ھل تواجهة حماس مأزقا تاریخیا؟
عبده الشربيني
تستنفر حماس كلّ مقدّراتھا المالیة في محاولات السیطرة على فیروس الكورونا في
قطاع غزّة التابع لھا سیاسیا، وھو ما یضع ھذه الحركة في
أزمة اقتصادیة لعلّھا الأكبر منذ سنوات طویلة وربّما
عقود.
المعروف أنّ موارد حركة حماس محدودة، وتعوّل
بالأساس على دعم الدّول المانحة كإیران وتركیا، فما الذي
اختلف الآن ووضع حماس أمام مأزق مالي ؟
تشیر تقاریر صحفیة إلى وجود توتّر بین بعض الجھات
التركیة وحركة حماس بسبب اتھامھا ھذه الحركة بنشر
فیروس كورونا في إسطنبول تحدیدا، ویتحدث البعض
الآخر عن تباین كبیر في وجھات النظر بین الطرفین ممّا
قد ینعكس سلبا على مستقبل العلاقات بین الطرفین خاصّة
وأن ھناك من یتحدّث عن تشكیل حماس عائقا استراتیجیا
على تقدم تركیا نظرا لأعداء الحركة الكُثر في المنطقة
والعالم.
من ناحیة أخرى، تحدّث مواطنون في قطاع غزة عن
ضرورة إعادة النظر في علاقة حماس بإیران وتركیا في
ظل استمرار تفشّي فیروس كورونا المستجد في المنطقة
وفي جمیع بقاع الأرض المعمورة بالسكان.
ھناك أسباب واضحة تدعو لھذه المراجعات. مثلا لم یتلقى
رئیس المكتب السیاسي لحماس إسماعیل ھنیة ردّا إلى
الآن على طلب الذي أرسلھ قبل أیام إلى طھران بشأن
الحصول على منحة مالیة، إذ یبدو أنّ إیران منشغلة بأمورھا الداخلیة، وذلك وفق مصادر مطّلعة لھا علاقة
بحركة فتح. كما تُعتبر إیران منطقة موبوءة من المستوى
الأول، ونظرا للعلاقات المتینة بین طھران وحماس تتعامل
دول المنطقة مع فلسطینیّي غزة بتحفّظ إذ تُلزمھم بالحجر
الصحّي وتجبرھم على الرحیل إلى غزة.
تركیا ھي الأخرى تعزف عن دعم حركة حماس كما
جرت علیھ العادة، الأمر الذي استغربھ الكثیر خاصّة وأنّ
للطرفین تاریخا عریقا من العلاقات الثنائیة الجیّدة.
حماس في مأزق تاریخي مزدوج، من جھة تواجھ فیروسا
خطیرا قد یقلب الأوضاع رأسا على عقب في القطاع
ویخطف أرواح المئات والآلاف، ومن جھة ثانیة تعیش
شحّا كبیرًا في الموارد المالیة وربما توترا في العلاقات مع
الحلفاء التاریخیّین. لا تزال الأزمة في عنفوانھا وما زال
الحدیث مبكرا بعض الشيء. الأمر الوحید المؤكد أن
حماس بعلاقاتھا لن تكون ھي نفسھا
بعد الكورونا.