرج من الله تعالى في أحوج الأوقات إلى ذلك ، كما في قوله تعالى : ( وزلزلوا حتى يقول الرسول والذين آمنوا معه متى نصر الله ألا إن نصر الله قريب ) [سورة البقرة، الآية : 214 ] ، وفي قوله : ( كذبوا ) قراءتان ، إحداهما بالتشديد : ” قد كذبوا ” ، وكذلك كانت عائشة – رضي الله عنها – تقرؤها ، قال البخاري :
،حدثنا عبد العزيز بن عبد الله ، حدثنا إبراهيم بن سعد عن صالح ، عن ابن شهاب قال : أخبرني عروة بن الزبير ، عن عائشة قالت له وهو يسألها عن قول الله : ( حتى إذا استيئس الرسل ) قال : قلت : أكذبوا أم كذبوا ؟ فقالت عائشة : كذبوا . فقلت : فقد استيقنوا أن قومهم قد كذبوهم فما هو بالظن ؟ قالت : أجل ، لعمري لقد استيقنوا بذلك . فقلت لها : وظنوا أنهم قد كذبوا ؟ قالت معاذ الله ، لم تكن الرسل تظن ذلك بربها . قلت : فما هذه الآية ؟ قالت : هم أتباع الرسل الذين آمنوا بربهم وصدقوهم ، فطال عليهم البلاء ، واستأخر عنهم النصر ، ( حتى إذا استيئس الرسل ) ممن كذبهم من قومهم ، وظنت الرسل أن أتباعهم قد كذبوهم ، جاءهم نصر الله عند ذلك .
وصدق القائل:
”إن لكل شدة مُدة، ولكل ضيقٍ مُتسع،
هكذا هي الحياة يتعاقبُ فيها نهارٌ مُضيء
وليل مُظلم
تارةً يُخالجك الألم،
وتارة يُصالحك الأمل،
واللَّه دومًا في هذه وفي تلك معك
فالحمد لله في السراء وإن قصُرت
والحمد لله في الضراء وإن طالت.”
اللهم نصرك الذي وعدت يا أرحم الرّاحمين.