أنت الصندوق وأنت السر

أنتَ الصندوق وأنتَ السر
بقلم: نور شاكر
يا سري الدفين، يا صندوقي الذي يحويك كما يحوي الليل نجومه
لم يكن الصندوقُ خشبًا ولا ورقًا؛ كان وعاءً لروحك التي خبأتها في، وحِصنًا يضمّ حبّي الذي لم أُفصح به يومًا، لا لقلبٍ سواك، ولا حتى لقلبك أنت
احتفظتُ بك في روحي قبل أن أزجّك في هذا الصندوق، وأحكم عليك أبد الآبدين وحين تنهشني خناجرُ الحنين، أعود إليه أتلمَّسُ بقاياك: غلاف الشوكولاتة الذي اشتريتَه لي ذات يوم،
ما زال شاهدًا صامتًا بين طيّاته، ومسودة الورقة القديمة التي كتبتها يومًا ما تزال تُخفي حروفك المرتعشة: “إذا هُجرتُ، فمن لي؟”
واليوم، أجدني أُعيد السؤال نفسه في غيابك المطبق:
إن هجرتَ، وإن بَعُدتَ، وإن جَفوتَ… فمن لي بعدك سوى هذا الصندوق؟
لقد رحلتَ الآن؛ لا حبٌّ بيننا ولا حرب، مجرّد هدنةٍ باردة يحكمها البعد
ولعلّها الأفضل… غير أنّ قلبي، يا سيّدي، ما زال بشوقٍ يتفطَّر ولا يهدأ.
قلبي بشوقٍ يتفطّرُ
كغصنٍ يابسٍ يتلهّفُ للمطر
يصرخُ من بين أضلعهِ الحنين
ويذوبُ على أطراف الليالي الطويلة
كم سافرتُ بدمعةٍ لم تَبرحْ وجنتي
وكم كتبتُ اسمكِ على أوراق الريح
علّها تحملني إليكِ
أو تعيدُ صدى أنفاسكِ إليّ
أيُّها الغائبُ القريب
أما ترى أنّ قلبي موقدٌ لا يخمد؟
يشعلُهُ ذكركَ كلّ مساء
ويطفئهُ غيابك كالجمر تحت الرماد
لو تعلمُ كم أنا مشتاقة
لأدركتَ أن الشوقَ ليس كلمة
بل جرحٌ يتفطّرُ في القلب
ويُزهرُ منه شعرٌ لا يموت



