المقالات والسياسه والادب
ونس القلب كتبت/د/ شيماء صبحى

في ناس كتير بتمشي في الدنيا دي ووشها للناس، بس قلبها فاضي… فاضي من الأنس، فاضي من الونس، فاضي من اللي يطبطب عليه من غير ما يطلب، ومن اللي يحس بيه من قبل ما يتكلم.
الواحد ممكن يكون ناجح، وعنده شغل، وفلوس، ومعارف، ورايح جاي وسط الزحمة، بس أول ما يرجع بيته، يحس إنه تايه… ناقصه حد، مش أي حد… ده حد يونس قلبه، يسمعه من غير ما يحكم، يطبطب على وجعه من غير ما يحرجه.
الأنس الحقيقي مش في الكلمة الحلوة وبس، الأنس في اللي يحس بيك وانت ساكت، اللي يعرف تعبك من عيونك، مش من حكاياتك. اللي لما تكون الدنيا ماشية ضده، يكفيك إنه فيها… وجوده لوحده أمان، حتى لو مفيش حلول.
الونس مش في العدد، مش في أصحاب كتير ولا لمّة كبيرة… الونس في شخص واحد، تحس وانت معاه إنك مش لوحدك في المعركة، حتى لو ما بيعملش حاجة، وجوده بس بيريّح قلبك.
الونس مش شرط يكون حبيب، ولا زوج، ممكن يبقى صاحب، ممكن يبقى أخ، ممكن تكون أم، أو حتى شخص غريب قلبه على قلبك، ربنا بعته في وقتك الصح.
واللي جرب الونس الحقيقي، عمره ما يرضى يعيش من غيره تاني. بيبقى فاهم الفرق ما بين اللي بيكلمه عشان مصلحة، واللي بيسأل عليه عشان خايف عليه. الفرق ما بين اللي بيقعد معاه عشان يتسلى، واللي بيقعد معاه عشان يطمن.
أصعب حاجة في الدنيا إنك تكون لوحدك وانت وسط الناس… تحس إنك بتضحك بس من جوه مكسور، بتتكلم بس جواك صامت، بتتحرك بس روحك واقفة مكانها.
علشان كده، لما ربنا يرزقك بأنيس للقلب… امسك فيه، وصونه، واشكر ربنا عليه. الأنس رزق، زي الصحة، وزي الفلوس، بس أندر. لأن الناس كلها بتدور على اللي يشغل وقتها، مش اللي يونس روحها.
وساعات الونس ده بيجي بعد صبر طويل، بعد خيبات، بعد ناس سابتك في نص الطريق، بعد مواقف كسرتك. بس لما ييجي، تحس إنك اتعالجت، وإنك رجعت تعيش من تاني.
ولو لسه ماجاش، ما تيأسش… ربنا دايمًا بيبعت لكل قلب ونسه، بس في وقته، في أحسن توقيت، يمكن بس لازم تروق الأول، وتهدى، وتعرف قيمة نفسك، علشان لما ييجي الونس، تكون جاهز تحتفظ بيه.
في الآخر…
الونس مش رفاهية، ولا لحظة حلوة وخلاص… الونس دواء، واللي قلبه تعبان، ملوش علاج غير إن حد يحس بيه بصدق، من غير حسابات، من غير شروط.


