بقلم د/ محمد بركات الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام علي المبعوث رحمة للعالمين سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين وبعد: فإن القرآن الكريم هداية وسعادة لمن تمسك به ، وهو أصل النجاة والنجاح في كل زمان وفي هذا الزمان، فكلما كثرت الفتن وظهرت بوجوهها وأوجهها وأركانها في كل وقت كانت العصمة بذلك الكتاب الذي لا ريب فيه هدي للمتقين. ،يقول الله تعالي: ﴿أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَىٰ قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا﴾ (سورة محمد ، الآية:24) هل يمكن أن تصل بعض القلوب إلي هذا الوصف، نعم وبلا أدني مزايدة في الوصف. فالقلب إذا لم يتحرك من داخله عند سماع الآيات ويفطن لها جيداً ويعمل بمقتضي ما قرأ وسمع وفهم فقل عليه وعلي صاحبه السلام وأي سلام؟! ويقول اللّه عزَّ وجلَّ: ﴿ يَسْأَلُهُ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ۚ كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ ﴾.(سورة الرحمن، الآية : ٢٩ ] جاء في تفسير الإمام السعدي رحمه الله: أي: هو الغني بذاته عن جميع مخلوقاته، وهو واسع الجود والكرم، فكل الخلق مفتقرون إليه، يسألونه جميع حوائجهم، بحالهم ومقالهم، ولا يستغنون عنه طرفة عين ولا أقل من ذلك، وهو تعالى { كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ } يغني فقيرا، ويجبر كسيرا، ويعطي قوما، ويمنع آخرين، ويميت ويحيي، ويرفع ويخفض، لا يشغله شأن عن شأن، ولا تغلطه المسائل، ولا يبرمه إلحاح الملحين، ولا طول مسألة السائلين، فسبحان الكريم الوهاب، الذي عمت مواهبه أهل الأرض والسماوات، وعم لطفه جميع الخلق في كل الآنات واللحظات، وتعالى الذي لا يمنعه من الإعطاء معصية العاصين، ولا استغناء الفقراء الجاهلين به وبكرمه، وهذه الشئون التي أخبر أنه تعالى كل يوم هو في شأن، هي تقاديره وتدابيره التي قدرها في الأزل وقضاها، لا يزال تعالى يمضيها وينفذها في أوقاتها التي اقتضته حكمته، وهي أحكامه الدينية التي هي الأمر والنهي، والقدرية التي يجريها على عباده مدة مقامهم في هذه الدار، حتى إذا تمت [هذه] الخليقة وأفناهم الله تعالى وأراد تعالى أن ينفذ فيهم أحكام الجزاء، ويريهم من عدله وفضله وكثرة إحسانه، ما به يعرفونه ويوحدونه، نقل المكلفين من دار الابتلاء والامتحان إلى دار الحيوان. ، وفي قولِ الله تعالى: {يسأله من في السماوات والأرض} مِن الإنسِ والجِنِّ والملائكةِ وكلِّ المخلوقات، {كل يوم هو في شأن} وفي هذا حَفَاوةٌ بالدعاءِ والسؤال، والتَّعَرُّضُ لنَفَحاتِ ذي الجلال، فإنها مَظِنَّةُ تعجيلِ التبديلِ والتغيير. نعم إنه التدبر المطلوب والمرغوب . فتدبَّرِ القرآن إن رمتَ الهدى فالعلم تحت تدبُّر القرآنِ اللهم حسن العلم وحسن العمل وحسن الفهم وحسن التدبر لآياتك يا أرحم الرّاحمين.